روبرت فيسك يزورالفلوجة وينقل انتظار اباء الاطفال المنسيين العون بلا امل

ويمكن القول ان سيف كان محظوظا اذا ما قورن بالاطفال الذي ولدوا مشوهين. فهو يستطيع ان يرى بعينيه وان يتنفس وان يسير ويركض وان يلعب ويستمع الى والده واقرانه عبر اذنه اليمنى. انه صبي صغير يملك الكثير من الشجاعة.

روبرت فيسك يزورالفلوجة وينقل انتظار اباء الاطفال المنسيين العون بلا امل

نشرت صحيفة "ذي انديبندنت" في عددها الصادر اليوم الجمعة تقريرا خاصا اعده المحلل الصحافي روبرت فيسك الذي يقوم حاليا بجولة في انحاء العراق. وويلقي فيسك الضوء في هذا التقرير على معاناة اطفال الفلوجة من تشوهات جسدية نتيجة لاستخدام القوات الاميركية قذائف الفوسفور في مدينتهم خلال الحرب العراقية واصابة بعضهم بعاهات لا تمت بصلة الى تاريخ عائلاتهم الصحي.:

"سيف يحتاج الى عدة عمليات جراحية خارج العراق. انها مشكلة النقص في قدرته على سماع الاشياء في اذنه اليسرى. قالوا لي لا بد ان يبلغ السادسة من العمر قبل ان نتمكن من ازالة غضروف من صدره وتركيبه في اذنه. ولا بد من اجراء كل تلك العمليات خارج العراق لتجميل منظر الاذن وتمكينه من السماع بتلك الاذن".

طوال الوقت الذي كان والده يتحدث الينا، كان سيف علاء البالغ من العمر خمس سنوات يجلس مستكينا على اريكة بجانبنا، يفعل ما يأمره به والده، ويحرك رأسه لنرى قطعة لحم بشري غير مترابطة تشكل اذنه اليسرى، ويميل برأسه الى احد الجوانب لكي نتمكن من التقاط صور لما بقي من اذنه. ويمكن القول ان سيف كان محظوظا اذا ما قورن بالاطفال الذي ولدوا مشوهين. فهو يستطيع ان يرى بعينيه وان يتنفس وان يسير ويركض وان يلعب ويستمع الى والده واقرانه عبر اذنه اليمنى. انه صبي صغير يملك الكثير من الشجاعة.

قال والده: "لم يتلق تعليما كافيا بعد – وسبب ذلك انه لم يداوم في المدرسة. واخشى ان يلاحق في المدرسة بسبب اذنه. انه صبي صغير، لكنه يأتي الي احيانا ويقول انه يدرك ان لديه اذنا معيبة، لكن ذلك غير مهم، كما يقول، لانه لا يعاني من اي مشكلة اخرى. انه خجول لكنه لم يبد اي اعتراض على لقائكم". وهنا يشير الاب الينا ونحن نجلس بجانب ابنه على الاريكة. "لكن لم يأت احد آخر من الاجانب لزيارته".

ومثل غيره من سكان الفلوجة، فان والد سيف علاء وهو رجل اعمال، يأمل في ان يدق مسؤولون من منظمات غير حكومية باب منزله يوما ما، وبيدهم عرض للصبي يتكون من تأشيرة لبلد اجنبي، وعلاج طبي في الخارج والتعليم. انه حلم لا يجد وسيلة امامه لتحقيقه ما دامت الحكومة العراقية لا تبدي اهتماما باطفال الفلوجه المشوهين.

لسيف علاء شقيق في الثالثة من العمر لا يعاني من اي مشاكل صحية – اما سيف علاء فقد ولد في العام 2006، أي بعد عامين من معارك الفلوجة، وشقيقه بعد عامين اخرين. ووالدة سيف علاء ابنة عم والده، وليس لدى العائلتين تاريخ يدل على وجود عيوب خَلقية بين افرادهما. ويقول الأب ان (ما حصل لابنه هو) "نتيجة الاسلحة الكيماوية التي استخدمها الاميركيون في الفلوجة". وقد شاهد اخرين يعانون من عيوب اسوأ من تلك التي يعاني منها ابنه. وتردد العائلات الاخرى جميعها الشيء نفسه.

أبرز والد سيف علاء مستندات لاطلاعنا على فحواها وهو يقول "صحيح ان حالة ابني بسيطة الى حد ما لمقارنة بالآخرين. لكنه لا ييملك الا نصف قدرته على السمع. لقد اعددت لنفسي ولابني جواز سفر. فقد يأتي يوم تقرع منظمة خيرية باب منزلي وتحمله الى خارج العراق".

ما يلفت النظر ان والد سيف علاء كرر عندما سألته عن الجانب الذي يتحمل المسؤولية ما قاله والد الطفل سيف محمد (14 شهرا) الذين يعاني من رأس اكبر حجما من العادة وقد فقد القدرة على البصر واصيب بالشلل. اذ قال على الفور "انا اؤمن بالله، ولذا فانني اوكل امرى اليه. ولا اعتقد ان اي انسان سيقوم بمد يد المساعدة. كنت قلقا قبل ان يولد الطفل الثاني خشية ان يعاني من مشاكل مماثلة، ولكني قررت ان اترك الامر تحت رحمة الله لانني كنت اريد الطفل الثاني".

لم تتردد العائلة في استشارة اثنين من الاساتذة في بغداد – احدهما حاصل على دبلوم في الطب من جامعة غلاسكو- ولهما زاوية نظر قد لا تكون لدى اخرين في الفلوجة.

يدعي جد سيف علاء ان سلاح الجو الملكي البريطاني اسقط قنابل غاز الخردل على اقاربهم في بلدة ديالى في 1917، خلال الحرب العاليمة الاولى – وان تشوهات حدثت في ذلك الحين. ومن الممكن طبعاً ان يكون من السهل على عائلة تخشى من العيب على "شرفها" اذا ما اقرت بان طفلها يعاني من تشوهات بالولادة – ان تلقي باللوم في حظها العاثر على اسلحة اعداء الفلوجة الاميركيين.

ولكن في تلك الحالة، لماذا انكرت الولايات المتحدة في البداية استخدام الفوسفور في مناطق مبنية في المدينة في 2004 – ولم تقر بالحقيقة الاعندما اظهر شريط فيديو بوضوح ان الفوسفور جرى استخدامه في مناطق بيوت متراصة؟. ولماذا لا يأتي اي احد من الخارج ليفحص اذن سيف علاء؟


 

التعليقات