"فرصة تاريخية لاعتراف دولي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان"

سكرتير الحكومة السابق: لا أفق آخر في الجولان باستثناء الأفق الإسرائيلي، ولن يتاح الاستقرار الإقليمي من خلال البدائل الإسلامية لداعش، ولا البدائل الجهادية لجبهة النصرة والقاعدة، ولا من خلال موطئ قدم لإيران وحزب الله في بحيرة طبرية

مع استمرار تردي الأوضاع في سورية، فإن المتابع لتصريحات كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين في إسرائيل يستشف تغييرا في الرؤية الإسرائيلية لمستقبل الجولان السوري المحتل وآفاق التسوية مع سورية الدولة، لصالح استغلال الظروف، التي تعتبرها إسرائيل بداية انهيار سورية كدولة، بهدف الاحتفاظ بالجولان تحت السيادة الإسرائيلية.

كما يتضح أن التصريحات الإسرائيلية التي تحدثت عن تلاشي خطر الحروب التقليدية، جيش مقابل جيش، على الجبهة السورية، تشير إلى أنها لا تأتي من فراغ، وإنما هي انعكاس لما يحصل في الذهنية الإسرائيلية الأمنية والإستراتيجية.

ولعل ما كتبه سكرتير الحكومة الإسرائيلية في السنوات 2009 – 2013، تسفي هاوز، في صحيفة 'هآرتس'، هو خير ما يفصح عن عن الرؤية الإسرائيلية لمستقبل الجولان المحتل، رغم أنه يتناول الموضوع من وجهة نظر ناقدة لعدم استغلال المستوى السياسي الإسرائيلي لما يعتبره فرصة تاريخية في العمل على الحصول على اعتراف دولي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، بادعاء أن هذه السيادة الإسرائيلية هي عامل استقرار إقليمي لا توفره البدائل الأخرى.

وكتب هاوزر أن عملية إنهيار الدولة السورية، التي بدأت قبل أربع سنوات وتكتمل اليوم، داهمت إسرائيل في وضع من 'العمى الجيوسياسي – التاريخي'، حيث أن مفهوم 'التسوية مع الأسد' المتوهم، والذي كان من المفترض أن يسحب سورية خارج ما يسمى 'محور الشر' مقابل السماح للسوريين بوضع أقدامهم في مياه بحيرة طبرية، تبدل بسرعة، ولكن بدون إجراء عملية استخلاص عبر ضرورية لصياغة مفاهيم بديلة.

ويتهم الكاتب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأنها المسؤولة عن تقلص المصلحة الإسرائيلية إلى الحيز المريح التكتيكي، والذي يتمثل في منع نقل وسائل قتالية متطورة من الأسد إلى حزب الله، بالتزامن مع تنفس الصعداء نتيجة تولي المجتمع الدولي معالجة الأسلحة الكيماوية السورية.

ويضيف بشكل ساخر أن 'الأداء اللامع' للمؤسسة الأمنية بشأن الأهداف المحددة، أتاح للمستوى الإستراتيجي – السياسي في إسرائيل تفويت استيعاب الفرصة، وتجنب تبني 'رؤية تاريخية بنغوريونية'، وتجاهل الفرصة الحقيقية الأولى منذ نصف قرن في إدارة حوار بناء مع المجتمع الدولي لتغيير الحدود في الشرق الأوسط، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، كجزء من المصلحة العالمية في الاستقرار الإقليمي.

ويضيف أن سورية التي كانت لن تكون بعد، وأن مفعول التسويات التي رسمت الحدود والدول في الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى قد انتهى، وأن المنطقة ستدخل في حالة من عدم الاستقرار لسنوات طويلة.

وفي هذا الواقع، يضيف هاوزر، يجب على إسرائيل أن تصوغ من جديد مصالحها الجيو – إستراتيجية، وليس فقط على الجبهة السورية، من خلال النظر بعيدا إلى الغد وليس إلى الامس، حيث أن هذه 'الفرصة الفريدة' لتغيير المكانة الدولية لهضبة الجولان نشأت بفضل تضافر عمليات تاريخية ونضوجها في النقطة الزمنية الحالية، ويجب على إسرائيل، وهي قادرة على ذلك، أن تفصل المباحثات مع المجتمع الدولي بشأن هضبة الجولان، عن المباحثات بشأن الضفة الغربية.

ويتابع أنه خلافا للضفة الغربية، فإن المركب الجوهري المتمثل في السيطرة على شعب آخر غير موجود في الجولان، حيث أن '22 ألف درزي، يسكنون لحسن حظهم في الجانب الإسرائيلي من الجولان، مستحقون للمواطنة الإسرائيلية الكاملة، ولا يشكلون مشكلة ديمغرافية، لأنه يوجد في الجولان غالبية يهودية تصل إلى 25 ألفا. وعلاوة على ذلك، فإنه لا يوجد بديل للسيطرة الإسرائيلية على الجولان، حتى على المدى البعيد'.

ويقول إنه يجب إجراء عملية 'تنسيق توقعات' مع المجتمع الدولي بشأن بدائل السيطرة على المنطقة الواقعة بين القنيطرة وبين بحرية طبرية، في السياق الشامل لاستقرار المنطقة، حيث أنه لا أفق آخر في الجولان باستثناء الأفق الإسرائيلي، ولن يتاح الاستقرار الإقليمي من خلال البدائل الإسلامية لداعش، ولا البدائل الجهادية لجبهة النصرة والقاعدة، ولا من خلال موطئ قدم لإيران وحزب الله في بحيرة طبرية.

كما يقول إن الاتفاق النووي المرتقب مع إيران، ويصفه بأنه اتفاق سيئ، ينشئ فرصة عينية لمناقشة هذه المسألة. ورغم أن إسرائيل قد لا تستطيع التأثير على توقيع الاتفاق، إلا أنها ذات قدرة على التأثير الفعال في مجال 'المباحثات بشأن التعويض'، وإذا تركزت مرة  أخرى على الاحتياجات التكتيكية لوسائل قتالية متطورة فإن ذلك سيكون بمثابة إخفاق تاريخي.

وبحسبه فإن 'معادلة التوازن' مقابل الإنجاز الإيراني يجب أن تشتمل على التقليص للحد الأدنى من خطر تحول إيران إلى دولة نووية، من خلال خلق إجماع دولي على دفن الطموحات 'الشيعية العلوية' في السيطرة مجددا على الجولان الإسرائيلي، والذي تقل مساحته عن 1% مما كان يعد 'سورية' ذات مرة.

وينهي بالقول إن الضمانات الإستراتيجية المطلوبة هي 'وديعة أميركية' شاملة بشأن الجولان، بما في ذلك ضمانات رئاسية وتشريعات في الكونغرس الأميركي، تضمن السيادة الإسرائيلية هناك. ويشير في هذا السياق إلى أنه في العام 1975 صدر تعهد رئاسي مكتوب من الرئيس الأميركي في حينه، جيرالد فورد لرئيس الحكومة الإسرائيلية، يتسحاك رابين، تضمن اعترافا أميركيا بشأن حاجة إسرائيل الماسة لهضبة الجولان حتى في وقت السلم.

ويخلص سكرتير الحكومة الإسرائيلية السابق إلى القول إنه بعد 40 عاما، وعلى خلفية انهيار سورية، وسيطرة داعش على مساحات واسعة في الشرق الأوسط، وما أسماه 'التسوية المتعفنة' المرتقبة مع إيران، فإن الإنجاز المطلوب والممكن لإسرائيل هو تحديث الموقف الدولي، وإعادة المصادقة على الموقف الأميركي بشأن الجولان.  

التعليقات