"رؤيا وتكتيك "

-

يقترح ملك الأردن عبدالله على إسرائيل رؤيا: سلام مع 57 دولة عربية وإسلامية. وقد حذر الملك من أنه إذا لم تباشر إسرائيل بخطوات عملية لدفع هذه الرؤيا، المتمثّلة بمبادرة السلام العربية، فمن المتوقع أن تنشب في المنطقة حرب خلال سنة حتى سنة ونصف. وقد دعا الرئيس المصري حسني مبارك بنيامين نتنياهو إلى لقاء قمة، كي يعرض عليه، من بين أمور أخرى، أن يتشبّث بمبادرة السلام العربية وأن يستأنف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. أما رئيس الدائرة السياسية لحماس، خالد مشعل، فإنه يتحدّث عن استعداد الحركة للمساعدة في إقامة دولة فلسطينية في حدود العام 67. وكذلك سوريا، فهي مهتمّة باستمرار التفاوض مع إسرائيل، في حين أن الرئيس باراك أوباما يعكف على بلورة سياسة من شأنها ربط الأطراف، الإسرائيلية، والعربية والإسلامية في صرّة واحدة تثمر سلاما شاملا.

إنها أصوات واضحة وحادة، تشير إلى أن الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية على استعداد ليس فقط للتعاون مع حكومة نتنياهو، وإنما تعتبرها عنوانا مسؤولا تستحق الثقة برغم طابعها اليميني والتصريحات التي رافقت الحملة الإنتخابية. كما أن معظم الدول العربية ترى إلى التهديد الإيراني، تماما مثل إسرائيل. وتعتقد الإدارة الأمريكية أن الحل لمواجهة هذا التهديد يكمن في إحياء العملية السياسية وفي السلام بين إسرائيل والعرب.

إن من شأن لقاء الأمس في شرم الشيخ، عشية سفر نتنياهو إلى واشنطن، أن يزوّد رئيس الحكومة بإدراك أن تلاقي المصالح الثلاثية – الإسرائيلية، العربية، والأمريكية – تلزم إسرائيل بردّ جاد لا يمكنه التأسيس على شعارات فارغة، وعلى أفكار سخيفة أو هدايا تكتيكية مثل إزالة حواجز أو تعاون اقتصادي. فإذا كانت إسرائيل تريد أن تكون شريكة في بلورة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عليها أن تدرك أولا أن عليها أن تعرض سياسة شاملة.

صحيح أن الرؤيا المؤثرة التي تقترحها الدول العربية ليست وجبة سهلة التحضير. فهذه تتطلّب تغييرا أيديولوجيا إسرائيليا، إنفتاحا من الجانب العربي، تصميما قويا، تهيئة الرأي العام، وثقة كبيرة كمقابل تحصل عليه إسرائيل جزاء الثمن الباهظ الذي ستدفعه.

هذه هي مطالب الحد الأدنى من سياسي يصبو لبلورة مستقبل أفضل لمواطني الدولة. وهذا هو الأمر الذي على نتنياهو أن يبتّ به في طريقه إلى لقاء أوباما.

التعليقات