صحيفة هآرتس: آن الأوان لمبادرة إسرائيلية جديدة

-

صحيفة هآرتس: آن الأوان لمبادرة إسرائيلية جديدة
كتب زئيف شيف في صحيفة هآرتس تحت عنوان :" آن الأوان لمبادرة إسرائيلية" :

لقد لاح في السابق أربع فرص كبيرة لإحداث تغيير جوهري في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وكانت الفرصة الأولى بعد الإنتصار الكبير في حرب 67، حين إنتقلت الضفة الغربية وقطاع غزة إلى أيدي إسرائيل، وفي حينه قررت الدول العربية بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر اللاءات الثلاث:" لا سلام ولا اعتراف ولا مفاوضات". ولكن بالرغم من ذلك كانت إسرائيل تستطيع أن تبادر إلى مبادرة مع الفلسطينيين ولكنها لن تفعل.

وكانت الفرصة الثانية في أعقاب إتفاقية السلام مع مصر والمفاوضات حول الحكم الذاتي الفلسطيني، حينئذ تشددت إسرائيل ولم تخرج بمبادرة أمام الفلسطينيين، وكان بمقدورها أن تحظى بالدعم المصري. اما الفرصة الثالثة فقد تكونت في أعقاب مؤتمر مدريد واتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين، وقد خطت إسرائيل خطوة إلى الأمام، إلا أن الإتفاقيات تحولت إلى "شرك الصياد"، ولا يتحمل الفلسطينيون وحدهم مسؤولية ذلك.

وكانت الفرصة الرابعة في مؤتمر كامب ديفيد (بمشاركة إيهود براك وياسر عرفات)، والبقية معروفة آلاف القتلى من الطرفين. وهنالك بالتأكيد من سيضيف أمثلة أخرى على القائمة، مثل إقتراح الملك حسين أن تسمح إسرائيل له بالعودة إلى جزء من الضفة الغربية.

وكانت هناك أيضاً فرص تكتيكية، فعند تعيين محمود عباس أبو مازن رئيساً للحكومة الفلسطينية، كان بإمكان إسرائيل أن تعطيه بشأن الأسرى ما أعطته لحزب الله، وكان من الممكن أن تظهر الأمور بصورة مغايرة لو فعلت إسرائيل ذلك. ولو كان شارون على إستعداد لمنح أبي مازن جزء مما هو على إستعداد لمنحه لحماس بدون مقابل، في خطة فك الإرتباط، لبقيت الآمال المعقودة على أبي مازن حية.

لقد تعلمنا من الماضي أنه عندما تخلق فرصة لإحداث تحول لدينا كان الرعب والخوف يدب في قلوب السياسيين، ويحل محل الجرأة الميل إلى تجميد كل شيء وإنتظار المصادقة، ربما من السماء، على العملية السياسية، وأثناء ذلك تضيع الفرصة. وقد تعلمنا من الماضي أيضاً أنه يمكن خلق الفرص عندما نصل إلى مفترق طرق، مثل هذه الفرصة الحالية، حيث تتراجع سلطة عرفات على الفلسطينيين.

في الوقت الحاضر علينا الإنتظار والإمتناع عن التدخل المباشر في " تمليك الملوك"، مثلما حاولت إسرائيل أن تفعل في لبنان. ومع ذلك يجب علينا إعداد مبادرة. ومثلما بادر شارون الى خطة فك الارتباط الاحادية الجانب، يجب اعداد مبادرة اسرائيلية مرتبطة بالتحولات التي تحدث في القيادة الفلسطينية. فالعملية الإنتحارية التي حدثت في تل ابيب والتي نفذتها الجبهة الشعبية وكان قد خطط لها منذ شهر، علينا النظر إليها كجزء من الصراع الداخلي الفلسطيني. فهذا التنظيم قد رفض في حينه الإنضمام إلى وقف إطلاق النار عندما كان أبو مازن رئيساً للحكومة. ومن الواضح أن كل مبادرة إسرائيلية ستضيع إذا لم يكن وريث عرفات على إستعداد لمحاربة الإرهاب. وبالنسبة للفلسطينيين فالطريقة الأفضل هي تبني الخطة الأمنية البريطانية – الفلسطينية.

يجب أن تتمحور المبادرة الإسرائيلية، قبل المفاوضات، في تبني عاملين أساسيين: الأول القبول بمرتكزات إقتراح الرئيس كلينتون للحل الشامل، التي تتعلق بتقسيم المساحة، وتقسيم القدس وتبادل مناطق وقضية اللاجئين. أما العامل الثاني الذي يجب البدء به وهو إعلان إسرائيل عن إستعدادها للعودة إلى خطوط 28 أيلول 2000 في الضفة الغربية.

وفي ظل المواجهات الحالية فهذه مبادرة إيجابية لتجديد المفاوضات مع قيادة فلسطينية جديدة.

التعليقات