المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية: "حوار طرشان بأجواء لطيفة"

المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية:
"حوار طرشان ولكن بأجواء لطيفة" هكذا وصف المعلق السياسي في صحيفة معريف، بن كاسبيت، المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. ويؤكد في تقرير نقل فيه بعض ما يدور في جلسات المفاوضات، أن الفجوات في المواقف شاسعة، إلى درجة أنها غير قابلة للجسر. ولا يخفي استغرابه من تلك الأجواء اللطيفة في المفاوضات بالرغم من الهوة الشاسعة في المواقف.

وينقل عن رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني، أحمد قريع، بعض التساؤلات خلال جلسة مفاوضات بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس. "كيف يمكن ذلك"، يسأل أبو علاء رايس، "أن إسرائيل أعادت سيناء للمصريين حتى الإنش الأخير وتعهدت بإعادة الجولان للسوريين حتى آخر إنش، وانسحبت من لبنان حتى الإنش الأخير، حتى أن حزب الله غير مستعد للتنازل عن مزارع شبعا. ووقعت مع الأردن اتفاق سلام تم بموجبه الانسحاب حتى الإنش الأخير، ونحن الفلسطينيون فقط، الذين لم نشارك في حرب عام 1967، نحن فقط ندفع ثمن تلك الحرب من جيوبنا، وجيوبنا فارغة".
لم تجب الوزيرة الأمريكية، وأجابت تسيبي ليفني بدلا منها: " المشكله معكم"، قالت لأبو علاء "أنه في عام 1967 لم تكونوا موجودين. لم تكن دولة فلسطين. كانت الأردن". أبو علاء قال مقاطعا: " حسنا، أعيدوا الأراضي للأردن. حتى الإنش الأخير، نظيفة من المستوطنات، ليس لدينا مشكلة في ذلك".

ويضيف بن كاسبيت أن أبو علاء يقترح اختيار قضيتين من القضايا الجوهرية وبحثها في الطواقم المهنية من أجل تقليص الفجوات. ثم يتم نقلها لليفني وله لتقليص الفجوات قدر الإمكان ثم تنقل لأولمرت وأبو مازن وبدورهما يحاولان تقليص مزيد من الفجوات. وفي نهاية المطاف تنقل النتائج للأمريكيين للجسر بين الموقفين . بحيث يتم كل أسبوع بحث قضيتين جوهريتين أخريتين

ويتساءل بن كاسبيت: ماذا جنى أبو علاء من ذلك؟ هو يعرف أن التسوية بعيدة. والفجوات شاسعة. سيجني من كل ذلك صياغات. وربما اعتراف أمريكي بما تم تحقيقه حتى الآن. وثيقة ملزمة، جامعة للجهود. وذلك تحسبا من سقوط أولمرت. وذلك من أجل الحفاظ عل الاستمرارية، بحيث يكون ممكنا استئناف المفاوضات السنة المقبلة، كما يقول أبو علاء.

وحسب بن كاسبيت: يأخذ الفلسطينيون في الحسبان أن أولمرت يفضل المسار السوري. وحسب معلومات وصلت إلى رام الله من زيارات الأسد للإمارات العربية المتحدة، فإن الرئيس السوري قال لمضيفيه: إن علاقاتنا مع إيران لن تكون أبدا على حساب علاقاتنا مع العالم العربي". ويفسر الفلسطينيون ذلك بأن دمشق ستكون على استعداد لتبريد محورها مع إيران مقابل ثمن إسرائيلي مناسب. ويقولون في رام الله إن أولمرت قد يفضل المسار السوري وقد يسعى لتفعيل هذا المسار خلال شهرين.

ويضيف بن كاسبيت: يتابع الفلسطينيون عن كثب الوضع السياسي الإسرائيلي. هل سيبقى أولمرت؟- فهو يقول لهم نعم أنه سيبقى. ولكنهم يفهمون من حديث ليفني، أنه كما يبدو لن يبقى. وفي الأحاديث العادية الشخصية السرية من نوع حديث النميمة تلمح لهم أنها ستفوز في الانتخابات التمهيدية في "كاديما". وبكلمات أخرى، ستجري معهم مفاوضات. ليست كوزيرة خارجية بل كرئيسة للوزراء. ليفني تنفي بشدة. والفلسطينيون يتقبلون ذلك بمشاعر مختلطة، فمن ناحية هي ليست سهلة معهم، صعبة المراس، ومن ناحية أخرى، موفاز ونتنياهو أكثر صعوبة.

