"في ميدان التحرير بدأ عصر الهيمنة الغربية بالتلاشي"

"خيانة الغرب لمبارك ليست خيانة لمن كان مخلصا للغرب، وخدم الاستقرار وشجع الاعتدال فحسب، وإنما خيانة لكل حليف للغرب في الشرق الأوسط وفي العالم الثالث"

 
كتب أرييه شافيط في صحيفة "هآرتس" اليوم، الخميس، إن عمليتين ضخمتين تحصلان الآن أمام أعين الجميع؛ الأولى هي ثورة التحرر العربية. فبعد نصف قرن من تحكم الطغاة بالعالم العربي، فإن سلطة الطغاة بدأت تهتز، ولم تعد الجماهير العربية على استعداد للتحمل.
 
وبحسبه فإن "العمليات التي بدأت تبرز في العقد الأخير تنفجر فجأة على شكل انتفاضة حرية، وتتشكل كتلة ضخمة لا يمكن مواجهتها من الحداثة والعولمة والاتصال والأسلمة.. وبينما يهتز العراق الديمقراطي، وبتغذية من قناة الجزيرة فإن باستيل تونس سقط، ويتساقط باستيل القاهرة، وسوف تتساقط باستيلات عربية أخرى".
 
ويضيف أن المشاهد تشبة مشاهد الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، إلا أن الانهيار يشبه انهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1989. وأنه "لا أحد يعرف إلى أين ستؤدي الانتفاضة، ولا يعلم أحد ما إذا كانت ستجلب في أعقابها ديمقراطية أم ثيوقراطية أم دكتاتورية من نوع جديد.. ولكن ما كان لن يكون، فالنظام الذي ساد الشرق الأوسط يتفكك. ومثلما انهارت الملكية في أعقاب ثورة الضباط الأحرار في خمسينيات القرن الماضي التي اعتمدت على الدول الإستعمارية، فإن ثورة الميدان في العام 2011 سوف تؤدي إلى انهيار الاستبداد العربي الذي اعتمد على الولايات المتحدة".
 
أما العملية الثانية، بحسب شافيط، فهي تسارع "سقوط الغرب.. حيث أن الغرب وفّر للعالم لمدة 60 عاما نظاما غير مكتمل ولكنه مستقر، فقد بنى نوعا من إمبراطورية ما بعد الإمبريالية والتي ضمنت الهدوء النسبي، إلا أن صعود الصين والهند والبرازيل وروسيا، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا أدت إلى بدء سقوط هذه الإمبراطورية".
 
ويتساءل الكاتب في هذا السياق كيف يمكن أن يصبح مبارك الذي كان رئيسا محترما في أيار/مايو 2009، احترمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، دكتاتورا ظلاميا في كانون الثاني/ يناير 2011 يتخلى عنه؟. ويصل الكاتب إلى أن الموقف الذي يتخذه الغرب غير أخلاقي ولا يعكس التزاما حقيقيا تجاه حقوق الإنسان. وبحسبه فإن ذلك يمثل موقف الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر المتمثل بـ"التزلف للطغاة الظلاميين والأقوياء والتخلي عن المعتدلين والضعفاء".
 
ويدعي الكاتب أن خيانة كارتر لشاه إيران أدت إلى "نظام آيات الله في إيران والذين سيتسلحون بالأسلحة النووية قريبا، وأن "خيانة الغرب لمبارك سيكون لها أبعاد لا تقل خطورة".
 
كما يدعي الكاتب أن "خيانة الغرب لمبارك ليست خيانة لمن كان مخلصا للغرب، وخدم الاستقرار وشجع الاعتدال فحسب، وإنما خيانة لكل حليف للغرب في الشرق الأوسط وفي العالم الثالث".
 
ويخلص الكاتب في نهاية مقاله إلى أن "ثورة التحرر العربية سوف تغير الشرق الأوسط من الأساس، في حين أن سقوط الغرب سوف يغير العالم. وأن النتيجة الأولى لذلك ستكون التوجه باتجاه الصين وروسيا والدول الإقليمية العظمى مثل البرازيل وتركيا وإيران. أما النتيجة الثانية فستكون سلسلة من التصادمات الدولية النابعة من فقدان قدرة الردع الغربية".
 
ويضيف أن النتيجة الأخيرة الشاملة سيتكون "انهيار الهيمنة السياسية لشمال الأطلسي خلال سنوات، وليس خلال عقود. وعندما تقوم الولايات المتحدة وأوروبا بدفن مبارك، فهم يدفنون الدول العظمى التي كانوها ذات مرة.. ففي ميدان التحرير  في القاهرة فإن عصر الهيمنة الغربية آخذ بالتلاشي".

التعليقات