"هناك من اكتشف حديثا أن الصهيونية حركة كولونيالية أوروبية أقامت دولة يهودية بيضاء"

فلا جديد في كون الصهيونية حركة كولونيالية أوروبية وان جميع مؤسسي ومنظري وشعراء الصهيونية من هرتسل وبياليك وجبوتنسكي وبيغن ونعومي شيمر، حلموا بان يقيموا هنا في الشرق الاوسط المعزول والمهمش دولة قومية يهودية بيضاء،على غرارا الموديل الاوروبي المسيحي الابيض للقرن التاسع عشر، تغطي بيوتها العامرة ب"الكونشيرتات" اسقفا من القرميد وغبره من مميزات اوروبا الكلاسيكية.


سخر الكاتب كوبي ينيف في مقال نتشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الاثنين، من السلسلة التي يقدمها الصحفي أمنون ليفي في القناة العاشرة تحت عنوان "الشيطان العرقي" والتي تعالج التمييز العنصري الذي يعاني منه اليهود الشرقيون في إسرائيل. وقال ينيف في مقاله، إن ليفي هو كمن اكتشف أمريكا بعد 500 سنة، وثارت الثائرة، فلا جديد في كون الصهيونية حركة كولونيالية أوروبية، وأن جميع مؤسسي ومنظري وشعراء الصهيونية من هرتسل وبياليك وجبوتنسكي وبيغن ونعومي شيمر، حلموا بأن يقيموا هنا في الشرق الأوسط المعزول والمهمش دولة قومية يهودية بيضاء، على غرارا الموديل الأوروبي المسيحي الأبيض للقرن التاسع عشر، تغطي بيوتها العامرة بـ"الكونشيرتات" أسقف من القرميد وغيره من مميزات أوروبا الكلاسيكية.

 لكن عندما قامت الدولة التي حلموا بها تبين لهم فجأة أنه لا يوجد ما يكفي من اليهود البيض لإقامة هذا المشروع الصهيوني وصيانته، لأن أوروبا المسيحية البيضاء، تلك صاحبة بيوت القرميد والموسيقى الكلاسيكية التي كانت محط إعجابهم وأرادوا تقليدها، ذبحتهم، يقول الكاتب. لذلك لم يكن أمامهم من مفر، وعندما فهموا أن هذه الدولة بحاجة ليس فقط إلى قادة بل أيضا إلى جنود وعمال عندها استقدموا اليهود السود الشرقيين.

ويواصل الكاتب بالقول، إن الكم الكبير من المهاجرين الجدد الغرباء والغريبون أولئك، شكل خطرا جديا على سيطرة البيض على المشروع الصهيوني، ناهيك عن الخطر الوجودي على الدولة الأوروبية الوحيدة في الشرق الأوسط، لذلك كانت ضرورة لـ"تبييض" الشرقيين وفق عدة طرائق منها الافلام التي تسخر من الشرقيين، وتصفهم بأنهم أغبياء، جهلة، عديمو الثقافة، عاطلين عن العمل، ولكن مع قلب طيب وطعام لذيذ وقدرات موسيقية فاخرة (أفكار مسبقة عنصرية طبعت إلى الأبد في الصيرورة الإسرائيلية).

إلا أن عملية التبييض الأساسية، برأي ينيف، صنعها مناحيم بيغن الذي استوعب أنه كي يسقط ويرث حكم حزب "مباي" الأشكنازي القوام مع حفنة خدم من الشرقيين، عليه أن يجند إلى صفوفه وفي خدمته الكتلة الكبيرة من الشرقيين متضرري "مباي" وكارهيه وقد فعل ذلك بنجاح.

من هنا نرى أنه بعكس حزب العمل وأتباعه مثل حركة "ميرتس" وغيرها الذين كانوا وما زاوا أحزابا أشكنازية، عرقية، قادتهم ومصوتوهم من البيض الخالصين، فإن "الليكود" قيادته أشكنازية وغالبية مصوتيه من الشرقيين، أي أن ما نجح بيغن في فعله هو الحفاظ على الطبقة الحاكمة الأشكنازية بأصوات المصوتين الشرقيين. وللحفاظ على السيادة الاشكنازية تم استجلاب مهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق بضمنهم، كما يقول الكاتب بسخرية، من كان يستطيع أن يثبت أن عشيق جدته عطس مرتين ليلة السبت وتم الإعلان عنه كيهودي شريطة أن يكون أبيض خالصا.

وبالرغم من كل ذلك تبين أن التهديد الأسود ( الحريدي، العربي، الشرقي) على السيطرة الأشكنازية لم يتم القضاء عليه، كما تخيلوا لذلك تنتظم القبيلة البيضاء، بمن في ذلك مصوتوها الشرقيون، للاستمرار في الحفاظ على سيادتها. وهذا، حسب الكاتب، هو السبب الوحيد للتحالف الأشكنازي ( الليكود، يسرائيل بيتنو، يش عتيد، البيت اليهودي والحركة) ومن لا يدرك ذلك عليه أن ينظر إلى ما يحدث في انتخابات بلدية القدس وتوابعها مثل بيت شيمش، حيث يعود وينتظم " الصهاينة" في تحالفات غريبة تمتد من اليسار العلماني ممثلا بحركة "ميرتس" وحتى اليمين المتدين ممثلا بـ"البيت اليهودي" في مواجهة التهديد الأسود ( الحريدي، العربي، الشرقي).
 

التعليقات