"يد للسلام ويد للاستيطان"..

-

كتب عكيبا إلدار في صحيفة "هآرتس":

[[ رحب رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، الأسبوع الماضي، بتحويل كلية "ارئيل"، في مستوطنة "ارئيل"، إلى جامعة، في حين سافر اليوم إلى أريحا من أجل الحديث مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن "اتفاق مبادئ" لإقامة الدولة الفلسطينية.

وبموجب كافة الخرائط، بما في ذلك خرائط أصدقائنا الأمريكيين، فإن أرض الحرم الجامعي للجامعة الجديدة من المفترض أن تكون جزءاً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية الجديدة. فكيف يجب أن يفهم المواطن الفلسطيني البسيط الأنباء عن تثبيت مكانة الكلية الإسرائيلية الكبيرة التي زرعت في قلب الضفة الغربية؟ وأية قيمة ستكون، بنظره، لتعهدات أولمرت لـ أبو مازن بشأن الدفع باتفاق سلام يضع حداً للاحتلال الإسرائيلي؟..

من المقبول أنه لا يوجد نوايا سيئة لرئيس الحكومة، فأولمرت مثل غالبية الإسرائيليين، قد اعتاد لمدة 40 عاماً على العيش برسالتين مزدوجتين؛ اليد الأولى للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ممدودة للسلام مع العرب، وفي الوقت نفسه، فإن اليد الثانية "تزرع وتداً" آخر في الأراضي المحتلة.

ومن أجل صناعة هذه التناقضات بين الأقوال والأفعال، فقد بنى الحقوقيون منظومة جسور فخمة للسياسيين، تتيح لهم عملياً ضم الأراضي الفلسطينية، بدون ضم سكان فلسطينيين. و"مركز التعليم العالي يهودا والسامرة- كلية أرئيل" هو أحد تلك الاختراعات، التي تتيح إقامة وتطوير مؤسسة أكاديمية إسرائيلية خارج الأراضي السيادية لإسرائيل. فمن جهة فإن وزارة المعارف تعترف بالألقاب الجامعية وبرامج التعليم الخاصة بالمركز الجامعي الجديد، ومن جهة أخرى فإن وزيرة المعارف تقول إن القرار بتحويل مكانة الكلية إلى مركز جامعي ليس ساري المفعول.

وانهيار شركة "حفاتسيبا" يلقي الضوء، بالأحرى يلقي بظلاله، على الأسلوب الذي يتيح لإسرائيل الحديث عن السلام، وفي الوقت نفسه مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية. فمجموعة قوانين التخطيط والبناء تم وضعها بموجب معايير تجار الأراضي اليهود المشكوك بأمرهم، وكذلك شركات العقارات التي يملكها قادة المستوطنين، وفلسطينيين وهميين على استعداد لبيع الوطن مقابل حفنة من المال. والالتماس الذي قدم للمحكمة العليا من قبل سكان قرية بلعين و"سلام الآن"، والذي أدى إلى وقف أعمال البناء في "متتياهو مزراح"، الحي الاستيطاني الجديد في مستوطنة "موديعين عيليت"، كشف عن ظاهرة خطيرة، تعاونت فيها النيابة العامة والمجلس المحلي والإدارة المدنية، سواء بالعمل أو بغض الطرف، وبآلية مزيتة بشكل جيد من أجل مصادرة الأراضي الفلسطينية. وعلى بعد بضعة عشرات الأمتار من هناك، في داخل إسرائيل، لا يستطيع أي مقاول أن يبني مئات الشقق السكنية بدون خارطة هيكلية، وتراخيص بناء، وفحص أساس لوثائق ملكية الأرض.

هذه الرسائل المزدوجة للسياسيين تكمل ازدواجية المعايير لأجهزة فرض سلطة القانون، والتي تتيح للمستوطنين، الحكام الحقيقيين في الأراضي الأراضي الفلسطينية، أن يسخروا من الحديث عن "تسوية سياسية". وفقط هناك يمكن لقائد عسكري أن يسمح لقاتل بحمل سلاح "أم 16"، مثل عضو الشبكة الإرهابية اليهودية مناحيم ليفني، الذي حكم عليه بالسجن المؤبد، وأطلق سراحه بعد 7 سنوات. وفقط نائبة رئيس محكمة الصلح تبرئ ساحة ليفني الذي أطلق النار على شاحنة فلسطينية. وفي قرار المحكمة المركزية الذي أدان ليفني، كتب قاضي المحكمة العليا، أدموند ليفي، أنه "لا يمكن تقبل هذا الواقع، حتى لو كان بعيدا عن أعين الجمهور الواسع، وراء الخط الأخضر، حيث يلقى تسامحاً من الصعب فهمه. ولا يخطر على بال أحد أن من يقوم بأمر مماثل في إسرائيل تجاه جيرانه، مهما كان انتماؤهم القومي، سيكون معفياً من الإدانة".

هذا التشخيص النادر يذكر بتشبيه إيهود براك لإسرائيل بأنها "فيلا في داخل غابة". من الممكن مناقشة كونها "فيلا"، ولكن طالما أن وزير الأمن وآخرين في الأجهزة الأمنية، والسياسية والقضائية يتعاملون مع المناطق المحيطة بإسرائيل كغابة، فإن رئيس الحكومة يستطيع أن يوفر على نفسه عناء السفر إلى أريحا في حر آب/ أغسطس القائظ]]..

التعليقات