"مفاوضات غير جدية"..

-


كتب عوزي بنزيمان في صحيفة "هآرتس" أن إيهود أولمرت في المفاوضات التي يجريها مع الفلسطينيين يذكر بقصة الثعلب وكرم العنب، حيث اضطر الثعلب إلى تجويع نفسه ليتمكن من الدخول إلى الكرم، وعندما شبع من العنب وجد نفسه عالقا في الكرم. وفي المقابل فإن رئيس الحكومة يتركز في ائتلافه، من أجل بقائه في منصبه وتحقيق الهدف الذي وضعه أمامه، التوصل إلى اتفاق مع أبو مازن، وبالنتيجة فهو يشل قدرته على التقدم باتجاه هدفه المعلن.

وبحسبه، فإنه كما يبدو يجب التسامح مع التقلب الكلامي لرئيس الحكومة، فهو يقول تارة إنه لا يتحدث عن مستقبل القدس، وتارة أخرى يقول إنه على جدول الأعمال، وفي أحيان أخرى فهو يتعهد ببحث موضوع القدس بعد أن يتم التوصل إلى تفاهمات في كافة القضايا الأخرى المختلف عليها.

ويضيف أن هذه الفرضية المتسامحة غير ممكنة في ظروف الساحة الحالية، فأولمرت ليس قائدا بقامة مناحيم بيغين، الذي كان قادرا على الذهاب إلى كامب ديفيد، تاركا في البلاد انطباعا بأنه ينوي الاستيطان في واحات سيناء حتى نهاية ولايته، ليعود متنازلا للمصريين عن كل سيناء. كما أن أولمرت لا يشبه يتسحاك رابين الذي خالف موقفه الأصلي بعدم إجراء مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، وعمل على تطبيق اتفاقات أوسلو، كما يختلف أولمرت عن أرئيل شارون الذي تمكن من صد الادعاءات التي تقول إن إخلاء قطاع غزة يتناقض بشكل تام مع رؤيته السياسية والاستيطانية. وينتهي الكاتب إلى القول بأن أولمرت تنقصه الكاريزما ليجذب الجماهير خلفه إلى طريق جديد.

ويضيف الكاتب إنه عندما يتلوى أولمرت بلسانه من أجل إزالة شكوك جماعتين تصغيان إلى تصريحاته؛ "شاس" من جهة، وأبو مازن وصحبه من جهة أخرى، فهو يبدو كبهلوان على وشك السقوط عن الحبل، أكثر مما يبدو كسياسي محنك يعرف طريقه. فعندما يصرح أولمرت اليوم أنه لن يتم التباحث مع الفلسطينيين حول القدس، فهو يترك انطباعا ينم عن الضعف، لأن الجمهور يتساءل عندها "ماذا سيكون غدا؟ وهل سيستمر الصمت بشأن القدس؟

ويتابع أن السؤال الذي يطرح نفسه هو أن الحاجة إلى التوصل إلى تسوية بشأن مكانة القدس هي لب الصراع، ويجب مناقشتها، فكيف يمكن التهرب من ذلك؟ ويضيف أنه في الظروف الحالية، حيث القيادة الفلسطينية مضعضعة، بينما الحكومة الإسرائيلية خاضعة لتهديدات "شاس"، فإن المفاوضات تفوح منها رائحة عدم الجدية.

وبحسبه فإن المفاوضات الجدية يجب أن تدور حول القضايا المختلف عليها، حيث يتوقع أزمات صعبة، وينجر الشعبان إلى نقاشات داخلية عاصفة.. وعندما لا يحصل ذلك، وعندما يقوم أولمرت وأبو مازن بإجراء لقاءات روتينية مهذبة، وعندما لا يكون هناك أي تغيير على أرض الواقع في تصرف الطرفين، فإن الاتصالات السياسية بينهما تبدو كرقص مفتعل.

ويضيف إن الطابع الاحتفالي الذي تحمله المفاوضات مع الفلسطينيين يناسب الواقع السياسي في إسرائيل ومشاعر الجمهور، فالاستطلاعات تشير إلى تأييد الأغلبية لليكود وباقي أحزاب اليمين. وهذا هو الوضع في الكنيست أيضا. ولذلك فقد كتب على العملية السياسية التي يقودها أولمرت أن تتبدد من تلقاء نفسها. وفي المقابل هناك اعتقاد أنه لو قدم للشعبين برنامج سلام مبلور، يفتح أمامهما مستقبلا واعدا، لكان الشعبان قد تبنيا البرنامج حتى لو كان هناك خلاف منذ البداية على المركبات المركزية في البرنامج.

وبحسب يقف في مركز مثل هذا البرنامج تصميم القادة على المخاطرة، والتحدث مع العدو، وشق الأنسجة الحساسة للصراع، وطلب ثقة الجمهور حول موقفهم. إلا أن الأمور لا تبدو كذلك في الواقع الإسرائيلي الحالي، فأولمرت وشركاؤه في السلطة يعتقدون، لسبب ما، أنه يمكن صنع السلام بالمكر والخداع..

التعليقات