"المفاوضات المباشرة وتقوية السلطة الفلسطينية مصلحة إسرائيلية"

"بفضل حرب السلطة على حماس والمساجد واللجان الطلابية لا يوجد تحريض أو نشاط ضد إسرائيل في الضفة الغربية"..

كتب أفرايم لافي، في صحيفة "هآرتس" الصادرة صباح اليوم أن مصادر الحراك التي تهز الأنظمة في الشرق الأوسط تختلف عن تلك التي تميز الحراك الفلسطيني الداخلي. وبحسبه فإن المجتمع الفلسطيني ممزق ومقسم ويقع تحت الاحتلال وفي صراع من أجل الاستقلال السياسي.
 
ويضيف لافي، وهو جنرال احتياط، ويشغل منصب مدير "مركز تامي شطاينمتس لأبحاث السلام" في جامعة تل أبيب، أن أفول الرموز الوطنية في السنوات الأخيرة -وفي مركزها حركة التحرير الفلسطينية "فتح"، التي باتت بدون تكتل داخلي وخسرت التأييد الشعبي- وكسر الوحدة الوطنية، والتخلي عن فكرة المقاومة لصالح بناء الدولة.. كل ذلك يشير إلى أنه لا يوجد اليوم في الضفة الغربية قوة سياسية تستطيع أن تحرك عمليات شعبية واسعة النطاق، مثل معارضة السلطة الفلسطينية أو الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي. كما لا يوجد لغالبية الشباب هدف مشترك اجتماعي أو سياسي، ويفضلون التركيز على تحسين أمورهم الشخصية في مجالات التعليم والعمل والعائلة.
 
ويقول الكاتب إنه مع ذلك، فإن القيادة الفلسطينية تدرك أن الاعتراض على شرعيتها في مواصلة البقاء في السلطة بدون انتخابات عامة، وفقدانها السيطرة على قطاع غزة من الممكن أن يشكل مصدرا لتطور انتفاضات شعبية ضدها. ومن الممكن أن تستند مثل هذه الهبة على جماهير مماثلة لتلك التي أحدثت التغييرات في تونس ومصر، والتي لم تتحرك بقوة الأيديولوجية السياسية الحزبية الجامدة.
 
ويتابع أنه حتى اليوم فإن محمود عباس يمتنع عن إجراء انتخابات في الضفة الغربية فقط، وذلك خشية تعميق الانقسام الفلسطيني. ولذلك فإن علامات الاستفهام بشأن شرعية السلطة ستظل قائمة، على الأقل حتى إجراء انتخابات عامة للرئاسة والمجلس التشريعي. ولكن وفي حال ظلت الأسس التي تضمن بقاء السلطة ورئاسة عباس قائمة، بالرغم من الانقسام الجغرافي والسياسي، فإن لحركتي حماس وفتح مصلحة مشتركة في أن تكون السلطة في الإطار الجغرافي للمنطقتين، الضفة الغربية وقطاع غزة، وليس في إقامة كيانين منفصلين. وحتى في نظر إسرائيل والدول العربية والمجتمع الدولي فإن أسباب بقاء السلطة لا تزال قائمة، وحصلت في السنوات الأخيرة على الدعم المادي والسياسي.
 
ويقول الكاتب إنه في ظل الأحداث التي يشهدها العالم العربي فإن السلطة سوف تحتاج إلى دعم أكبر من إسرائيل والمجتمع الدولي من خلال بعث الحياة في "العملية السياسية"، والمساعدة في بناء الدولة وتحسين حياة الفلسطينيين.
 
ويضيف أن إسرائيل تستطيع أن تساهم في استقرار السلطة من خلال دعم قادتها في العمل وإنجازاتها في فرض القانون والنظام، وإعادة الأمن للمنطقة، وتواصل اعتبارها على أنها شريكة في الحوار السياسي والأمني.
 
ويضيف أن الحقائق، وخلافا للرأي السائد في إسرائيل، تشير إلى أن السلطة لا تحرض على العنف، ولم يصدر عن أي من مسؤوليها في السنوات الأخيرة أي تصريح مساند للإرهاب أو الكفاح المسلح، ولا يصدر عن وسائل إعلام السلطة أي تحريض من قبل قيادتها الذين يكررون المرة تلو المرة أنه تم استخلاص الدروس من الانتفاضة الثانية.
 
كما يكتب لافي أنه بفضل حرب السلطة على حركة حماس والمساجد واللجان الطلابية في الضفة الغربية فإنه لا يوجد حلبات تحريض أو نشاط ضد إسرائيل. ولذلك فإنه من الصواب أن تعترف إسرائيل بحاجة الفلسطينيين الذين يكافحون من أجل حريتهم إلى تخليد من يعتبرون أبطال النضال الوطني للتحرير، وألا ترى في ذلك عملية تحريضية. وفي الوقت نفسه إتاحة المجال لهم لمواصلة "الطريق العملية" التي بدأوا بها لبناء الدولة من خلال تسوية مع إسرائيل.
 
وبحسبه فإن هذا الأمر يتماشى مع مصلحة إسرائيل، حيث أن إقامة الدولة الفلسطينية سيكون نتيجة للمفاوضات مع القيادة الشرعية القائمة، وليس نتيجة لتطورات سيتم فرضها على إسرائيل من الخارج وتلزمها بالاعتراف بفلسطين في حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967.
 
ويخلص الكاتب إلى أن تجديد المفاوضات المباشرة مع القيادة الفلسطينية من الممكن أن يوقف عمليات في الساحة الدولية، والتي تهدف، في ظل غياب عملية سياسية، إلى نزع دور إسرائيل في البت بشأن الدولة الفلسطينية وحدودها، وتقليص تأثير الأحداث في العالم العربي على السلطة الفلسطينية، والمساهمة في استقرارها.
 
وينهي الكاتب مقالته بالقول إن التقدم الحقيقي باتجاه تسوية الصراع بطرق سياسية سوف يؤكد للفلسطينيين أفضلية البديل الذي تطرحه السلطة الفلسطينية اليوم في الضفة الغربية على ذلك الذي تطرحه حركة حماس في قطاع غزة بشان التوصل إلى الاستقلال السياسي وبناء الدولة والمجتمع. ويضيف أن هذا الأمر سوف يتيح لمحمود عباس إجراء انتخابات عامة حتى لو رفضت حماس المصالحة، وسيكون من الواضح للجميع أن الحل السياسي الذي يتم التوصل إليه سوف يسري على الضفة الغربية وقطاع غزة أيضا، وفي هذا الحالة سوف تعتبر حماس كمن يمنع تحقيق تقدم باتجاه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كما سترتسم الانتخابات في الرأي العام الفلسطيني كخطوة باتجاه الوحدة وليس الانقسام.

التعليقات