"خائف، لكن ليس من الصاروخ الذي سقط هنا"..

سمعت الانفجار لكنني تمالكت وعدت إلى تحضير السلطة. أما القيادة، على عكسي، فقد دب الذعر فيها وقرّرت رفض وقف النار.

أجلس في بيتي في بئر السبع خائفا، ليس من الصواريخ التي تبعثها حماس إلى هنا، بل من الجنون الذي أصاب "قيادتنا"، ومن أنّ زعامة حرب لبنان الثانية استخلصت عبرا مغايرة للمطلوب.

لقد حققنا آنذاك أيضا كل ما أمكن تحقيقه في زمن قصير – بعد أربعة أيام. لكن ذلك لم يكف سياسيينا، الذين لم يقرأوا على ما يبدو "الصياد والسمكة الذهبية". فقد تراشقوا ووضعوا أهدافا رائعة، وكذبوا على الجمهور بكل وقاحة بأن تحقيقها في متناول اليد.

في نهاية الأمر، فإن ما حققناه في وقف النار بعد شهر كان ممكنا تحقيقه بعد أربعة أيام. لكننا توصلنا إلى ذلك بعد أسابيع أهنّا بها بالركض وراء أهداف وهمية وكاذبة وضعها "قادتنا"، حيث بهت إنجاز الأيام الأربعة الأولى، وضربت قوة ردعنا أيضا. وكانت النتيجة أننا اضطررنا إلى النزول عن الشجرة العالية جدا مهانين إهانة عظيمة.

لماذا حدث هذا؟ لأننا شعرنا بالنشوة والتطاوس بعد أربعة أيام. حيث اعتقدنا أننا سنقضي على حزب الله، وسنجبره على رفع الراية البيضاء، وأن يوقف إطلاق الصواريخ من طرف واحد، وأن يطلق سراح المخطوفين دون قيد أو شرط. لم يحدث هذا بالطبع، ولم يكن ليحدث. ألذي حصل فعلا، أن خسائرنا زادت، علما أن كل خسارة صعّبت علينا أمر النزول عن الشجرة – لأنّه، لأجل ماذا حاربنا، ولماذا كانت الخسائر إذا نحن توقفنا الآن؟

لقد كان سلوك إسرائيل العظيمة والقوية مثل سلوك آخر المراهنين الذي خسر مبلغا ضئيلا، وعندها بدأ يخسر مبالغ تكبر في كل محاولة له لاستعادة ما ضاع. فما هي الاستنتاجات التي استخلصها مراهننا بعد عامين؟ أن ما منع خسارته آنذاك عندما خسر ثيابه التي تغطي بدنه، أنه لم يراهن على بيته أيضا! حيث أن مراهنة كبيرة أخرى كانت كفيلة لأن يردّ جميع الخسائر بل أن يخرج بربح كبير.

يجب وقف هذا الجنون الآن. فقد وافقوا تقريبا على وقف النار، لكن صواريخ بدأت تسقط حول بيتي في بئر السبع. سمعت التفجيرات من الغرفة المحصنة وشاهدت الدخان عبر الشباك. تمالكت وعدت إلى تحضير سلطة الأفوكادو. لكن هذا أرعب "قيادتنا" بما فيه الكفاية لكي يرفضوا وقف النار وليدخلوا مرة أخرى إلى دوامة المراهن المدمن.

ماذا يبغون تحقيقه؟ لقد حققوا الردع ضد حماس. فحماس تدرك الآن أنها شدّت الحبل أكثر من اللازم وبعد انتهاء العملية ستفكر حماس جيدا قبل أن تطلق القسامات حتى إلى مناطق مفتوحة. لهذا فإن للضربة الأولى ما يبرّرها. من الممكن التوقف الآن ويجب التوقف. يجدر ألا ندمن على وهم أن بإمكاننا في عملية عسكرية أن نحقق وقفا لإطلاق النار من طرف واحد حالا، أو تحرير غلعاد شاليط دون شروط، أو إسقاط نظام حماس. من يعد بذلك يكذب. وثمن الكذب حياة بشر.

من الصعب الإعتقاد أنه بسبب الدوي المخيف الذي لم يوقع إصابات والذي كان إلى القرب من بيتي سنفقد فرصة إنهاء العملية العسكرية في الوقت، فندفع الثمن تفجيرات أخرى، ستوقع قتلى هذه المرة، وكذلك سندفع الثمن جنودا يقتلون عبثا على الأرض الموحلة في غزة. يجعل ذلك الدم يغلي في العروق. ويجب منع حصول هذا.

التعليقات