"قرار الجنائية الدولية بداية تورط إسرائيل"

الاهتمام الدولي بالشأن الإسرائيلي – الفلسطيني ما يضفي المصداقية على تدخل المحكمة الجنائية، وبالتالي فإن مثل هذه الإجراءات تشير إلى أن التورط القضائي – الدبلوماسي لإسرائيل مع المحكمة الجنائية لا يزال في بدايته

اعتبر المختص بالقانون الدستوري والقانون الدولي، د. أيال غروس، أن قرار المحكمة الدولية في لاهاي بشأن سفينة مرمرة هو بداية تورط إسرائيل.

وكتب د. غروس، في صحيفة "هآرتس"، اليوم الجمعة، أن قرار هيئة قضاة خاصة تابعة للمحكمة الجنائية الدولية، الخميس، دعوة المدعية العامة، فاتو بنسودا، إلى إعادة النظر في قرارها عدم فتح تحقيق في هجوم البحرية الإسرائيلية الدموي على سفينة "مرمرة"، يشكل تحذيرا لمن لم ينظر إلى الجنائية الدولية بشكل جدي حتى اليوم.

ويتابع أن القرار يعني شطب قرار بنسودا بطريقة لا تبقى أمامها سوى فتح التحقيق في قضية مرمرة التي قدمت إلى المحكمة من قبل جزر القمر.

يذكر أنه في القرار الذي صدر في العام 2014 قالت المدعية العامة إنه على الرغم من وجود أساس معقول للاعتقاد بتنفيذ جرائم حرب في مرمرة، وخاصة بكل ما يتصل بمقتل عشرة من ركابها من قبل إسرائيل، إلا أنه في هذه الحالة، ونظرا لحجمه وكونه حادثة منفردة فليس من الخطورة بمكان ما يشرعن فتح تحقيق جنائي، وذلك لأن ميثاق روما يناقش فقط الحالات التي تعرف بأنها خطيرة، وبالتالي فلا مجال لفتح تحقيق، بحسب بنسودا.

وفي قرار الهيئة القضائية أن المدعية العامة أخطأت في اعتباراتها، رفض القضاة، بأغلبية اثنين مقابل واحد هذه النتيجة، حيث أن القضية تتضمن مقتل 10 أشخاص، وإصابة 50 آخرين، وربما مئات الحالات الأخرى من الاعتداءات على كرامة الإنسان أو التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية، ولذلك فإن مستوى الخطورة لا يشرعن عدم إجراء تحقيق، حيث أنه توفرت معلومات كثيرة عن تعامل غير لائق مع المسافرين في السفينة، وبضمن ذلك تكبيل أيديهم لفترات طويلة متواصلة، واستخدام العنف، ومنع من تلقي الدواء، وغير ذلك.

واعتقد القضاة أنه في هذه المرحلة المسبقة ما كان يجب على المدعية أن تنفي الشبهات بحصول جرائم حرب وإنما أن تقرر بأن الأمر يتطلب إجراء تحقيق.

كما تطرق القضاة إلى أن الادعاءات بأن الجيش الإسرائيلي استخدم الرصاص الحي قبل صعود الجنود إلى السفينة، وكذلك إلى إطلاق النار على عدة أشخاص حتى بعد أن استسلموا للجيش، واعتبروها على أنها ادعاءات تستوجب الفحص بسبب الخشية من أن ذلك يؤكد على النية في قتل ركاب.

وقال القضاة أيضا أنه حتى لو لم تكن الأحداث واضحة، وأن هناك توصيفات متناقضة لهذه الأحداث، فإن التحقيق وحده هو الذي يفحص هذه الادعاءات ويحدد ما حصل فعلا. وبالنتيجة فإن قرار المدعية العامة بإغلاق الملف دون إجراء تحقيق لم يكون معقولا.

وبحسب غروس، فإن ما يقوله القضاة، عمليا، هو أن قرار المدعية العام لم يقيم بما يكفي من الجدية المعلومات بشأن جرائم ارتكبت على مرمرة. وعلاوة على ذلك، فإن القضاة يشيرون إلى أن المدعية العامة لم تتعامل بجدية كافية مع خطورة المس بالمسافرين فحسب، وإنما مع الرسالة الأوسع التي أرسلت إلى سكان قطاع غزة بشأن الحصار المفروض على القطاع وبشأن القيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات الإنسانية.

وفي ملخص القرار يكتب القضاة أنه من الصعب سد الفجوة بين قرار المدعية العامة بعدم إجراء فحص بسبب غياب عنصر الخطورة، وبين حقيقة أن أحداث أسطول الحرية في حينه أثارت اهتماما دوليا كبيرا، وأدت إلى تشكيل عدة لجان تحقيق.

وينهي غروس بالقول إنه على ما يبدو فإن المدعية العامة لا تستطيع ألا تجري تحقيقا، وبالنتيجة فإن ذلك قد يكون محفزا لفتح تحقيقات في مجالات أخرى، مثل الاستيطان، حيث أن المحكمة الجنائية الدولية بعثت برسالة مفادها أن الاهتمام الدولي بالشأن الإسرائيلي – الفلسطيني ما يضفي المصداقية على تدخل المحكمة الجنائية، وبالتالي فإن مثل هذه الإجراءات تشير إلى أن التورط القضائي – الدبلوماسي لإسرائيل مع المحكمة الجنائية لا يزال في بدايته.

التعليقات