النجاح لبوش والفرصة لإسرائيل.. أو لا يمكن خداع كل العالم كل الوقت..

-

النجاح لبوش والفرصة لإسرائيل.. أو لا يمكن خداع كل العالم كل الوقت..
اعتبر يوئيل ماركوس في صحيفة "هآرتس" أن إسرائيل أمام فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها، خاصة في ظل وجود رئيس أمريكي مثل الرئيس جورج بوش، مع تأكيده على أنه لا يمكن خداع كل العالم كل الوقت في حال تغير الرئيس الأمريكي، على اعتبار أن إسرائيل لن تحصل على رئيس أفضل منه، وفي الوقت نفسه لم يغفل الإشارة إلى مدى أهمية عقد مؤتمر أنابولس بالنسبة لبوش من جهة إخراجه من مسلسل الأزمات المتتالية التي مر ويمر فيها، من جهة، وبالنسبة لأولمرت على اعتبار أنه الإنجاز الأهم لحكومته منذ تشكيلها من جهة عزل حركة حماس في قطاع غزة.

فقد كتب أن مناحيم بيغين اعتاد أثناء عملية السلام مع مصر على القول بأن مصير إسرائيل لا يتقرر من خلال زيارة ناجحة أو غير ناجحة في الولايات المتحدة. وأنه، أي بيغين، استدعى ذات مرة سفير الولايات المتحدة في إسرائيل في حينه، سام لويس، إلى مكتبه وانتهره بالقول "لسنا مستعبدين لديكم"..

وتابع أنه عندما هبط السادات وبيغين في مطار أندروز العسكري في الخامس من أيلول/سبتمبر 1978، في الطريق إلى مؤتمر كامب ديفيد، امتدح السادات التدخل الأمريكي، وبدوره امتدح بيغين الإدارة الأمريكية بالقول إنه "سيقال ذات يوم أننا جلبنا السلام".

وبحسبه، خلافا للرئيس كارتر، المسيحي المؤمن من الجنوب والذي لم يكن مؤيدا لإسرائيل، والذي مارس ضغوطا شديدة على إسرائيل للتنازل عن كل سيناء بمستوطناتها، والتوقيع على وثيقة تعترف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطينية، فإن الرئيس بوش مؤيد، وفي الواقع فهو يعبر علانية عن تقديره لإسرائيل. وقام أرئيل شارون وإيهود أولمرت بعده بتوطيد العلاقات الشخصية معه. وتبنوا رؤية بوش في إقامة دولتين لشعبين وكذلك خارطة الطريق. ولكن فشل الحرب على العراق والتهديد النووي الإيراني وتعاظم قوة الإسلام المتطرف، وانتشار الإرهاب العالمي وتعاظم قوة حماس في غزة، كل ذلك أدى إلى دفع بوش إلى حضيض لم يسبق له مثيل في الرأي العام الأمريكي.

وأضاف أن "خارطة الطريق" قد خلقت ورطة/ مأزقا لا يمكن الخروج منه بسبب تتالي الالتزام الوارد فيها. فحسب خارطة الطريق يجب على الجانب الفلسطيني وقف الإرهاب ونزع أسلحة فصائل المقاومة قبل البدء بالحديث عن الحل الدائم، في حين تقوم إسرائيل بشكل مواز بإزالة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية. هذه الشروط خلقت وضعا أشبه بـ"كلب يعدو خلف نفسه في محاولة للإمساك بذيله". وقد تبنى كل من شارون وأولمرت خارطة الطريق انطلاقا من فرضية أن الفلسطينيين لن يكونوا قادرين على وقف عمليات المقاومة.

وتابع أن كونداليزا رايس هي التي أشارت على بوش بالخروج من هذه "الورطة العويصة" عن طريق مؤتمر دولي، يضم الرباعية الدولية والدول العربية المعتدلة من أجل دعم تسوية حل الدولتين، والعودة إلى حدود 67 وإنشاء الكتل الاستيطانية على أساس استبدال مناطق. ومن جهتها فقد حصلت إسرائيل على تعهدات من بوش برعاية المفاوضات في أنابولس، ولكن بدون ممارسة أي ضغوط على إسرائيل.

وبحسب ماركوس فإن المؤتمر بصيغته الحالية قد قسم العالم بين "الأخيار" و"الأشرار"، وعزل إيران وحماس. وبالنسبة لبوش فإن ذلك إنجاز كبير. أما بالنسبة للمفاوضات فإن واجب إثبات الوقوف في جانب "الأخيار" يقع على الفلسطينيين، وأنه على الدول العربية المعتدلة أن تقدم الدعم لأبو مازن، وهو الأهم ليس فقط بالنسبة لرئيس السلطة الفلسطينية وإنما بالنسبة لإسرائيل أيضا.

وكرر ثانية ما يكرر في إسرائيل بشأن أنه لم يكن لها، ولن يكون هناك رئيس آخر مثل بوش. وفي هذه الحالة فإن التوصل إلى اتفاق وتسوية، فإن ذلك يعنى صفقة ليس فقط مع أبو مازن، وإنما مع العالم العربي المعتدل كله. ومن جهة أخرى فمن الممكن أن تجد إسرائيل نفسها تحت الضغط والعقوبات، في حال لم تقم بمناقشة القضايا الجوهرية للصراع بجدية، مثلما تعهد أولمرت قبل أسابيع.

وشكك الكاتب في أن يكون الرئيس القادم متوددا ومؤيدا مثل بوش لإسرائيل. فمن الممكن الاعتماد عليه بعدم ممارسة الضغوط على إسرائيل في القضايا التي تتعارض مع المصالح الأمنية والوجودية لإسرائيل. ومن هنا فإنه يجب محاولة التوصل إلى كل ما يمكن التوصل إليه الآن طالما كان بوش على دفة القيادة، حيث أنه لا يمكن خداع كل العالم كل الوقت.

وأضاف أنه يجب على إسرائيل أن تكون مرنة أكثر في تطبيق خارطة الطريق. مثل التنازل عن الترتيب المتتالي لتصفية الإرهاب أولا وفقط بعد ذلك تتم المفاوضات حول الحل الدائم، وبدلا من ذلك القيام بالاثنتين معا في الوقت نفسه. واعتبر أن عزل حماس في قطاع غزة من قبل جزء من العالم العربي هو إنجاز أولي مثير، وهو التحدي الأكبر للحكومة الحالية برئاسة أولمرت منذ تشكيلها.

كما اعتبر أنه، في ظل مشاركة سورية في المؤتمر، فإن النجاح في حشد هذا الجمع المذهل هو لبوش، بيد أن الفرصة هي لإسرائيل، ويجب عدم تفويتها..

التعليقات