تحليلات: معظم الإسرائيليين يبتعدون عن رؤية الأسباب الحقيقية للهبة

تحمل إسرائيل وإعلامها جهات إسلامية متطرفة مسؤولية موجة التصعيد الحالية ويبتعد السياسيون الإسرائيليون ومعظم الخبراء الأمنيين والمحللين السياسيين والعسكريين عن رؤية الأسباب الحقيقية للهبة الفلسطينية الحالية

تحليلات: معظم الإسرائيليين يبتعدون عن رؤية الأسباب الحقيقية للهبة

مستوطنون أثناء اقتحامهم الأقصى، أمس

تحمل إسرائيل وإعلامها "جهات إسلامية متطرفة" مسؤولية موجة التصعيد الحالية في كافة أنحاء البلاد، القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وداخل الخط الأخضر. ويبتعد السياسيون الإسرائيليون ومعظم الخبراء الأمنيين والمحللين السياسيين والعسكريين عن رؤية الأسباب الحقيقية للهبة الفلسطينية الحالية، وهي بالأساس استمرار الاحتلال وممارساته وموبقاته وعدوانيته الوحشية، التي لا تترك مجالا للفلسطينيين بالامتناع عن القيام برد فعل.

واعتبر القائد السابق لسلاح البحرية الإسرائيلي، إليعزر ماروم، المطلوب للعدالة في تركيا كونه قاد العدوان ضد السفينة "مافي مرمرة" وأسطول الحرية في أيار العام 2010، وفي تشويه لتسلسل الأحداث، أن "أعمال الشغب وموجة العنف التي بدأت في الضفة الغربية وامتدت إلى داخل إسرائيل (يعتبر القدس المحتلة جزءا من إسرائيل) نابعة بالأساس من التحريض الأرعن وأكاذيب جهات إسلامية متطرفة، نجحت في وضع ما تصفه بأنه ’النضال من أجل الأقصى’ في مركز الخطاب. هذا هو القاسم المشترك الأوسع ويركز حوله معظم الجمهور المسلم لأنه يقطع الحدود والمعسكرات".

وأضاف في مقال نشره في صحيفة "معاريف"، اليوم الاثنين، أن "القاعدة المعروفة هي أنه في الحرب ضد الإرهاب، المطلوب هو حرب شاملة تضم عناصر قانونية واقتصادية وعسكرية ودبلوماسية، تمارس على مدى فترة طويلة بحزم بالغ".    

واعتبر ماروم أن حملة "السور الواقي" العسكرية التي شنتها إسرائيل في الضفة الغربية، عام 2002، هي "أبرز مثال على حرب ناجحة ضد الإرهاب"، وأنها سمحت لقوات جيش الاحتلال بحرية العمل في كافة أنحاء الضفة "بما في ذلك مناطق أ وب".

ودعا ماروم إلى تعزيز التنسيق الأمني بين الجيش الإسرائيلي والشاباك وبين أجهزة أمن السلطة الفلسطينية لأنه "أدى إلى اجتثاث البنية التحتية الإرهابية"، وإلى "الإعلان عن حرب طويلة الأمد ضد الجهات المحرضة وفي مقدمتها الجناح الشمالي للحركة الإسرائيلية، ومحاربة التحريض في الشبكات الاجتماعية".

بدوره، اعتبر المراسل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، أنه في أعقاب عمليات الطعن، وبعد ذلك عمليات طعن وخطف سلاح جنود، جاءت "المرحلة الثالثة وهي عبارة عن عمليات يبدو أنه توجد من ورائها شبكة إرهابية. فمن أجل تفجير سيارة مليئة بعبوات الغاز (أمس عند حاجز الزعيم ورغم عدم إثبات أن الهدف كان تفجيريا) ثمة حاجة إلى استعداد مسبق، تجنيد المخربة الانتحارية، تفخيخ السيارة، اختيار مسارها وما إلى ذلك. وهذا لم يعد منفذ العملية الوحيد".

وتابع يهوشواع أن "الإرهاب في العام 2015 موجود في شبكة الانترنت. وصفحات الفيسبوك مليئة بالتحريض، وفي موقع يوتيوب بالإمكان العثور على إرشاد لإعداد سيارة مفخخة بكبسة زر".

إدارة الصراع

في الصحيفة نفسها، كتب رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق، غيورا آيلاند، أنه "خلافا لأحداث أخرى في الشرق الأوسط التي تأثيرنا عليها محدود، مثل سوريا، فإنه بكل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني إسرائيل هي اللاعب الأهم. وسياستنا تؤثر على الأحداث ليس أقل من أداء أبو مازن، إرهاب حماس، مصالح الأردن أو السياسة الأميركية".

