"انتهت محاولات التهدئة.."

-

جددت إسرائيل الهجمات الجوية في قطاع غزة، معلنة بذلك نهاية أسبوع التجربة الذي منحه الجانبين للتهدئة في قطاع غزة بمبادرة مصرية. وقتل في غارتي يوم أمس ثلاثة مسلحين من الجهاد الإسلامي، وهذا الواقع يؤكد كما يبدو استمرار إطلاق الصواريخ باتجاه النقب الغربي اليوم أيضا.

عمليا، التهدئة انتهت يوم الأربعاء حينما قتلت وحدة خاصة خمسة مطاردين فلسطينيين في الضفة الغربية، وردت حركة الجهاد في ذات المساء بإطلاق الصواريخ إلى سديروت. ولكن بالرغم من استمرار القصف، تحلت إسرائيل بضبط النفس يوم أمس. وكان ذلك لعدة أسباب من بينها حالة الطقس حيث كان من الصعب استخدام المروحيات والطائرات الصغيرة دون طيار. وفي السطر الأخير جدد الجيش والجهاد القتال بينهما، في حين تحافظ حماس على وتيرة منخفضة: لا تطلق الصواريخ، ولكن في ذات الوقت لا تخرج عن طورها من أجل كبح إطلاق الجهاد.

تتواصل هذا الأسبوع الوساطة المصرية في محاولة لتهدئة الخواطر، إلا أن الفجوات بين الجانبين في قضايا هامة(فتح المعابر استمرار الاعتقالات في الضفة الغربية ) تبدو صعبة على الجسر.

في نهاية الأسبوع أصاب عيار ناري أطلقته حماس مروحية إسرائيلية في أجواء قطاع غزة. وتباهت حماس بذلك، والجيش أكد، إلا أنه أعلن أن الحديث يدور عن رصاصة وحيدة لم توقع أضرارا جدية بالطائرة. إلا أن ذلك كان متعلقا بشكل كبير بالصدف، لأن عيارا ناريا من هذا النوع قد يسقط الطائرة، إذا ما أصابها في نقطة ضعف.

ويشير الإطلاق إلى أمرين: الأول أن حماس التي تطبق نمط القتال الذي انتهجه حزب الله في المعارك في جنوب لبنان يبحث عن إنجازات رمزية تردع الجيش وتبث روح القتال في أوساط الجمهور في قطاع غزة.

الثاني- بالرغم من أن التنظيم بحوزته كما يبدو عددا قليلا من الصواريخ المضادة للطائرات الحديثة، من نوع ستريلا (إي 7) يستخدم في الوقت الراهن المدافع الرشاشة المضادة للمروحيات التي غنمها رجاله بعد أن هزموا فتح في يونيو حزيران العام الماضي. وربما سيحتفظون بالصواريخ لأوقات أكثر توترا، حينما تقرر إسرائيل احتلال أجزاء من قطاع غزة. سلاح الجو من جانبه يعمل حسب فرضيات عمل مشددة ويتخذ وسائل الحذر في تحريك المروحيات خشية أن تصاب.

الهيمنة الكبيرة لسلاح الجو يساهم فيها التعاون الوثيق مع القيادة الجنوبية واستخبارات جيدة جدا ينقلها الشاباك. ولكن لا يمكن لأحد أن يتوهم أن الحل للقسام سيكون جويا. ففي كافة هذه الأطر يعترفون أن تقليص إطلاق الصواريخ بشكل جدي يمكن تحقيقه بواسطة التواجد المتواصل لقوات برية في مناطق الإطلاق شمال القطاع، والتي يمكن أن تجبي من الجيش إصابات كثيرة. الدروس من لبنان معروفة؛ إلا أن تطبيقها عمليا ما زال يواجه عقبات ومصاعب.

العلاقة بين الساحة اللبنانية والفلسطينية تجلت مرة أخرى يوم أمس الأول، حينما أجرى رجال مكتب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، اتصالا هاتفيا مع أرملة محمد شحادة، رجل الجهاد الإسلامي الذي قتل برصاص الوحدة الخاصة في بيت لحم، ووعدوها بتقديم المساعدة المالية لها. جثمان شحادة دفن وهو ملفوف بعلم حزب الله. ويبدو أن حزب الله لا يبذل جهدا حتى لإخفاء علاقته مع نشطاء الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية.

السلطة الفلسطينية، كانت قد أصدرت استنكارا، استثنائيا في شدته للعملية الإسرائيلية ، ولكن أجهزة الأمن مطلعة على اتساع تأثير حزب الله. الأجهزة التي ادعت أنها اعتقلت نشطاء لهم علاقة بحزب الله في الضفة الغربية، لم تعتقل شحادة مؤخرا، بالرعم من أنهم عرفوا أن إسرائيل تضاعف الجهود من أجل الوصول إليه، حيا أو ميتا. ويعتقدون في السلطة أن حزب الله يقف من وراء الكواليس خلف عملية القدس التي استهدفت "مركز هراب".

في الوقت الراهن، تظهر فجوات جدية في قدرة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في مناطق مختلفة في الضفة الغربية. بالذات في المحافظات الشمالية كجنين نابلس وطوباس والتي اعتبرت مركز الفوضى، سجلت السلطة إنجازات غير بطالة في مواجهتها للتنظيمات الإسلامية. ولكن في جنوب الضفة الغربية، بيت لحم والخليل، والتي اعتبرت في الماضي أكثر استقرارا، تجد الأجهزة الأمنية صعوبة في فرض سيطرتها على المعارضة. من الخليل خرج منفذو العملية الانتحارية في ديمونا وفي بيت لحم نجح حزب الله من إقامة تنظيم محلي له تحت أنف السلطة.

التعليقات