بيروت 1973: باراك تنكر بزي امرأة.. والنجار صرخ: "جبناء" قبل أن يستشهد

أحد جيران الشهيد أبو يوسف النجار: "نظرت عبر النافذة ورأيت رجالا بلباس مدني يقفون بالقرب من ثلاث مركبات من طراز "مرسيدس". ويبدو أنهم كانوا يعرفون وجهتهم جيدا".. * تفجير مقر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

بيروت 1973: باراك تنكر بزي امرأة.. والنجار صرخ:

بعد 41 عاما، تناول موقع "واينت" (يديعوت أحرونوت) عملية "فردان" في زاوية "الأسبوع قبل..."، أو ما أطلقت عليه إسرائيل "ربيع الشباب"، والتي اغتيل فيها ثلاثة من قادة منظمة التحرير الفلسطينية؛ الشهداء كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار.

بداية وصفت الصحيفة العملية بأنها "إحدى العمليات الجريئة للجيش الإسرائيلي"، حيث نقلت سفن سلاح البحرية الجنود الإسرائيليين إلى ميناء بيروت، ومن هناك وصلوا إلى الشاطئ بواسطة قوارب كوماندو. ولدى وصولهم إلى الشاطئ بملابس مدنية كان بانتظارهم مركبات محلية يقودها عملاء الموساد، وقاموا بإيصالهم إلى الأهداف المختلفة التي وصلوا لتنفيذها.

وألقيت مهمة الاغتيال على عاتق "سييريت متكال"، وكان على رأس منفذيها إيهود باراك وعمرام ليفين، واللذان تنكرا بثياب نسائية.

وتضيف الصحيفة أنه في الليلة الواقعة بين التاسع والعاشر من نيسان/ ابريل من العام 1973 وصل الجنود الإسرائيليون إلى المقرات القيادية للمنظمات الفلسطينية والشخصية المركزية فيها. واستشهد في العملية أبو يوسف النجار وهو قيادي فلسطيني من مواليد قضاء الرملة وهو أول قائد عام لقوات العاصفة وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس اللجنة السياسية لشؤون الفلسطينيين في لبنان.

كما استشهد كمال عدوان وهو أحد قادة حركة فتح، وهو من مواليد قضاء عسقلان، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو المجلس الوطني الفلسطيني وكان مسؤولا عن الإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، ومسؤولا عن العمليات في إسرائيل والضفة الغربية كمال عدوان.

واستشهد أيضا كمال ناصر وهو من مواليد بير زيت، وأشغل عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، وأسس دائرة الإعلام والتوجيه في منظمة التحرير الفلسطينية، وترأس دائرة الإعلام الفلسطيني وكان الناطق الرسمي بلسان حركة فتح.

وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فقد استشهد ما يقارب 40 فلسطينيا في العملية، وأصيب أربعة من الجنود الإسرائيليين.

وفي التفاصيل تشير الصحيفة إلى أن باراك تنكر بزي امرأة سوداء، في حين تنكر نائبه موكي بتسار بزي امرأة شقراء. وقاد باراك الجنود إلى داخل المبنى السكني ووصلوا في الساعة 01:07 بعد منتصف الليل.

وفي الوقت نفسه قامت قوة إسرائيلية أخرى بالتوجه إلى المقر الرئيس للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والواقع في مبنى مؤلف من 7 طوابق في شارع مركزي يعج بالمارة. وحصل في المكان قتال عنيف، قام الجنود الإسرائيليون في نهاية بزرع عشرات الكيلوغرامات من المتفجرات في داخل المبنى، ما أدى إلى انهيار أجزاء من المبنى.

تخطيط لمنزل أبو يوسف نجار

وتشير الصحيفة إلى أن كل موقع وصله الجنود الإسرائيليون اشتعل بالنيران. وأشارت إلى تصريحات الناطق بلسان الجيش اللبناني في حينه والتي جاء فيها أن الإسرائيليين وصلوا إلى بيروت عن طريق البحر وعن طريق الجو بالمروحيات، وغادروا كيفما جاؤوا عن طريق الجو والبحر. كما أشار إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، ووقوع أضرار شديدة.

وأشارت أيضا إلى أن إذاعة بيروت أعلنت في حينه عن استشهاد اثنين من قادة منظمة التحرير الفلسطينية، وأعلن لاحقا عن العثور على جثة الشهيد أبو يوسف النجار قرب فندق "متروبول".

كما أشارت إلى تأكيد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في حينه ياسر عرفات نبأ استشهاد القادة، في حين قال أحد مساعديه إن الإسرائيليين فجروا منازل كثيرة كان بداخلها مقاتلون فلسطينيون.

واقتبست الصحيفة أقوال أحد جيران الشهيد أبو يوسف، حيث قال في حينه: "نظرت عبر النافذة ورأيت رجالا بلباس مدني يقفون بالقرب من ثلاث مركبات من طراز "مرسيدس". ويبدو أنهم كانوا يعرفون وجهتهم جيدا. وبعد بدء إطلاق النار وصلت مركبة شرطة إلى المكان، إلا أن الإسرائيليين أطلقوا النار باتجاهها ما أدى إلى مقتل شرطيين".

وعن لحظات استشهاد أبو يوسف النجار، كتبت الصحيفة أن الشهيد كان في فراشه عندما جرى تفجير مدخل منزله. ودخلت الوحدات الإسرائيلية إلى الشقة، وكان بداخلها زوجته وخمسة من أطفاله. وتوجه نجله البكر يوسف، كان في جيل 16 عاما، ليقف أمام الجنود الإسرائيليين الذين سألوه عن والده باللغة العربية. وعندها ذهل وأسرع باتجاه غرفة والده الذي كان قد استيقظ أيضا على صوت الانفجار. في هذه الأثناء طلب الشهيد من زوجته أن تناوله المسدس. وحاولت أن تحميه ولكن أطلق عليه الجنود الإسرائيليون النار بعد أن صرخ بوجههم "جبناء".

وأشارت الصحيفة إلى أن المجموعات الإسرائيلية عملت في عدة مواقع في بيروت، وعادت إلى البلاد في ساعات الصباح، وكان في استقبالهم رئيس أركان الجيش في حينه دافيد إلعازار وكبار الضباط في الجيش. وكانت رئيسة الحكومة في حينه غولدا مئير تتلقى التقارير على التوالي حول سير العملية.

وتشير الصحيفة إلى أنه غداة تنفيذ العملية، قررت قيادة منظمة التحرير في بيروت وقف نشاطها، وطلب قادة المنظمات الفلسطينية من كافة العناصر التفرق في كافة أنحاء لبنان، وذلك بعد أن دخل مسؤولون من حركة فتح إلى مكتب الحركة في بيروت، واكتشفوا أن وثائق كثيرة مهمة قد اختفت ومن شأنها أن تؤدي إلى الكشف عن مجموعات فدائية في داخل إسرائيل والضفة الغربية.

وفي حينه أيضا صدرت بيانات تطلب من "عناصر القطاع الغربي" التفرق في لبنان، واتخاذ أقصى جوانب الحيطة والحذر، ومتابعة تحركات الإسرائيليين. وبعد مرور 21 ساعة على العملية قدم رئيس الحكومة اللبنانية في حينه، صائب سلام، استقالته وذلك بعد أن رفض الرئيس اللبناني إقالة عدد من كبار الضباط في الجيش لأن الجيش لم يتمكن من صد الهجوم الإسرائيلي.

التعليقات