"تقليص المساعدات الأمريكية والبحث عن بدائل"..

-

كتب ألوف بن في صحيفة "هآرتس" أن الأزمة الاقتصادية العالمية سيكون لها أبعاد مهمة على السياسة الخارجية والأمنية لإسرائيل. حيث ستضطر إسرائيل بسبب الأزمة إلى التنازل عن جزء كبير من المساعدات التي تتلقاها من الولايات المتحدة.

ويضيف أنه في حال تحققت التوقعات بحصول تراجع اقتصادي خطير، ويخسر ملايين الأمريكيين أماكن عملهم وبيوتهم ومدخراتهم، فإن إسرائيل لا تستطيع أن تظل لامبالية وأن تصر على تلقي المساعدات مثلما هي عليه الآن.

ويتابع أنه ولأجل تجنب الارباك والضغوط، على إسرائيل أن تبادر من تلقاء نفسها إلى تقليص المساعدات، وعلى رئيس الحكومة الجديد أن يطرح ذلك في لقائه الأول مع الرئيس الأمريكي الجديد في الربيع القادم.

ويقول الكاتب إن الشهور القادمة سوف توضح أبعاد الأزمة الاقتصادية، وكيف تنوي الولايات المتحدة الخروج منها. ويشير في هذا السياق إلى أن إسرائيل قد توصلت في العام الماضي إلى اتفاق مع إدارة بوش، بموجبه تحصل على 30 مليارد دولار كمساعدات عسكرية تمتد على 10 سنوات. وفي العام الحالي ستصل المساعدات إلى 2.55 مليارد دولار، أي بزيادة 150 مليون دولار عن العام الماضي، وسوف يرتفع هذا المبلغ تدريجيا إلى حين يستقر على 3 مليارد دولار سنويا. وهذه الأموال التي تشكل سدس ميزانية الأمن، غالبيتها معدة لشراء طائرات لسلاح الجو. وبحسب الاتفاق تستطيع إسرائيل تحويل ربع هذه الأموال من الدولار إلى الشيكل لشراء معدات عسكرية من الصناعات المحلية.

ويشير إلى أن إسرائيل حصلت في السابق على مساعدات اقتصادية، على شكل حوالة مالية تستطيع تبذيرها كيفما شاءت. وفي حينه بادر بنيامين نتانياهو إلى وقف هذه المساعدات عندما وصل إلى السلطة في العام 1996، وتم تحويل نصفها لزيادة حجم المساعدات العسكرية. وتنظر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى أي حديث عن تقليص المساعدات الأمريكية من باب النكران، وخاصة في ظل تعاظم "التهديد الإيراني".

وبحسبه فإن أهمية هذه المساعدة ليست في إلقاء جزء من مصاريف إسرائيل الأمنية على عاتق دافعي الضرائب الأمريكيين فحسب، وإنما في التعبير الواضح عن دعم الولايات المتحدة والتزامها بتعزيز قوة الجيش الإسرائيلي والحفاظ على تفوقه النوعي. وينظر إلى المساعدة كمركب في الردع الإسرائيلي وليس كمصدر للتمويل فقط. ولذلك فمن المهم أن تبقى إسرائيل على رأس قائمة متلقي المساعدات من الولايات المتحدة.

كما يلفت إلى أن منتقدي إسرائيل في الولايات المتحدة يدعون أن تقديم المساعدات العسكرية يسيء إلى عملية تخصيص الموارد تحت تأثير "اللوبي اليهودي". وأنه بحسبهم فبدلا من إنقاذ الجياع ومرضى الإيدز في أفريقيا فإن الولايات المتحدة تسلح الجيش الإسرائيلي الأكثر عدوانية في الشرق الأوسط، وتمول الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية، وتؤدي إلى تعميق الكراهية لأمريكا في العالم الإسلامي. و للمفارقة، فإن هذه الانتقادات تعزز من صورة أصدقاء إسرائيل في واشنطن.

ويقول الكاتب في هذا السياق إنه حتى اليوم فإن المساعدات التي تقدم لإسرائيل تتمتع بدعم متماسك من مشرعي الحزبين في الكونغرس، إلا أن أكبر أصدقاء إسرائيل هم أمريكيون أولا، وعليهم أن يهتموا بمشاكل دولتهم وناخبيهم. ولذلك ومن أجل ضمان مساندتهم لإسرائيل في المستقبل يجب عدم كشفهم أمام الادعاءات بشأن الولاء المزدوج. ورغم أن المساعدات التي تقدم لإسرائيل لا تذكر بالمقارنة مع التريليونات التي ذهبت سدى في "وول ستريت" أو في المبالغ الطائلة التي تم ضخها لإنقاذ المصارف، إلا أن المشكلة ليس في القيمة، وإنما في الدلالة.

ويشير هنا إلى مؤتمر "إيباك" الأخير، وإلى تعهد باراك أوباما وجون ماكين باحترام الاتفاقيات لزيادة حجم المساعدات العسكرية لإسرائيل، بيد أنه يلفت إلى أن ذلك كان في حزيران/ يونيو، أي قبل انهيار البورصات والمصارف الاستثمارية ومصارف القروض السكنية وشركات التأمين وسوق العقارات. ولذلك فإن مطالبة إسرائيل للرئيس المنتخب بالالتزام بتعهداته في الحملة الانتخابية ستكون حماقة، وستفسر بأنها وقاحة وتجاهلا للمصاعب التي تعاني منها الولايات المتحدة. ويلفت هنا إلى قيام أرئيل شارون بسحب طلب تمويل خطة فك الارتباط عندما دمرت نيو أورليانز في إعصار كاترينا، وتحملت إسرائيل بالنتيجة كافة تكاليف الخطة.

وينهي بالقول إنه على الأجهزة الأمنية ووزارة المالية أن تستعد من الآن لتقليص المساعدات، أو وقف زيادة المساعدات على الأقل. وأنه يجب على الجيش أن يطيل أمد المشاريع البعيدة المدى وتأجيل التسلح بالطائرات والسفن الجديدة. وستكون هناك حاجة لتفكير إبداعي بشأن بديل للمساعدات، مثل تأجير معدات لأمد طويل، أو توسيع انتشار وحدات الجيش الأمريكي في البلاد. ويشير أيضا في هذا السياق إلى أن الانسحاب من مناطق في الضفة الغربية والجولان سيكون محفزا لذلك في إطار التسوية السياسية، لأن ذلك سيمنح المصداقية للتعويض الأمريكي على شكل مساعدة مضخمة أو هبات خاصة لتمويل الترتيبات الأمنية. إلا أن هذه التسويات لا تزال غير قائمة على جدول الأعمال، ولذلك وللحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة في هذه الظروف يلزم بالتنازل عن جزء من المساعدات.

التعليقات