"تهديدات فارغة وسخيفة"

-

ما زال سقوط الصواريخ على بلدات الجنوب متواصلا كأنه لم تنشب حرب لوضع حد له، حين عاد رئيس الحكومة إيهود أولمرت إلى تهديده لحماس، كأنه ما زال لتهديداته أي تأثير. "لن تستمر إسرائيل في التسامح مع إطلاق القسامات"، قال أولمرت في افتتاح جلسة الحكومة، "وإذا استمر إطلاق (الصواريخ) فسيلاقي ردا موجعا".

لم يتعلم رئيس الحكومة المنصرف شيئا. فبعد أن لم تجد الحرب إسرائيل في شيء – حيث تثبت صواريخ القسام والغراد التي ما فتئت تنهال وتزرع الذعر أنه لم يتحقق أي ردع – يمضي رئيس الحكومة في اعتماد لغة التهديد من الماضي، لكأننا لم نوجع ولم نصب مواطني غزة بما فيه الكفاية دونما نتيجة. ليس الوقت وقت تهديد الآن، إنما هو وقت للتفاوض، هجومات أخرى لن تضع حدا لإطلاق القسامات، بل يتحقق ذلك من خلال اتفاق تهدئة طويل الأمد فقط.

كان اتفاق كهذا ممكنا لولا أن رئيس الحكومة تصلّب فجأة في موقفه فربط فتح المعابر بإطلاق سراح غلعاد شاليط، ولكانت التهدئة ستبدأ فعلا، ولكان عاد الأمن إلى بلدات الجنوب، مثلما يستحقون أخيرا.

إطلاق سراح غلعاد شاليط كان في متناول اليد أيضا، لو أن الحكومة خاضت مفاوضات جدية مع حماس، بدل إضاعة الوقت في النزاعات الداخلية. لكن أولمرت قرر أن يربط الأمرين معا، وهو في الأمرين كليهما يضيع وقتا ثمينا بدون أي قرار. وهو بهذا يضع الأمرين في خطر كبير.

على أولمرت، فيما تبقى له من وقت قصير لدورته أن يتوقف عن اعتماد التهديدات التي ثبت أنها فارغة وسخيفة، والعمل على تحقيق غايات إسرائيل بواسطة دفع التفاوض في الشأنين الماثلين على طاولة البحث – التهدئة وإطلاق سراح شاليط – والتوصل في ذلك إلى اتفاق.

هذا ما يمكن أن يكون الإسهام الأخير لأولمرت، والذي يكفّر ولو قليلا عن قصوراته الكثيرة في سنواته كرئيس للحكومة. يجب ألا يترك أولمرت هذين الأمرين دونما حل لخليفته، لكي لا يؤدي ضياع الوقت إلى هدرهما – ولإطالة معاناة مواطني الجنوب التي لا حاجة بها، ومعاناة الجندي المخطوف، ومعاناة الفلسطينيين في غزة.

التعليقات