ارئيل غير واردة في الحسبان.
ويتابع: الفجوات شاسعة في قضية الحدود، مثلا، ليفنبي تقترح مساحة 92% من الضفة الغربية. ولكن الفلسطينيين على استعداد للتفاوض على 98% وذلك مقابل تبادل أراض. ويقول أبو علاء: " لن يكون اتفاق بوجود أرئيل ومعليه أدوميم، وكل الجيوب الكبيرة في قلب منطقتنا". و يفتح الخرائط الكبيرة، والصور الجوية المحتلنة، ويشير إلى البقع الزرقاء في قلب القدس. بسغات زئيف، معليه أدوميم، جبل أبو غنيم، وكل باقي الأحياء اليهودية الكبيرة التي انتشرت منذ عام 1967. ويتساءل: "كيف سنتعايش مع كل ذلك في قلب منطقتنا؟. ويتابع: "نحن على استعداد للتبادل على طول الخط الأخضر. تصليحات بسيطة لهنا وهناك. فلا مشكلة في ذلك. ولكن أرئيل، والتي تتغلغل عميقا داخلناـ وكل ما تطلقون عليه محيط القدس، بما في ذلك معاليه أدوميم، إي1 وكل الباقي؟ هذا غير وارد في الحسبان.

ويضيف بن كاسبيت: وحينما يقولون لأبو علاء أنه لا يوجد قائد إسرائيلي يمكنه تفكيك أرئيل، يقول لهم: لا يوجد قائد فلسطيني يمكنه قبول أرئيل. لذلك الاتفاق بعيد. وكل ذلك قبل الحديث عن القدس واللاجئين. أبو علاء يقول لاولمرت: " بعد ثلاثين سنة استطعنا إقناع شعبنا بحل الدولتين. إذا لم يكن مناص، تعالوا نعود إلى حل الدولة الواحدة. ليس لدينا مشكلة مع ذلك". ولكن أولمرت وليفني لديهما مشكلة مع ذلك. ويقول أبو علاء، لا ضير، إذا لم نتوصل إلى اتفاق سننتظركم عدة سنوات، ستعودون في النهاية.

ويقول بن كاسبيت: المفاوضات غريبة، فبقدر ما هي الفجوات شاسعة، وغير قابلة للجسر العلاقات جيدة وودية، ويوجد ثقة متبادلة. فمن ناحية، يستفزهم أولمرت، ويحدثهم أن الطريق التي تزعجهم كان قد شقها حينما كان رئيسا لبلدية القدس، من أجل مساعدتهم. فيجيبون أنها لا تساعدهم. وكل تلك الأحياء، وإي1، من فترة كونه رئيسا للبدية، والفلسطينيون لا يعرفون هل يبكون أم يضحكون. من ناحية أخرى يودونه، ويحترمون ليفني. يقولون: هي تستمع لنا ونحن نستمع لها. حوار طرشان ولكن بأجواء طيبة.

ويتابع: حسب قول الفلسطينيين يوجد لجان عمل وأخصائيون بكافة المواضيع. وحسب ليفني وطاقمها، فقط في قسم من المواضيع. إذ أن في القضايا الجوهرية كالقدس واللاجئين لا يوجد. وفي قضايا الترتيبات الأمنية يوجد بوفرة. فقضية القدس واللاجئين تبحث بين قريع وليفني وبين أولمرت وعباس.

وينقل عن قريع قوله: أفهم خشيتها في القضايا الأمنية. يمكن التوصل إلى حل، وينبغي أن نجد الحل بعلاقات طيبة، تفاهم، تعاون وتنسيق، حتى بواسطة قوات دولية للفصل بيننا، وإقناعهم أن ذلك أمر حسن، ليس لدينا مشكلة في ذلك".
ليفني، كما هو معروف غير متحمسة للقوات الدولية. وهي غير مستعدة للتنازل عن التجمعات الاستيطانية . ويقول الفلسطينيون: "يمكن القيام بأحد الأمور الثلاثة: التفكيك والإخلاء، الضم إلى إسرائيل، أو الإبقاء تحت سيادة السلطة الفلسطينية. ليس لدينا مشكلة أن تكون تحت السيادة الفلسطينية، تفضلوا نحن على استعداد لذلك بسرور"

وينتهي بن كاسبيت بالقول: حتى تكون ليفني على استعداد لذلك، سيمر وقت طويل. ومن ثم يجب أن يقبل المستوطنون ويكونون على استعداد لذلك. إذن كل شيء بعيد جدا، صعب جدا، والاحتمال بأن يحصل ذلك هذا العام يقترب من الصفر. أبو علاء يدرك ذلك هو يعمل الآن ليس من أجل التسوية بل من أجل التاريخ. ومن أجل الإدارة الأمريكية وربما الحكومة الإسرائيلية القادمة.

التعليقات