"لا فرق بين براك ونتانياهو"..

-

كتبت هيئة تحرير "هآرتس" أن وزير الأمن، إيهود براك، يتصرف كأنما تم استئجاره من أجل إعادة بناء الجيش بعد الحرب الأخيرة على لبنان، وهو يوجه طاقاته بهذا الاتجاه. وعلى الرغم من أن الحديث هو عن قائد حزب العمل، الذي كان أقرب ما يكون إلى التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين في "كامب ديفيد" بشأن إقامة الدولة الفلسطينية، فإن رأي براك لا يسمع علانية بشأن الخطوات السياسية التي يقوم بها إيهود أولمرت، ويبدو أنه يقوم بتثبيت مكانته السياسية عن طريق النظر إلى الواقع بالمنظار العسكري بدون أن تكون العدسات مغلقة.

وبراك يظهر كرئيس هيئة أركان أعلى في التمرينات العسكرية، وينشغل بإقامة كتائب جديدة وتطوير وسائل دفاعية مضادة للصواريخ، إلا أنه يحاذر التصريحات السياسية، وهو بذلك يمس بمكانته كمن يفترض أن يقود ما يسمى بـ"معسكر السلام" بشكل تقليدي، بحسب وجهة نظر هيئة تحرير "هآرتس".

وتضيف الصحيفة أنه من خلال شهادة براك أمام لجنة فينوغراد، فمن الممكن الاستنتاج بأنه كان يعتقد أيضاً أن الانسحاب الأحادي الجانب هو عملية ممكنة ومطلوبة "عندما لا يوجد من يمكن التفاوض معه". وهو لا يرى في الانسحاب من لبنان في العام 2000 عملاً متسرعاً، وإنما ضرورة استوجبها الواقع بعد أن تم فحص إمكانية تنسيق الانسحاب مع سورية.

ومن الممكن الافتراض أنه ينظر إلى الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة بنفس النظرة. وإذا كان بالإمكان الحكم بموجب أقوال براك نفسه في الماضي بشأن الانسحاب من الضفة الغربية، فإن الانسحاب سيكون أيضاً ضرورة أكثر مما هو خيار، أو بحسب كلماته "الحياة ستقودنا إلى هذه الخطوة بالضبط".

كان رد الفعل الوحيد لبراك على الخطة السياسية التي نشرت هذا الأسبوع، وتنسب لشمعون بيرس، هو أنه يجب عدم الانسحاب من الضفة الغربية قبل أن تطور إسرائيل منظومة دفاعية مضادة للصواريخ، والذي من الممكن أن يستغرق عدة سنوات.

وهنا تتساءل الصحيفة: هل يجب أن تعرقل هذه المدة الزمنية توقيع اتفاق مبادئ مع الحكومة الفلسطينية بشأن إقامة الدولة في الضفة والقطاع؟ أم أن ذلك هو المدة الزمنية التي ينتهي بعدها التواجد العسكري الإسرائيلي، وليس المدني بالضرورة، في الضفة، بموجب نموذج الانسحاب من شمال الضفة الغربية؟

يجب على براك أن يجيب على هذه الأسئلة، ليس أمام اللجان التي ستحقق في الحرب القادمة، وإنما أمام جمهور منتخبيه الذين لا يرون أي فرق بينه وبين بنيامين نتانياهو. ولا يمكن غض النظر عن عمليات اجتماعية من الممكن أن تفشل أي اتفاق سياسي في المستقبل أو تحول مهمة إخلاء مستوطنات إلى غير ممكنة.

وتشير الصحيفة إلى أن اليمين قد انتبه إلى أن عدد المتدينين قد ارتفع، وكذلك قوة اليمين السياسية، كما ارتفع عدد معتمري "القبعات المطرزة" في أوساط ضباط الجيش بشكل متواصل. ومن الممكن أن يكون رفض إخلاء مستوطنات في الضفة في السنوات القادمة بهذا الحجم الذي يمنع تنفيذه.

وتخلص الصحيفة إلى أن تطوير سلاح مضاد للصواريخ هو جانب صغير في أمن الدولة، ومن المفروض أن يدرك وزير الأمن ذلك. وهو جانب صغير في منصب براك كرئيس لحزب العمل. فالاتفاق الذي يحدد حدود الدولة في أسرع وقت ليس بادرة حسن نية تجاه عباس، وإنما نظرة ثاقبة للواقع السياسي والاجتماعي الذي قد يتغير إلى الأسوأ..

تجدر الإشارة إلى أن صحيفة "هآرتس" ترى أن الظروف باتت مواتية للسعي باتجاه الحل الذي نصت عليه خطة شمعون بيرس، والتي تستند إلى إقامة دولة فلسطينية، ليست القدس عاصمة لها، وبدون تفكيك الكتل الاستيطانية، وإلى إجراء تبادل مناطق، وطمس حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها.

التعليقات