"الشرطة الإسرائيلية تتناسى أن وظيفة الشرطة خدمة الديمقراطية وليس العكس"

إن إحدى مميزات الأنظمة غير الديمقراطية هي وجود قوات أمن قوية ومنفلتة العقال وتدوس بدون أي رقيب على حقوق الإنسان، ولذلك فإن رغبة الشرطة الإسرائيلية في تسلم صلاحيات تقديم لائحة اتهام بشبهة الاعتداء على أحد عناصرها يقرب إسرائيل خطوة أكثر بات

اعتبرت هيئة تحرير "هآرتس"، اليوم الجمعة، أن الشرطة الإسرائيلية تتناسى أن وظيفة الشرطة في الأنظمة الديمقراطية هي خدمة الديمقراطية وليس العكس. جاء ذلك في تناول الصحيفة مطلب الشرطة استعادة صلاحيات تقديم لوائح اتهام ضد مشتبهين بالاعتداء على أحد عناصرها، وهي الصلاحية التي منحها القانون، بموجب تعديل من العام 2010، للنيابة العامة، رغم أنه لا يجري العمل بها التعديل حيث أن 90% من لوائح الاتهام تقدم من قبل الشرطة.

وتقر المقالة بشكل صريح بأن ممارسات الشرطة في هذا السياق كافية لنزع الثقة بنزاهتها وقراراتها، حيث أنها غالبا ما تلجأ إلى العنف والتنكيل بالمتظاهرين بمزاعم الاعتداء على الشرطة رغم أن توثيق الأحداث يؤكد العكس.

إن إحدى مميزات الأنظمة غير الديمقراطية هي وجود قوات أمن قوية ومنفلتة العقال وتدوس بدون أي رقيب على حقوق الإنسان، ولذلك فإن رغبة الشرطة الإسرائيلية في تسلم صلاحيات تقديم لائحة اتهام بشبهة الاعتداء على أحد عناصرها يقرب إسرائيل خطوة أكثر باتجاه الأنظمة غير الديمقراطية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في العام 2010 جرى تعديل القانون الجنائي، حيث نقلت صلاحيات تقديم لائحة اتهام ضد مشتبهين بالاعتداء على أحد عناصر الشرطة، من الشرطة إلى النيابة العامة. وكان الهدف من التعديل منع نشوء وضع تكون الشرطة هي التي تقدم لائحة اتهام ضد من اعتدى على أحد أفرادها، أو تقوم بتصفية حسابات مع من تريد معاقبته.

كما لفتت الصحيفة إلى أن هذا التوجه قد دعمه بحث نشر الشهر الماضي، أعد من قبل د. غاي لوريا والبروفيسور مردخاي كرمنتسر من "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، والذي يدعي أن تركيز صلاحية التقديم للمحاكمة وصلاحية التحقيق بيد نفس الهيئة، أي الشرطة، يقود إلى مس حقيقي بحقوق المعتقلين والمتهمين. واعتبر البحث أن نقل صلاحية تقديم لوائح اتهام ضد مخالفات معينة إلى النيابة العامة هو إنجاز لسلطة القانون يجب عدم التراجع عنه.

كما أشارت الصحيفة إلى أن صلاحية تقديم لوائح الاتهام قد منحت للشرطة في فترة الانتداب البريطاني. ورغم الانتقادات الشديدة لذلك على مدار السنوات، ورغم التوصية بنقل الصلاحية إلى النيابة العامة، إلا أن شيئا لم يتغير، حيث أن 90% من لوائح الاتهام في إسرائيل لا تزال تقدم اليوم من قبل الشرطة.

كما تقر المقالة بأن الشرطة زودت الجمهور بقاعدة واسعة بما يكفي للتشكيك بنزاهة قراراتها ونواياها. فالاعتقالات والتنكيل بالمتظاهرين بزعم اللجوء إلى العنف، علما أن توثيق الأحداث يؤكد أن العنف كان يأتي من قبل الشرطة، إضافة إلى تقديم ادعاءات كاذبة من قبل عناصر الشرطة. كل ذلك يشكل نموذجا يعكس أداء الشرطة بما يكفي لزعزعة الثقة بقراراتها.

وتخلص الصحيفة إلى أنه بالنتيجة فإن يجب تجنب توسيع صلاحيات الشرطة، بحيث تستطيع تقديم مواطنين للمحاكمة بتهمة الاعتداء على الشرطة. وتنهي بالقول إن وظيفة الشرطة في الدولة الديمقراطية هي خدمة الديمقراطية، وليس العكس، وأنه على يبدو تتناسى شرطة إسرائيل هذه الحقيقة البسيطة.  

 

التعليقات