"مؤتمرات السلام ليست لعبة.. هذا لعب بالنار"..

-

كتب عكيبا إلدار في صحيفة "هآرتس" مفتتحاً مقالته باقتباس أقوال الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، في المؤتمر الذي عقد في مدريد، في نهاية تشرين الأول/ أوكتوبر 1991، حيث قال: "الإدارة الأمريكية مصممة على عقد المؤتمر الدولي في أسرع وقت ممكن، وأن الرئيس الأمريكي أثبت مدى قدرته على مواصلة طريقه وعدم تخليه عن خطة المؤتمر. وأعلن الرئيس جورج بوش في مؤتمر صحفي أنه يطالب بتجميد البناء في المستوطنات، وهدد أنه في حال تجاهلت حكومة إسرائيل طلبه، فلن يتردد في المس بالمساعدة الاقتصادية للصديقة الصغيرة. هذه هي الولايات المتحدة وهذه هي سياستها الخارجية، وطالما اشغل منصب الرئيس، فإنني أواصل العمل من أجل ما أعتقد أنه الأفضل للولايات المتحدة.. وأنا على قناعة مطلقة بأن الأمر هو في صالح عملية السلام"..

ويتابع أنه وبالرغم من أن تلك الأيام كانت أيام انتخابات للرئاسة، فقد أصر بوش على أن المفاوضات حول مستقبل الأراضي المحتلة لا يتماشى مع الخطوات التي تعمق الاحتلال. وأجبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، في حينه، يتسحاك شامير، على الاختيار بين سياسة الخارجية للولايات المتحدة، وبين سياسة الاستيطان الإسرائيلية. وقد اختار شمير الاستيطان، واحتجت المنظمات اليهودية، وضغط "أصدقاء إسرائيل" في الكونغرس، ولم يتنازل بوش، وقام بتجميد ضمانات بقيمة 10 مليارد دولار كانت إسرائيل قد طلبتها من أجل تمويل الهجرة من الاتحاد السوفييتي.

وبحسبه، فإنه، اليوم، وبعد 6 أسابيع من الخطاب الذي أعلن فيه بوش الابن عن قراره بدعوة إسرائيل والفلسطينيين ودول عربية إلى مؤتمر يخصص للدفع بفكرة الدولة الفلسطينية، يبدو أن التناقض لا يزال قائماً بين رؤية حل الدولتين وبين الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فحتى بوش الابن طلب من إسرائيل وقف توسيع المستوطنات، كما طالب بإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية. مع الإشارة إلى أنه في فترة بوش الأب كانت كل عملية بناء إسرائيلية في أرض محتلة هي خرق للقانون الدولي.

وفي خطابه في السادس عشر من تموز/ يوليو لم يكتف بوش الابن بالحديث العام عن "الرؤيا" وعن "الأفق السياسي"، بل لم يتردد عن الحديث في المواضيع الجوهرية، حيث قال، في حينه، إنه يجب بدء المفاوضات بقضايا الحدود واللاجئين والقدس، واعتماد ترسيم الحدود على أساس "خطوط الماضي وواقع الحاضر، مع تعديلات متفق عليها".. واليوم.. يقترب الخريف.. موعد انعقاد المؤتمر.. لا يوجد أي دعوة، ولا مكان لعقد المؤتمر، ولا تاريخ، ولا قائمة مدعوين، ولا برنامج عمل..

ويتابع أنه حتى لو كان الحديث عن القوة الأعظم في العالم وعن المؤتمر الذي يهدف إلى تغيير موازين القوى الإقليمي بين المعتدلين والمتطرفين، فمن الممكن الضحك.. فحتى نائب وزيرة الخارجية الأمريكية، نيكولاس بيرنز، قال في الأسبوع الماضي لـ روجر كوهين من "نيويورك تايمز" إن إيران وحلفاءها في العراق ولبنان وغزة ينتظرون فشل المؤتمر.. وعبر بيرنز عن المخاوف من أنه في ظل التوجه نحو التطرف في الشرق الأوسط ، فمن الممكن أن تكون هذه الفرصة لن تتكرر..

ويتساءل إلدار: وماذا تفعل رئيسته، كونداليزا رايس، من أجل عدم ضياع هذه الفرصة مثل سابقاتها؟.. ويجيب أنه في حال عدم حصول أي أمر طارئ، فإن رايس سوف "تقفز" إلى المنطقة بعد أسبوعين لعدة ساعات.. وعندها فمن المؤكد أنها ستنضم إلى نظيرتها تسيبي ليفني، بأنه يجب "خفض سقف التوقعات".. وكأن أحدا لديه توقعات...

ويشير في المقابل إلى أن وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر زار المنطقة في الفترة الممتدة بين آذار/ مارس وتشرين الأول/ أوكتوبر 1991 سبع مرات من أجل الإعداد للمؤتمر، والذي كان عبارة عن حفل افتتاح لمفاوضات عقيمة بين إسرائيل والعرب، وفي حينه لم يطرح أحد مسائل مثل باحة الحرم واللاجئين وتبادل المناطق..

وينهي بالقول إن "الأمريكيين لم يتعلموا الدرس المر من فشل قمة كامب ديفيد الثانية والانتفاضة التي جاءت في أعقابها.. مؤتمرات السلام ليست لعبة.. هذا لعب بالنار"..

التعليقات