"لبنان تحد ومسؤولية"

افتتاحية صحيفة هآرتس .08.2008 ترجمة عرب48

صدرت ثلاث تصريحات خطيرة، يكمل أحدهم الآخر، في نهاية الأسبوع. فقد أعلن الرئيس الجديد ميشيل سليمان، والذي كان قائدا للجيش، أن «العد التنازلي بدأ لتحرير الأراضي» في منطقة شبعا، ودعا إلى توجيه السلاح الذي بيد اللبنانيين باتجاه إسرائيل، واحتفل بتحرير سمير القنطار والآخرين في إطار صفقة التبادل.

حكومة الوحدة الجديدة في بيروت، التي شكلت مرة أخرى برئاسة فؤاد السنيورة بمشاركة حزب الله كشريك مركزي، أعلنت الخطوط الرئيسية وتضمنت اعترافا بحق حزب الله باستخدام كافة الوسائل المتاحة له من أجل تحرير المناطق التي بيد إسرائيل. فيما قال قائد حزب الله في جنوب لبنان، نبيل القاووق في مقابلة مع الصحيفة البريطانية "تلغراف" إن حزب الله جاهز للمواجهة مع إسرائيل وأنه قادر على ردعها.

التصريحات الأخيرة هي صور انعكاسية لتصريحات رئيس الوزراء إيهود أولمرت وآخرين في القيادة الإسرائيلية حول الإنجاز الكبير الذي تحقق في السنتين الأخيرتين: ردع حزب الله. وفي الحالتين تعتمد التصريحات على تبجح أكثر مما تعتمد على حقائق. فالطرفان ارتدعا، منذ نهاية الحرب في الشمال، بسبب موازين حسابات معقدة ومركبة.

إن خرق التوازن من أي جانب وارد في أي لحظة، وفي الجيش يخشون من أن مع اكتمال صفقة القنطار وانتخاب سليمان كمرشح توافقي مقبول على سوريا، وحزب الله بل وحتى على الولايات المتحدة، وبعد تشكيل الحكومة التي تعكس القوة السياسية لحزب الله – سيزيد الضغط الداخلي في حزب الله لاستئناف العمليات التي أقلع عنها منذ أغسطس آب عام 2006، إذ أن دون مقاومة فعالة لا يوجد لحزب الله مبرر لوجوده.

وتكمن الخطورة الكبيرة في رزمة التصريحات تلك بأنها تزيل الفوارق والحدود بين حكومة بيروت وحزب الله. ففي العالم المنظم حسب دول، والتي تدعي بأنها تسير وفقا لقوانين الأمم المتحدة، لا يوجد مكان لكيانات داخل الدول، تسعى إلى الحصول على الحقوق دون الواجبات.
فكل دولة تتحمل المسؤولية عما يدور في أراضيها وما ينطلق منها. كما أن ضعف الحكومات لا يعفيها من فرض سيادتها. هذا المنطق كان الدافع لإدارة بوش حينما شنت حربا لإسقاط حكومة طالبان في أفغانستان التي منحت حماية للقاعدة.

إلا أن نفس إدارة بوش منعت أولمرت في يوليو عام 2006 من قبول التوصيات الرصينة لقائد الأركان دان حالوتس بالرد على هجمات حزب الله بضرب المؤسسات الرسمية للبنان، لدفع حكومة السنيورة إلى كبح جماح حزب الله والعمل على تطبيق الاتفاقات ونزع سلاح كافة الميليشيات في لبنان- التي انصاعت كلها للاتفاق ما عدا حزب الله.
وبالتالي خضعت إسرائيل لما بدا ظاهريا بأنه قيام لبنان الجيد التابع للسنيورة، إلى جانب لبنان السيء التابع لحسن نصر الله وعرابيه في طهران. وكانت النتيجة تبديد التعادل الذي فسر نصرا لحزب الله.
ينبغي أن يكون لإسرائيل عنوانا واحدا في لبنان هو الحكومة. إلا أن بقاء السنيورة بم يساعدها لأنه أصبح شريكا لحزب الله.

إن التبجح الحربي لسليمان السنيورة ونصر الله هو لعب بالنار، ربما تحت غطاء فترة أفول بوش والمرت. وعلى لبنان أن يعرف كم هذا التحدي خطير ومنه تتمخض المسؤولية عن التجدد المؤسف للعنف.

التعليقات