"ثمن انعدام السلام مع سورية تجلى في حرب لبنان الثانية"..

كتبت صحيفة "هآرتس" العبرية في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء أن السلام بين إسرائيل وسوريا يبدو في الأيام الأخيرة قريب وبعيد أكثر من أي وقت مضى. حيث أن الطرفين يمرران بينهما الرسائل التي تؤكد جدية النوايا، والطواقم من الطرفين تتفاوض منذ عدة أشهر بوساطة تركية، وفي باريس تحدث الأسبوع الجاري صحافيون سوريون ولبنانيون إلى صحافيين إسرائيليين دون أي عائق، فيما إيهود أولمرت يسعى لتماس شخصي مع بشار الأسد، لكن دون أن يحظى به لأن الرئيس السوري يرى في أولمرت رئيس وزراء ضعيفا، ولا يبيع البوادر الطيبة مجاناً.

ورأت الصحيفة في افتتاحيتها أن "قمة باريس التي نظمها الرئيس الفرنسي الأسبوع الجاري قد تكون عززت حكومة أولمرت، لكن من المؤكد إنها أدخلت الرئيس السوري إلى أوروبا من البوابة الرئيسية لها، مشيرة إلى ما قاله الأسد في لقاء لصحيفة "فيغارو"، وعلى ما يبدو فهو لم يخطئ في تقديراته. فالأسد "المحاصر" أتى إلى باريس كبطل، وذلك دون أن يجري أي تغيير جوهري في أدائه السياسي. ويبدو أن التعامل الإسرائيلي المستهتر بقدرات الأسد القيادية، وبإيحاء أميركي، قد وصل إلى خط النهاية مع انتهاء طريق جورج بوش. فقد أثبت الأسد سيطرة على الأوضاع، وفي توقيت دقيق نجح في التوصل إلى إقامة حكومة وحدة وطنية في لبنان على مرمى أيام من دعوته إلى فرنسا. وهو في نظر الأوروبيين أصبح اليوم قائداً قادراً على أداء دور الوسيط بينهم وبين إيران، إضافة لقدرته على اتخاذ القرارات وتنفيذها على ارض الواقع، فيما يهدف الأوروبيون إلى حثه لقيادة سورية لاتجاهات تلائم مصالحه ومصالحة الغرب معا".

وبحسب الصحيفة فإن التوجه الجدي السوري للمحادثات مع إسرائيل تجلى في باريس خلال الأسبوع الحالي من خلال تصريحات العلنية للأسد حول السلام، وفي المحادثات غير المباشرة بواسطة تركيا، وفي ظل حقيقة أن الهجوم الإسرائيلي على المفاعل النووية في سوريا واغتيال عماد مغنية لم تؤد إلى تغيير في توجهات الأسد. على ما يبدو فإن سوريا قررت أن هدفها الارتباط مع الغرب والمحادثات مع إسرائيل هي إحدى الوسائل لذلك.

وتابعت الصحيفة أنه يبدو أن الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، أكثر من أي وقت مضى، إلا أن هذا الملعب مكسو بوحل سياسي سميك. فعملياً لا توجد حكومة في إسرائيل، إذ أنه يوجد هناك حكومة انتقالية يمكن إجراء المحادثات معها، لكن لا يمكن التوصل معها إلى اتفاقات. والمحادثات مع سوريا بواسطة الأتراك يجريها من الطرف الإسرائيلي يورام طوربوفيتش وشالوم ترجمان وهما المقربان وموضع الثقة لدى رئيس الوزراء، اللذان سيتبدلان بعد شهرين بمقربين لرئيس الحكومة المقبل. وهذه الحقيقة يعرفها الأسد أيضاً.

وخلصت هآرتس إلى أن ما يمكن طلبه حالياً من أولئك الساعين لتولي منصب رئيس الوزراء في إسرائيل، إن كانوا من حزب كاديما أو العمل أو الليكود، أن يفصحوا عن موقفهم من المحادثات مع سوريا، ومن المفضل تذكير أولئك المرشحين أن تفويت فرص السلام محظور، وأن ثمن السلام مع سوريا واضح.

وفي المقابل، بحسب الصحيفة، فإن ثمن انعدام السلام مع سوريا تجلى في حرب لبنان الثانية، وقد يتجلى في حرب ثالثة ورابعة في المنطقة. وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى أن تحسين العلاقات مع الدول العربية يساهم في أمن إسرائيل أكثر من كل مخازن الأسلحة التي في حوزتها.

التعليقات