ديمقراطية لغرض ابرتهايد/اورن يفتحئيل

ديمقراطية لغرض ابرتهايد/اورن يفتحئيل
معارضو الانسحاب يستخدمون ايضا حجة "الديمقراطية" في ظل انتقاد رئيس الوزراء واليسار، لمعارضتهم "المضادة للديمقراطية" المزعومة للاستفتاء الشعبي. هذه الحجة مشوهة ومضللة. فبالفعل، الاستفتاء الشعبي هو أداة ديمقراطية، ذات قدرة لا بأس بها على منح شرعية لقرارات ثقيلة الوزن. ولكن هنا ينتهي مفعول الحجة الديمقراطية للمستوطنين عند الوضع الاسرائيلي.

أولا، والأهم - معارضو فك الارتباط يسعون بشكل ساخر الى استخدام اجراء ديمقراطي لضعضعة الديمقراطية بقوة. وهدفهم، كما هو معروف، هو إلحاق الهزيمة بخطوة الاخلاء، وبالتالي تخليد وضع الابرتهايد العنيف في المناطق، حيث لليهود مكانة قانونية ومدنية منفصلة ومتميزة عن مكانة الفلسطينيين. لا يوجد في القاموس تعبير أكثر ملاءمة لهذا الوضع من الابرتهايد. لا يمكن تبرير وضع مناهض للديمقراطية كهذا من خلال استخدام وسائل ديمقراطية مزعومة. د

وفضلا عن ذلك، فانه في أوضاع مشابهة، تُجرى الاستفتاءات الشعبية بالفعل في العالم احيانا، ولكن السكان المستطلعين ليسوا سكان الاغلبية الحاكمة، بل العكس - سكان الاقليم الذي يسعى الى الانفصال عن الدولة الحاكمة. هكذا سُئل في الماضي القريب سكان تيمور الشرقية حول ما اذا كانوا سيبقون في اندونيسيا، وسكان بلدان البلطيق عما اذا سيبقون في الاتحاد السوفييتي، ومن المخطط اجراء استفتاء شعبي في كوسوفو حول استقلال المقاطعة. وهكذا فمن الأسلم اجراء استفتاء في اوساط كل سكان الضفة الغربية (العرب واليهود على حد سواء) على اجراءه في اوساط مواطني اسرائيل.

وعقب هذا النقاش المحصور داخل حدود الفقاعة اليهودية، تصبح مسألة أصوات العرب اشكالية ايضا. معارضو فك الارتباط أعلنوا منذ الآن ان في نيتهم المطالبة باغلبية خاصة كي لا تُحسم الخطوة "التاريخية" بأصوات العرب (وكأن لمثل هذه الخطوة لا يوجد تأثير "تاريخي" على المواطنين العرب). مثل هذا الطلب، بل وباسم الديمقراطية، هو بالطبع مناهض للديمقراطية على نحو ظاهر. ومن جهة اخرى، فان الانتصار بأغلبية طفيفة سيثير مرة اخرى مسألة الصوت العربي ولن يُحسن شرعية خطوة الانفصال في نظر معارضيه.

وفضلا عن ذلك، فمن ناحية القانون الدولي يحتمل ألا يكون مفعول للاستفتاء الاسرائيلي، فاسرائيل الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة (التي تحظر نقل السكان على نحو دائم الى منطقة محتلة)، لم تضم المستوطنات أبدا. ومن هنا، فحتى نتيجة يقرر فيها مواطنو اسرائيل "بصورة ديمقراطية" إبقاء المستوطنات، لن تلقى الشرعية من أي جهة دولية، تماما مثل قرار الصرب استعادة كوسوفو لسيطرتها ليس مقبولا. مثل هذا القرار لن يُحسن ايضا الوضع الدولي المشوه لاسرائيل.

وبالتالي، فماذا تبقى من فكرة الاستفتاء؟ فقط الامكانية الطفيفة في تحسين الشرعية اليهودية الداخلية المهتزة لخطوات شارون. وبالفعل، فان "ترددات" رئيس الوزراء، وتجاهله للقيادة الفلسطينية ونتائج استفتاء الليكود، ونزعة القوة مغلقة الإحساس التي يبديها، مست شديدا بمصداقيته. كما ان أحادية الجانب في خطة فك الارتباط تخلق شكوكا في فضائلها. فقط اجراءات حازمة في سبيل إنهاء الاحتلال، من اجل الديمقراطية الاسرائيلية وانتهاج القانون الدولي، في ظل الحوار مع الفلسطينيين وجمهور المستوطنين، يمكنها ان تفعل ذلك. لا الاستفتاء الشعبي المبني على أسس مهزوزة.

(عن "هآرتس")
----------------------------------------------
* الكاتب بروفيسور في الجغرافيا السياسية والسياسة العامة في جامعة بن غوريون

التعليقات