رفح اصبحت "مدينة اشباح" وشارون يزعم وجود خطة فك ارتباط جديدة

رفح اصبحت
في العادة، لا يهتم حكام اسرائيل بالتنديدات الدولية على الجرائم التي يرتكبونها بحق الفلسطينيين. وترسخت هذه القاعدة بشكل اعمق في عهد حكومة شارون الدموية. وتاريخ رئيس حكومة اسرائيل، اريئيل شارون، يشهد على ذلك من دون شك. ولكن الضغوط التي تمارسها جهات دولية معينة، مثل البنك الدولي، تجعل حكام اسرائيل يخترعون اكاذيب وافتراءات لتبرير جرائمهم. فقد نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الاربعاء، عن قائد اركان الجيش الاسرائيلي، موشيه يعلون، كذبة جديدة يبرر فيها عدوان جيشه على رفح وسقوط 20 شهيدا بالامس، بينهم اطفال من عائلة واحدة. قال يعلون ان "التخوف هو من اطلاق قذائف كاتيوشا من القطاع على مدينة اشكلون (هي عسقلان)"، في جنوب اسرائيل. واضاف يعلون ان "الفلسطينيين يحاولون تهريب صواريخ واسلحة متطورة عبر خنادق رفح"!

من جهة ثانية، روج الصحفي بِن كسبيت، الذي تسرب بواسطته مخططات شارون باستمرار، لخدعة اخرى يحاول شارون تمريرها ومفادها ان خطة فك الارتباط، التي يعمل مجلس الامن القومي الاسرائيلي على اعدادها، ستكون من ثلاث مراحل، في نهايتها ستوافق اسرائيل على وجود قوات دولية لحفظ السلام في قطاع غزة. ولكن ثمة بند في هذا المخطط الجديد يلغي فك الارتباط برمته، هو ان الانتقال من مرحلة الى اخرى يكون مشروطا "بنجاح" المرحلة السابقة. واذا اعتبرنا ان المرحلة الاولى هي تللك الجارية الان من هدم للبيوت وقتل الفلسطينيين فان الانتقال الى المرحلة الثانية مشروط بعدم مقاومة الفلسطينيين للعدوان الذي "يتدحرج" عليهم، بحسب المصطلحات الاسرائيلية.

ومن جهة ثالثة، افادت صحيفة "هآرتس"، اليوم، ان الجيش الاسرائيلي ووزارة الخارجية الاسرائيلية تقوم في الايام الاخيرة بجهود في مجال الاعلام من خلال دعوة مراسلي وسائل الاعلام العالمية الى مرافقة القوات الاسرائيلية. وغاية ذلك، بحسب الناطقة العسكرية، روت يارون، هو ان يروي هؤلاء الصحفيون قصة القتال الاسرائيلية لما يدري في رفح، مقابل قصص القتال الفلسطينية التي تبثها وسائل الاعلام العالمية والتي اصبحت تحرج اسرائيل. ويبدو ان دعوة الصحفيين الاجانب جاءت بعد هدم عشرات كثيرة من بيوت الفلسطينيين، بهدف توسع الشريط الحدودي، فيلادلفيا، والاهم ان هذه الدعوة للصحفيين جاءت بعد نزوح اكثر من عشرين الف فلسطينين من مواطني رفح من بيوتهم الواقعة في جنوب المدينة.

لقد كان من الصعب جدا خلال الايام الاخيرة الماضية معرفة حقيقة ما يدور في رفح والجرائم التي يرتكبها جيش اسرائيل هناك. ولكن بالامكان التعرف على بعض الحقائق من الصحفيين العسكريين الاسرائيليين الذين يسمح لهم بين حين واخر بمرافقة قوات الاحتلال الاسرائيلي. ونشرت "يديعوت احرونوت"، اليوم، تقريرا للمراسل العسكري في قناة التلفزيون الاسرائيلي الثانية، روني دانييل، الذي رافق القوات الاسرائيلية في رفح. وافاد دانييل في بداية تقريره ان "مقطعا طوله 1.5 كيلومتر استغرق المرور فيه 12 ساعة داخل مجنزرة. وتشير هذه الارقام، عمليا، الى كل ما يدور في المكان. فقد جاء الجيش الاسرائيلي الى رفح ثقيلا جدا، كبيرا جدا؛ لان ظل تدمير المجنزرتين في الاسبوع الماضي يخيم على العملية العسكرية الحالية. وكل شيء يجري بحذر شديد".

