"نتنياهو فاز لأنه توقف عن التنكر كرجل مركز"

رئيس الحكومة فاز في الانتخابات لأنه عرض على ناخبيه رسالة واضحة مفادها أنه اليمين الحقيقي، وأنه ملتزم بقيم المعسكر القومي وعلى رأسها كراهية العرب ومعارضة الانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وهذا ما رغب ناخبوه بسماعه، وردوا

في تحليل لأسباب فوز الليكود بهذا العدد من المقاعد، لم يجر التركيز على أن بنيامين نتنياهو قد ظهر بصورته الحقيقية في المعركة الانتخابية، قومي أكثر من نفتالي بينيت وعنصري أكثر من ليبرمان، وإنما جمهور الناخبين أيضا الذي رغب بالوقوف إلى جانب "اليمين الحقيقي"، في الوقت الذي لم يعرض فيه ما يسمى بـ"المركز / اليسار" أي بديل أيديولوجي. 

وتحت عنوان 'نتنياهو توقف عن التنكر'، كتب ألوف بن في صحيفة 'هآرتس' الصادرة صباح اليوم، الخميس، أن رئيس الحكومة فاز في الانتخابات لأنه عرض على ناخبيه رسالة واضحة مفادها أنه اليمين الحقيقي، وأنه ملتزم بقيم 'المعسكر القومي' وعلى رأسها كراهية العرب ومعارضة الانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وهذا ما رغب ناخبوه بسماعه، وردوا عليه بسخاء في الصناديق.

ويضيف أن نتنياهو أقنعهم بأنه قومي بما لا يقل عن نفتالي بينيت، وعنصري بما لا يقل عن أفيغدور ليبرمان، فصدقوه، وتخلوا عن الأحزاب التي تدور في فلك الليكود لصالح الليكود نفسه.

وبحسبه لا يمكن تفسير نتائج الانتخابات بالاستناد فقط إلى الادعاء بأن 'الدولة تحركت إلى اليمين'، فالليكود و'البيت اليهودي' و'يسرائيل بيتينو' و'شاس' و'يهدوت هتوراه' حصلوا قبل سنتين على 61 مقعدا، وفي الانتخابات الأخيرة على 58 مقعدا. في المقابل، فإن 'العمل' و'هتنوعاه' و'ميرتس' و'يش عتيد' الذين يتنافسون على أصوات نفس الجمهور تراجعوا من 45 إلى 39 مقعدا. ويخلص إلى نتيجة أن التحرك الحاسم الذي أثر على نتائج الانتخابات حصل في داخل كتلة اليمين، وتجلت في تحصين الليكود كحزب سلطة يشكل النواة الصلبة في الائتلاف.

ويقول بن إن هذه النتائج تحققت في حملة الأيام الأخيرة لنتنياهو، الذي عاد إلى أعماق أساسه السياسي، وتخلى عن محاولاته أن يبدو كـ'رجل مركز معتدل'.

ويضيف أنه في المعركتين السابقتين طمس نتنياهو مواقفه اليمينية، وأشرك في الائتلاف أحزابا من 'المركز – الوسط'، واليوم اتجه بشكل حاد إلى اليمين، وعرض خصومه ومنتقديه على أنهم خونة غير صهاينة سيعملون على إقامة دولة 'داعش' في أطراف تل أبيب، وأنهى حملته بالادعاء حول تدفق العرب إلى صناديق الاقتراع بالحافلات والشاحنات.

ويتابع أن نتنياهو كان على حق، فالصراع الإسرائيلي – العربي كان ولا يزال وسيظل القضية المركزية على جدول الأعمال الإسرائيلي، وليس أسعار الشقق السكنية وعمولة البنوك وحتى البرنامج النووي الإيراني، حيث أن الناخب الإسرائيلي يعرف هويته ومكانه في السياسة بحسب العلاقة مع الفلسطينيين والعرب في الداخل والمستوطنات، باعتبار أن ذلك رمز الفصل بين اليمين واليسار، وبين الليبرالي والمحافظ، وإلى حد كبير بين الاشكنازيين والسفراديين، وبين العلمانيين والتقليديين والمتدينين.

ويشير الكاتب إلى أنه في بداية الحملة الانتخابية كان نتنياهو يخشى من الانتقادات بشأن غلاء المعيشة وأسعار الشقق السكنية، واعتقد أن الانشغال بإيران يحول جدول الأعمال لصالحه، ولكنه أخطأ، حيث أنه عندما عاد من واشنطن اكتشف أن خطابه في الكابيتول لا يعني الناخبين في 'بيتاح تكفا' و'أرئيل' و'ريشون لتسيون'، حيث أنه لا يوجد خلاف حقيقي بشأن إيران بين اليمين واليسار، فتخلى عن الحديث عن إيران وعاد إلى المواقف التي تعارض الانسحاب في إطار اتفاق سلام.

أما خصوم نتنياهو، بحسب الكاتب، فقد عملوا بالعكس، حيث اكتشفوا أن 'الشأن السياسي' هو نقطة ضعف اليسار بعد فشل أوسلو وفك الارتباط من قطاع غزة، ولذلك اختاروا الهروب من الانشغال بالصراع إلى حضن 'جدول الأعمال الاجتماعي'، وهو ما اعتبره الكاتب كناية عن 'الهروب من من مواجهة أبعاد الاحتلال والاستيطان وتكلفة الأمن'.

ويتابع أنه بدل أن يميزوا أنفسهم عن اليمين بعرض أيديولوجية مقابلة، فإن يتسحاك هرتسوغ وتسيبي ليفني كانوا يأملون أن يكون الجمهور قد مل من نتنياهو، وأنه على استعداد لقبول البديل.

وينهي بالقول إنه إذا كان 'اليسار' يريد العودة إلى الحكم فعليه أن يطرح بديلا أيديولوجيا لليمين، وليس فقط لشخصية قائد اليمين، فقد أظهرت الانتخابات الأخيرة أنه في لحظة الحقيقة فإن الناخبين يصوتون لمن يحارب من أجل مواقفه، حيث أنه عندما تنكر نتنياهو بزي 'المركز' توجه ناخبوه إلى ليبرمان وبينيت، وعندما عاد إلى الأصل دون خجل عادوا إلى أحضانه، في حين أنه عندما حاول هرتسوغ أن يكون على وفاق مع الجميع دون إغضاب أحد بقي في المعارضة. 

التعليقات