"هزيمة إسرائيل في سديروت"..

-

كتب المعلق العسكري زئيف شيف في صحيفة "هآرتس":


[[..حتى لو صرحت إسرائيل عشرات المرات أن حماس في حالة من الضغط وتسعى لوقف إطلاق النار، إلا أن ذلك لا يمحو حقيقة هزيمة إسرائيل في المعركة على سديروت. أما التصريحات، والتي نحن بغنى عنها، بشأن حرب ممكنة مع سورية، فلا يجب أن تشغلنا عن الهزيمة في سديروت.

ما حصل لإسرائيل في هذه المدينة، لم يحصل منذ حرب 1948. فقد جعل العدو المدينة تنزف، وأوقف مجرى الحياة فيها. وما يأس رئيس بلديتها إلا مثال على ما يحصل. ومشهد الذين رفضوا النزول من الحافلات بعد جولة "الإنعاش" هو دليل آخر على أن ما يحصل في سديروت هو عار قومي.

أقوال جنود الاحتياط في سديروت والبلدات الأخرى في الجنوب، والذين التقوا مع وزير الأمن، عمير بيرتس، هي جديرة بالإهتمام. فهم لا يهددون بعدم الخدمة في الاحتياط، وإنما يقولون إنهم يعيشون في خط الجبهة، ويشعرون أن الحكومة لا تقف إلى جانبهم، وأن الحكومة فشلت في الدفاع عن الجبهة الداخلية.

لقد فشلت هنا هذه الحكومة الحالية فعلاً، وكذلك سابقتها، فشلاً ذريعاً. فلم تنجح الحكومة في جعل سديروت الواقعة تحت القصف مشروع دفاع قومي، الأمر الذي يعزز التقديرات بأن هذه الحكومة غير قادرة على القيادة في مواجهة عسكرية كبيرة.

وهذه أيضاً هزيمة للأجهزة الأمنية، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي. ولم يتوفر طيلة هذه السنوات، ولو بشكل جزئي حل لمشكلة الصواريخ. وحتى الحرب الأخيرة على لبنان كانت تعتبر الجبهة الداخلية جبهة ثانوية. وسوف تمر سنوات حتى تكتشف إسرائيل الطريق في هذا المجال، رغم أنه اتخذت قرارات في السابق، ولكن تحت سلطة الموظفين، فإن المالية تؤخر ما تمت المصادقة عليه.

العدو الذي هزم سديروت هو منظمة إرهابية ضعيفة من الناحية العسكرية، وبالرغم من ذلك فقد نجح في تحقيق ردع متبادل مقابل إسرائيل، مثلما فعل حزب الله. وتتذرع الحكومة والأجهزة الأمنية بأن المعركة ستكون شديدة، يقتل فيها عدد كبير من الفلسطينيين، وسيكون لإسرائيل خسائر كبيرة، ويظل الجيش عالقاً في قطاع غزة في الوقت الذي قد تشتعل فيه الجبهة السورية، كما من الممكن أن يعارض المجتمع الدولي الرد الإسرائيلي العنيف. وفي هذه الأثناء لا يرد الجيش على مصادر إطلاق صواريخ القسام عندما يتم إطلاقها من مناطق مأهولة.

النتيجة النهائية هي التي تقرر، وليس التبريرات. والنتيجة هي أن هناك ردعاً متبادلاً بين إسرائيل وقطاع غزة تحت سيطرة حماس. وحالة "تعادل" عسكري بين إسرائيل وحماس، تعني فشلاً خطيراً في الوعي القومي، أشد من الفشل في الحرب على لبنان.

وعلاوة على ذلك، فقد وضعت حقيقتان إستراتيجيتان مهمتان، يجب عدم تجاهلهما:

• الأولى أن التغييرات في ساحة القتال وطبيعة القتال أدت إلى جعل العمق الإستراتيجي (وليس الجغرافي) لإسرائيل صفراً. وفي حال حصل في الضفة الغربية ما يحصل في قطاع غزة، فإننا سنعود إلى الوضع الذي كان خلال حرب 1948. ولذلك على إسرائيل أن تصر اليوم على عزل الضفة الغربية، ورفض خطة المنسق الأمني الأمريكي، الجنرال كيت دايتون، والتي من الممكن أن تؤدي إلى تسلل حماس إلى الضفة. وحتى لو تم التوصل إلى وقف حقيقي لإطلاق النار في قطاع غزة، يجب أن تمر سنة هادئة على الأقل قبل أن يتم نقل وقف إطلاق النار إلى الضفة.


• أما الحقيقة الثانية فهي إلغاء القاعدة الاستراتيجية التي وضعها دفيد بن غوريون بشكل كامل، والتي تعني أنه في حال حصول مواجهات عسكرية، يجب على إسرائيل نقل المعركة بسرعة إلى مناطق العدو. فالعدو الآن هو الذي ينقل الحرب إلى داخل إسرائيل]]..


التعليقات