وأشار آيلاند إلى أن السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تعتمد على "إدارة الصراع" وليس على حل الصراع، معتبرا أن ثمة منطقا في اتباع هذه السياسة شريطة إدارة بشكل صحيح وأن لها تبعات وأثمان، وضرورة الامتناع عن الاحتكاكات.

وبحسب آيلاند، فإنه بإمكان إسرائيل أن تبني "أحياء يهودية"، أي مستوطنات، في القدس الشرقية ولكن لا ينبغي تشجيع اليهود على الاستيطان في قلب الأحياء الفلسطينية. كذلك لام إسرائيل لأنها رفضت، في العام 2004 وحتى اليوم، مقترحا أميركيا بأن يتم رسم حدود المستوطنات والبناء داخل هذه الحدود وعدم التوسع خارجها.

وأضاف آيلاند أنه لو شرح رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، للعالم قبل سنة أنه لا يريد تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي لمنع الهبة الحالية وكذلك الأمر بالنسبة للاستيطان في الضفة. وشدد آيلاند على أنه "ليس بالإمكان إدارة الصراع وفي الوقت نفسه بناء مستوطنات جديدة".

رغم ذلك، اعتبر آيلاند أن إدارة الصراع هي السياسة الصحيحة في الوقت الحالي، وأن "ما ينقص هو القول بشكل واضح إن إدارة الصراع والحفاظ على الوضع القائم سيّان وليس حيال جبل الهيكل فقط".  

احتمالات استمرار التصعيد عالية

وكتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، التقديرات السائدة لدى جهاز الأمن الإسرائيلي هي أن الهبة الحالية قد تستمر لفترة طويلة، لأن أجهزة الأمن الإسرائيلية تواجه صعوبة بالتوصل إلى رد فعال على ظاهرة عمليات الطعن التي ينفذها أفراد، ليس لديهم ماض أمني.

ورأى هارئيل أن صورة الوضع هي كالتالي:

القدس الشرقية ما زالت تشكل صلب المواجهة، وأن حماس والحركة الإسلامية الشمالية تحرضان بينما لا يوجد حضور لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية. كذلك فإن الحرم القدسي ما زال مصدر التوتر.
في الضفة الغربية تعمل السلطة الفلسطينية على تهدئة الخواطر، وتأثيرها محدود بمنع مسيرات باتجاه حواجز جيش الاحتلال. ولا يوجد تأثير للسلطة على منع عمليات الطعن خاصة أن منفذيها يخرجون من القدس الشرقية.
لقطاع غزة تأثير بالغ على استمرار المواجهة الحالية. والسؤال المركزي هو ما الذي يريده قائد كتائب القسام، محمد ضيف. وبحسب هارئيل فإن هناك خلاف عميق بين القيادة السياسية لحركة حماس وبين ذراعها العسكري، وأنه في حال قرر ضيف تصعيد المواجهة فإنه لن يتشاور حول ذلك مع قيادة حماس.
اعتبر هارئيل أن الحركة الإسلامية تحرض العرب في إسرائيل، لكن أضيف إلى ذلك مؤخرا الشريط المصور لإطلاق أفراد شرطة النار على النصراوية إسراء عابد في العفولة. لكنه أشار إلى أن المواجهات في المدن والبلدات العربية داخل الخط الأخضر أقل اتساعا وعنفا من المظاهرات في أكتوبر العام 2000.

ورأى هارئيل أن التطورات في الأيام المقبلة متعلقة بقدر كبير بأحداث موضعية، مثل "نجاح مخرب فلسطيني وحيد في إخراج حملة قتل دموية إلى حيز التنفيذ، ورد فعل إسرائيلي مبالغ به أو عملية عدائية دموية ينفذها متطرفون إسرائيليون".

وأضاف أنه "بمفهوم معين، الهزة في العالم العربي وصلت، متأخرة، إلى المناطق (أي الضفة والقدس). وتم أخذ قسم على الأقل من قوة وتأثير القيادة وأجهزة الأمن لديهم وعادت إلى أيدي المواطن الوحيد في الشارع. ولأن هذا المواطن يائس، محبط أو أنه يتعرض أحيانا لغسيل دماغ ودعاية دينية عدوانية، فإن احتمالات استمرار التصعيد عالية".   

التعليقات