"خطاب عرفاتي وغريزي موجه للفلسطيني والدولي ويخسر نقاطا في الرأي العام الإسرائيلي"

"التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن يعني بدء معركة دبلوماسية متواصلة، من الممكن أن تمس بمكانة الولايات المتحدة لدى الشعوب العربية في الدول المجاورة"

كتب د. عيدو زلكوفيتش، مختص في المجتمع والسياسة الفلسطينيين، ويدرس في الكلية لتاريخ الشرق الأوسط ومشارك في أبحاث مركز "عزري لدراسات إيران ودول الخليج" في جامعة حيفا، في موقع "يديعوت أحرونوت" على الشبكة، أن خطاب رئيس السلطة الفلسطينية، الجمعة، في الجمعية العامة هو نقطة الأوج في المسعى الفلسطيني للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن التدقيق في كلماته يشير إلى الوضع الذي يوجد فيه الفلسطينيون؛ "يأس عميق وكلي من الشريك الإسرائيلي".
 
وكتب أن خطاب أبو مازن الذي شرح الرواية التاريخية الفلسطينية موجه إلى المستمع الفلسطيني والدولي، ووصفه بأنه خطاب هجومي ومتعال ويتجاهل بشكل مطلق الشريك الإسرائيلي الذي يفترض أن يجلس معه في نهاية المطاف على طاولة المفاوضات.
 
ووصف الخطاب بأنه "غريزي ويمس أعصاب المنكشفين له في العالم العربي. فأبو مازن الذي دعا إلى "ربيع فلسطيني" نجح في تجنيد الرأي العام الفلسطيني، وبعث إلى العالم العربي برسالة مفادها أن القضية الفلسطينية ستحل فقط استنادا إلى مبدأ الاعتماد على النفس، وهذا هو أحد مبادئ حركة فتح، وأنه بعد 63 عاما من النكبة فإن الفلسطينيين قرروا أن يكون مصيرهم بأيديهم، وهم الآن مصممون في قرارهم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية السيادية".
 
وبحسب الكاتب فإنه لتحقيق هذا الهدف فإن أبو مازن كان على استعداد لاستخدام "السلاح الدبلوماسي الثقيل" الموجود بحوزته وهو طلب الاعتراف بالدولة من جانب واحد.
 
وتابع أن الطلب الفلسطيني للاعتراف بالدولة تم من خلال "تسويد وجه إسرائيل في كل الخطاب"، وإلى جانب ذلك شدد أبو مازن على أنه يعترف بحق إسرائيل في الوجود وبشرعيتها، إلا أنه يطلب إقامة دولة فلسطين إلى جانبها. وأشار إلى أنه وجه سهام نقده بوجه خاص ومباشر باتجاه المشروع الاستيطاني، والتواجد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية.
 
ويضيف أن هذه الأقوال، وبالرغم من الطابع "العرفاتي" لخطابه، تدل أن يشدد على وضع حدود تسمح له بالحفاظ على صورة الفلسطينيين المظلومين الذين يكافحون بوسائل مدنية من أجل تحقيق استقلالهم. وهكذا حصل عندما شدد أبو مازن على إدانة استخدام "الإرهاب" كوسيلة لحل الصراع، إلا أنه أشار في نهاية الجملة إلى أنه يقصد "إرهاب الدولة".
 
وبحسب الكاتب أيضا فإنه على منصة الأمم المتحدة فقد حصن أبو مازن مقعده قائدا للحركة الوطنية الفلسطينية، حيث أن ملايين الفلسطينيين شاهدوا عبر أجهزة التلفزة، في الضفة الغربية وقطاع غزة، التصفيق العاصف الذي حظي به "الرئيس". ويضيف أن عناصر حركة حماس أيضا أصغوا لخطابه.
 
وكتب أيضا أن "أبو مازن تمكن بالوسائل الدبلوماسية من إعادة القضية الفلسطينية إلى مركز جدول الأعمال العالمي، وإثارة المشاعر الإيجابية حيال الطموحات للاستقلال".
 
ويقول د. زلكوفيتش إن الخطوة الفلسطينية هي عملية من جانب واحد، وتشير إلى "خط الكسر" القائم بين الفلسطينيين وبين الحكومة الإسرائيلية والوساطة الأمريكية. فأبو مازن قرر التحدث إلى العالم أمام نتانياهو وأوباما. فالهدف بالنسبة له ظل واضحا، إلا أن التكتيك قد اختلف، فقد سعى في خطابه، ويبدو أنه نجح، إلى تحويل الضعف العسكري الفلسطيني إلى قوة دبلوماسية.
 
ويضيف أن التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن يعني بدء معركة دبلوماسية متواصلة، من الممكن أن تمس بمكانة الولايات المتحدة في وسط الشعوب العربية في الدول المجاورة.
 
وبحسبه فإنه بالرغم من الكلمات الصعبة على الأذن الإسرائيلية، التي وصفت سياستها في الضفة الغربية بالابرتهايد، فإن خطابه بالنسبة للفلسطينيين مثيرا للإلهام، فأسلوب التقديم والتوجه المباشر إلى شعوب العالم يخلق لدى الفلسطينيين أملا بمستقبل أفضل.
 
ويخلص في النهاية إلى أنه بالرغم من الكلمات الصعبة التي وصف بها أبو مازن السياسة الإسرائيلية، فإن خطابه يدل على "فهم سياسي واقعي يسعى في نهاية المطاف إلى إقامة دولة في حدود 67". كما أنه سعى في خطابه إلى تعزيز وتثبيت مكانته في الساحة الفلسطينية، ولكنه "كلماته الصعبة جعلته يخسر نقاطا في المعركة على الرأي العام الإسرائيلي، وهو الرأي الذي بدونه لا يمكن أن تكون هناك عملية سلام حقيقية"، على حد تعبيره.

التعليقات