ويتحدث دانييل في تقريره عن الجنود الاسرائيليين الذين سيطروا على بيوت الفلسطينيين الخالية من اهلها. "في الشوارع لا ترى احدا: من لم يهرب (من الفلسطينيين) فانه يختبيء في البيت. ويبدو الحي الذي يسكنه 20 الف انسان مثل مدينة اشباح. بامكانك ان تتجول ساعات طويلة في المدينة دون ان ترى انسان. ولا يمكن ان ترى الجنود ايضا في الشوارع، انهم في البيوت او على الاسطح او داخل المجنزرات. وقال الجنود الذين شاركوا في القتال بجنين ان الوضع هنا اصعب مما كان عليه في جنين. وفي البيت الذي نزلنا في (بعد ان احتله الجنود) تجمع سكانه في المطبخ منطوين على انفسهم".

واضاف: "كل شيء يبدو انه ممكن في رفح. حراثة الشارع مثلا. ان تهدم دبابة سور بيت... في البيت الذي كنا فيه اشتكى صاحب البيت من ان القناصة (الاسرائيليين) ازالوا عدد من الحجارة في جدار غرفة الاستقبال ليتمكنوا من انشاء موقع لهم". واشار المراسل الى ان جميع الجنود الذين تواجدوا في البيت تجاهلوا شكواه.
اشارت "يديعوت أحرونوت" الى التنديدات الدولية بالجرائم الاسرائيلية. واشارت بشكل خاص الى تنديد منظمة العفو الدولية، "امنستي". وقالت الصحيفة ان تنديد امنستي جاء في وقت سيء للغاية بالنسبة لاسرائيل، وخصوصا نشر المنظمة الدولية تقريرا عن سياسة اسرائيل بهدم البيوت. وكان تقرير امنستي قد اشار الى قيام اسرائيل بهدم اكثر من 3000 بيت فلسطيني منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية واصفة ذلك بجيمة الحرب، يتوجب على العالم وضع حد لها. واوردت الصحيفة تعقيب وزارة الخارجية الاسرائيلية، المنعزلة كعادتها عن القيم البشرية: "هناك حق لكل دولة متطورة في العالم بهدم بيوت شيدت خلافا للقانون. ان عملية الهدم قانونية وقد صادقت عليها المحكمة"!!

وقالت الصحيفة في هذا السياق ان الولايات المتحدة وحدها فقط التي ابدت تفهما لمبررات الحملة العسكرية الاسرائيلية. واشارت الى اقوال الرئيس الامريكي جورج بوش، بان "لاسرائيل كل الحق بالدفاع عن نفسها من الارهاب". وكان بوش يتحدث امام زعماء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. لكن الصحيفة قالت ان اقوال بوش بان الحملة الاسرائيلية في رفح "تثير القلق" اثارت قلقا لدى المسؤولين الاسرائيليين من انها قد لا تتمكن من استخدام الـ"فيتو" في مجلس الامن الدولي لدى بحثه العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين في رفح.

قالت صحيفة "هآرتس" ان شارون سيتخذ اليوم قرارا فيما اذا كان سيطرح خطته الجديدة المزعومة لفك الارتباط على ابحاث جلسة الحكومة الاسبوعية يوم الاحد القادم. واضافت ان شارون سيقترح على وزرائه وضع "قيود سياسية" على خطته الاصلية، تلك التي فشلت في استفتاء الليكود. وسوف يتم من خلال الخطة الجديدة هذه تقطيعها الى مراحل، يتم في كل مرحلة اخلاء بضعة مستوطنات.وبعد مصادقة الحكومة على الخطة كلها سيتم بحث كل مرحلة على حدة والمصادقة من جانبي الحكومة على تنفيذ كل مرحلة بشكل منفصل.

واوضحت الصحيفة ان خطة شارون الجديدة ستتضمن اخلاء المستوطنات في قطاع غزة واربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية، السيطرة الاسرائيلية على المعابر الحدودية والجالين الجوي والبحري بقطاع غزة، والسيطرة على محور فيلادلفيا

التعليقات