"آرنس: من يخشى دولة ثنائية القومية؟"

"إسرائيل هي دولة ثنائية القومية، والمشكلة الديمغرافية ليست كما تعرض.. العمل بشكل جاد على دمج العرب في المجتمع الإسرائيلي، والعمل على مضاعفة الهجرة اليهودية إلى البلاد لتصل إلى نصف مليون يهودي خلال عشر سنوات"..

كتب وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق موشي آرنس، في صحيفة "هآرتس" اليوم الأربعاء، أن إسرائيل هي دولة ثنائية القومية، وأن المشكلة الديمغرافية ليست كما تعرض. ويقترح العمل بشكل جاد على دمج العرب في المجتمع الإسرائيلي، وفي المقابل العمل على مضاعفة الهجرة اليهودية إلى البلاد لتصل إلى نصف مليون يهودي خلال عشر سنوات.
كتب آرنس:

"إن المخاوف من إقامة دولة ثنائية القومية على أرض إسرائيل هي على ما يبدو القوة الدافعة لليمين واليسار لتقديم اقتراحات كثيرة للتخلي عن تلال الضفة الغربية –أرض إسرائيل التوراتية- لقوى غير معروفة كفاية ومستقبلها غير واضح. ولكن الحقيقة هي أن إسرائيل هي دولة ثنائية القومية، يعيش فيها شعبان يهود وعرب.

من يدعم إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية فهو يعارض إضافة المزيد من العرب إلى السكان في إسرائيل. ولكن يكمن وراء الشعار المتجمل "دولتين لشعبين" شعارهم الحقيقي وهو غير سوي سياسيا "لا لأي عربي آخر".

منذ فترة ثيودور هرتسل كان من المعروف أنه في الدولة اليهودية التي ستقوم سيكون عدد ملموس من السكان العرب. وبحسب زئيف جبوتنسكي فإن شرط إقامة دولة يهودية هو أن يكون فيها غالبية يهودية. ولكن إلى حد يكون حجم الغالبية هذه؟ وما هو حجم الأقلية العربية في داخل حدود الدولة بدون إزالة الطابع اليهودي للدولة؟

لا يوجد جواب كمي لمثل هذه الأسئلة. ويتساءل مجددا "هل نسبة 17% للأقلية العربية، كما هي عليه اليوم، هي الحد الأعلى؟ أو ربما 20%؟ وماذا سيحصل إذا ما أراد العرب في القدس الحصول على المواطنة الإسرائيلية؟ وهل نسبة 30% هي أكثر من اللازم؟ وكيف ستتغير النسبة العددية بين اليهود والعرب مع مرور الزمن؟ وإلى أي مدى يمكن الاعتماد على التوقعات الديمغرافية؟ هل يتوقع حصول زيادة كبيرة؟".

أية مخاطر سنواجهها إذا أخذنا بالحسبان كل هذه الأسئلة التي لا يوجد لها أجوبة قاطعة؟ هل يجب أن نتخلى للأبد عن مناطق كبيرة في الضفة الغربية، واقتلاع عشرات آلاف الإسرائيليين من بيوتهم؟ أو ربما نخطط لضم مناطق من الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل نوافق على قبول العرب الذين يسكنون فيها مواطنين في إسرائيل؟ كم تبقى من الوقت من أجل جمع معطيات من أجل تقليص عوامل عدم الوضوح التي تغطي كالضباب رؤيتنا للمستقبل إلى حين نضطر لاتخاذ قرار مصيري جدا؟ وهل يعمل الزمن في غير صالحنا؟".

في هذه الأثناء يجب القيام بما يمكنه أن يحسن الوضع في كل الحالات حتى لو لم تكن النتائج المستقبلية معروفة: التقدم باتجاه دمج المواطنين العرب بالمجتمع الإسرائيلي، وتشجيع الهجرة إلى البلاد. مدى دمج الأقلية العربية مرتبط ارتباطا مباشرة بالسؤال: هل يمكن لأقلية كبيرة أن تعيش بسلام في إسرائيل؟ أقلية تنفر من الدولة وتعادي ما تمثله تشكل مشكلة، في حين أن أقلية مندمجة بها جيدا وترى فيها بيتا، فإن ذلك قد يكون ثروة.

رغم معارضة جهات عربية متطرفة، مثل الحركة الإسلامية، هناك علامات اندماج في المجتمع الإسرائيلي تدريجية ظهرت في السنوات الأخيرة عند كثير من العرب، وأن ذلك يتم بشكل تلقائي، بدون مساعدة من الحكومة. وكان بالإمكان تحقيق تقدم في هذا الشأن لو تبنت الحكومة هذه المهمة كهدف ذي أفضلية عليا، حيث أنه مع الزمن سيتضح أن المشكلة الديمغرافية تختلف عما تعرض عليه اليوم.

الجانب الآخر من القضية الديمغرافية هو الهجرة. ففي السابق كانت أغلبية المهاجرين اليهود من دول كان اليهود فيها يعيشون في ضائقة. وفي المستقبل سوف ينجذب المهاجرون اليهود إلى هنا بناء على ما يوجد لدى الدولة لتعرضه عليهم، وليس بهدف الحصول على مأوى. التقدم الاقتصادي الكبير لإسرائيل في السنوات العشر الأخيرة جعلت منها بلاد الفرص، ومستوى الحياة فيها أعلى من كثير من الدول التي يعيش فيها أعداد كبيرة من اليهود. فهل يمكن مضاعفة وتيرة الهجرة الحالية، والتي تصل اليوم إلى 20 ألفا في العام؟ هل يمكن أن يهاجر إلى إسرائيل في السنوات العشر القادمة نصف مليون يهودي؟ ربما يكون ذلك ممكنا إذا تبنت الحكومة سياسية فعالة أكثر لتشجيع الهجرة".

ويخلص في نهاية مقالته إلى القول إن "الزمن يعمل في صالحنا".
 

التعليقات