امتحان «هار حوما»...

-

امتحان «هار حوما»...
من الصعب التفكير في مكان أفضل من "هار حوما" لإجراء الامتحان الأول لروح أنابوليس. فالمقارنة بين أزمة هار حوما 2 وبين التطورات في أزمة هار حوما 1 يمكنها أن تكون مؤشرا إذا ما كانت العملية السلمية الإسرائيلية الفلسطينية اتخذت حقا مسارا جديدا، أم أن كافة اللاعبين ما زالوا عالقين في المسار القديم. هل أولمرت الذي ضغط لإقامة الحي الجديد في القدس الشرقية يرى من مكتب رئيس الحكومة ما لم يره من مكتبه كرئيس بلدية القدس؟ وهل سيدفع الرئيس بوش ضريبة الكلام ومن ثم يتراجع كما دفع بيل كلينتون وتراجع قبل عشر سنوات.

أزمة "هار حوما1" اندلعت بعد محاولة أمريكية لإحياء العملية السياسية بوقت قصير. إذ قررت حكومة نتنياهو في فبراير شباط عام 1997 وبعد أسابيع من توقيع اتفاق الخليل بناء 6500 وحدة سكنية على الحدود الجنوبية للقدس الشرقية ثلثها على أراض فلسطينية بملكية خاصة. ورأت السلطة الفلسطينية وقوى اليسار أن الخطة حلقة أخرى من مخطط لفصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية.

وكانت الأزمة في مركز زيارة ياسر عرفات إلى البيت الأبيض في مطلع مارس. وطلب كلينتون من القائد الفلسطيني أن يأخذ بعين الاعتبار الضغوط الائتلافية لنتنياهو. وقال عرفات أن لديه أيضا مشاكل وضغوطات في الداخل وناشد الرئيس أن يطالب إسرائيل على الأقل بتأجيل إقامة الحي. وأرسل الرئيس المنسق دينيس روس إلى نتنياهو حاملا رسالة تطالبه بتأجيل البدء بعمليات البناء.

وفي الجانب الآخر وقف المستوطنون واليمين. ووقف إلى جانبهم رئيس البلدية حينذاك أولمرت، الذي كان قد دفع قبل وقت قصير بنتنياهو إلى نفق الحائط ، المغامرة التي انتهت بمقتل 16 جنديا إسرائيليا وعشرات الفلسطينيين. وأعلن أولمرت أن "هار حوما"(جبل أبو غنيم) هو الامتحان الجوهري لقدرة الحكومة على الاحتمال والقيادة". وبدأت الأعمال بعد أربعة أيام. فاتصلت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت بالسفير مارتين إينديك في الساعة الخامسة والنصف صباحا وأرسلته إلى نتنياهو مع رسالة صارمة: الولايات المتحدة ترى في إقامة الحي "خطوة تضعضع كل ما نحاول القيام به".

اشتكى السفير والعرب احتجوا، وانعقد مجلس الأمن، الولايات المتحدة طرحت "فيتو" وهار حوما أنزل من جول الأعمال العالمي.

ولعق عرفات جرحا آخر، ونثرت حماس ملحا آخر. الحي الجديد من بنظرهم مستوطنة وتحولت إلى وصمة على جبين رجال أوسلو في رام الله. "إيـد أفيغطون" الذي كان القنصل الأمريكي العام في القدس قال إن "عرفات أدرك أننا لا نقدر، أو لا نريد أن نفهم، حجم المشاكل التي تسببها له المستوطنات في الداخل. وأدرك عرفات أنه بقي وحيدا في المعركة".

ورأى نتنياهو ضعف المجتمع الدولي واستمر في احتضان المستوطنين. إلا أن رد فعل المتحدثين في حكومة أولمرت تثير القلق بأن مؤتمر أنابوليس لم يغير الاسطوانة في إسرائيل. يدعون أن "الحي يتواجد داخل الحدود البلدية لمدينة القدس التي يسري عليها القانون الإسرائيلي، وبذلك لا يوجد أي مانع للبناء هناك تماما كما لا يوجد مانع للبناء في أي مكان في إسرائيل". ونسوا أن رئيس الوزراء وافق على أن كل شيء مطروح للتفاوض بما في ذلك القدس. وبذلك يعملون على محاصرة مكانة أبو مازن.

وماذا سيفعل العالم، وكل من رعوا أنابوليس إذا قرر أولمرت التستر من خلف الضغوطات الائتلافية والموافقة على البناء الجديد. وزيرة الخارجية كونداليزا رايس قالت في نهاية الأسبوع أن البناء في المناطق لا يساهم في بناء ثقة مشتركة. وأكدت على الأهمية الخاصة للامتناع عن خطوات قد تؤثر على الحل الدائم. الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال إن قرار توسيع المستوطنات "غير مفيد". الأغيار يقولون..؛ وآلاف السكان اليهود يضحكون طوال الطريق إلى "هار حوما". وماذا سيحدث لروح أنابوليس؟ كما حصل لروح الخليل...

التعليقات