"حزب العمل سوف يدفع الثمن"..

-

كتب عكيفا إلدار في صحيفة "هآرتس" متناولا دور حزب العمل في السنوات الأخيرة، والذي اعتبره دورا باهتا، كمن كان يجلس على المدرج، ولا يطالب حتى بدور فعال في المفاوضات مع الفلسطينيين، كما لا يتحرك لتطبيق شعارات زعم أنه يرفعها، وإنما العكس، وخاصة بما يتصل بالموقف من الاستيطان وعمليات البناء في البؤر الاستيطانية غير المرخصة. ويصل إلى النتيجة بأن حزب العمل سوف يدفع ثمن ذلك في الصناديق.

ويقول إنه بالنظر إلى صورة إيهود أولمرت وهو يعانق محمود عباس، لا يمكن القول إنه يسعى إلى التمسك بورقة اتفاق سياسي مع الفلسطينيين على أمل تخليص نفسه من لائحة اتهام جنائية. وعندما يبعث بمساعديه إلى تركيا لجس النبض بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع سورية، فمن الصعب أن يطعن بسيف "عمق الانسحاب بعمق التحقيق" (على غرار مقولة رابين: عمق الانسحاب بعمق السلام – عــ48ـرب). ومن الممكن القول إنه يصر على مواصلة العملية السياسية، لكونه يدرك أهمية نجاحا وثمن انهيارها.

ويضيف أنه ستمر أسابيع إلى حين يتمكن رئيس كاديما الجديد من تشكيل حكومة جديدة. وفي حال فشل، فسوف تمر شهور إلى حين تؤدي الحكومة الـ32 يمين الولاء أمام الكنسيت الـ17. ويشير هنا إلى أن الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان (تعزز قوة حماس وتسلح حزب الله) لا يتطور بما يتلاءم مع الجدول الزمني السياسي المتقلب في إسرائيل. ومنذ أن أعلن أولمرت نيته الاستقالة، فقد أصبح كقائم بأعمال مؤقت لرئيس الحكومة، ولديه الصلاحية الرسمية الكاملة لإجراء مفاوضات، إلا أنه ينقصه الشرعية الشعبية والأخلاقية لترسيم الحدود وعرض ما أسماه "أملاك الأمة".

وبحسبه فإن حزب "العمل"ِ هو المرشح الطبيعي لملء هذا الفراغ. فالوثائق المحفوظة في ملفات المفاوضات التي أجراها إيهود باراك مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مماثلة للتفاهمات بين أولمرت وأبو مازن. وكل من له صلة بالمفاوضات مع سورية يتوقعون أن يكون اتفاق السلام معها رديفا للوثيقة التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون، إلى باراك وإلى وزير الخارجية السوري في حينه، فاروق الشرع، خلال محادثات شبريدزتاون في كانون الثاني/ يناير 2000. إلى أن مدى تدخل الوزير باراك في عملية السلام، والوزير عامي أيالون، واضع اتفاق أيالون – نسيبة، ويولي تمير خريجة "سلام الآن"، يذكر بدور الوزير رافي إيتان من حزب المتقاعدين.

ويتابع أنه تحت عصا أرئيل شارون، فإن الحزب الذي خلق الحوار مع الفلسطينيين، و"اخترع" السلطة الفلسطينية، وافق على الانسحاب من أراض فلسطينية بدون حوار، وساهم في سحق قوة السلطة. ومنذ أن أحدث إيهود أولمرت وتسيبي ليفني تحولا، وتبنوا سياسة الحوار مع الفلسطينيين وتعزيز قوة السلطة، فإن حزب العمل لا يزال يجلس على المدرج. فهو لم يطالب بأن يشارك أحد كبار وزرائه بشكل فعال في المفاوضات مع الفلسطينيين، ولم يعرض الحزب موقفه بخصوص القضايا الجوهرية؛ القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين.

وليس فقط أن حزب العمل لم يهتم ولم يساهم في المفاوضات، وإنما يخرب في الجهود التي تبذل من أجل تعزيز ثقة الفلسطينيين بالخيار السياسي. وفي ظل رئيس الحزب ووزير الأمن ووحدات الجيش فإن المستوطنين قاموا بتوسيع المسطحات التي يستوطنون فيها على حساب حرية الفلسطينيين. ولا يوجد أي مستوطنة، سواء غرب الجدار أم شرقه، لا تتمتع من زيادة في وتيرة البناء. وكان قد تم التأكيد على ذلك في جلسة الكنيست لشؤون الرقابة، في نهاية شباط/فبراير الماضي، حيث قال القائم بأعمال رئيس الحكومة، حاييم رامون، إنه تمت إضافة كرافانات في عدد من البؤر الاستيطانية غير المرخصة، وأنه في عدد منها لا تقوم الإدارة المدنية بفرض سلطة القانون.

ويضيف أنه كان من المتوقع أن يصر حزب العمل على أن تنفذ الحكومة البند الذي التزمت فيها بالعمل على تنفيذ التزاماتها وقراراتها الصادرة بشأن البؤر الاستيطانية. وفي الجلسة المشار إليها، قال رامون إنه كان يرغب في التوصل إلى تفاهم وحل المشكلة بدون مواجهات عنيفة، إلا أنه في حال لم يكن هناك أي خيار آخر، ففي نهاية الأمر فإن الحكومة يجب أن تنفيذ التزامها، من الناحية القضائية ومن الناحية السياسية. ولكن خليفة رابين، باراك، ظل يؤجل موعد "نهاية الأمر" بدون حد. ولهذا فبحسبه لا يمكن محاسبة رامون من كاديما، الذي تعهد قبل نصف سنة للكنيست بأن تقوم اللجنة الوزارية التي يترأسها، والتي كان يفترض أن تعمل على تطبيق توصيات تقرير ساسون للحد من استمرار البناء في المستوطنات، بأن تطلب، خلال شهر أو شهرين، مصادقة الحكومة على قرار حول كيف يتم البناء في المستوطنات.

ويخلص إلى القول إنه من الصعب فهم لماذا تحول حزب العمل إلى غريب عن العمل السياسي لدرجة يبدو فيها مثيرا للنفور. وعلى هذا الموقف سوف يدفع حزب العمل الثمن في الصناديق.

التعليقات