فورين بوليسي": لماذا تقض انتخابات مصر مضاجع قادة اسرائيل

ويقول يورام ميتال، رئيس دراسات الشرق الاوسط في جامعة بن غويون في بئر السبع ان "التغيير في العلاقات المصرية الاسرائيلية ستكون واسعة وعميقة. ذلك ان مصر على وشك ان تُجري عددا من التعديلات على سياساتها الامنية والاجنبية ينظر اليها الكثير في اسرائيل، وخاصة نوابنا في الكنيست، بارتياب".

فورين بوليسي


نشرت مجلة "فورين بوليسي" الاميركية على موقعها في الانترنت اليوم الجمعة تحقيقاً من اسرائيل تتناول فيه اسباب قلق الاسرائيليين من الانتخابات الرئاسية في مصر واحتمال تغير سياسات هذه الدولة العربية الكبرى التي كانت اول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع اسرائيل تجاه هذه الدولة. ويقول معد التحقيق اورين كيسلر ان الانتخابات الرئاسية المصرية تبقي المسؤولين الاسرائيليين ساهرين في الليل ويتساءل: هل ستصبح الدولة العربية الاقرب اليهم عدواً عما قريب؟ وهنا نص التحقيق:

"انتهت الجولة الاولى لانتخابات الرئاسة المصرية يوم الخميس بانخفاض المرشحين المحتملين الى عدد من المرشحين يعدون على اصابع اليد. اما النتائج النهائية فمن غير المنتظر ان تعلن قبل يوم الثلاثاء، وعلى الجانب الاخر من الحدود في اسرائيل يعمل النواب فكرهم لتصنيف الخيارات السيئة عن الاكثر سوءا.

وكان الرئيس المصري السابق حسني مبارك، رغم كل اخطائه، شخصا يمكن الاعتماد عليه، الى حد ما، وحليفا لاسرائيل لثلاثة عقود الى حين الاطاحة به في انتفاضة شعبية العام الماضي. وابرزت الانتخابات النيابية بعد ذلك خلال فصل الشتاء تولي جماعة الاخوان المسلمين التي ظلت محظورة لفترة طويلة بنصف المقاعد كلها، وحصل السلفيون المتشددون على ربع تلك المقاعد. ومن المبكر التكهن فيما اذا كان الرئيس الجديد سيكون اسلاميا، وحتى ان لم يكن منهم، فان دستورا جديد سيمنح ما كان برلمانا مصريا طيعا في الماضي سلطات حقيقية (فقد اوكلت الى الهيئة مهمة اعداد الدستور وقد تعطلت اعمالها بسبب الاستياء من تغليب اسلاميين على اعضائها).

ويقول يورام ميتال، رئيس دراسات الشرق الاوسط في جامعة بن غويون في بئر السبع ان "التغيير في العلاقات المصرية الاسرائيلية ستكون واسعة وعميقة. ذلك ان مصر على وشك ان تُجري عددا من التعديلات على سياساتها الامنية والاجنبية ينظر اليها الكثير في اسرائيل، وخاصة نوابنا في الكنيسة، بارتياب".

وكان أنور السادات، الرئيس الذي سبق مبارك، قد وقع اتفاقات كامب ديفيد مع اسرائيل في العام 1978، وبعد ذلك بسنة واحدة اتفاقية سلام – كانت الاولى مع زعيم عربي. غير ان الاتفاق لم يحظ بدعم شعبي بين المصريين (وقدم السادات حياته ثمنا لذلك)، وفي الحملات الانتخابية منذ الاطاحة بمبارك، دعا المرشحون الاسلاميون وغير الاسلاميين على حد سواء، الى اعادة النظر في الاتفاقية او الغائها برمتها.

وسيتنافس المرشحان الاولان في انتخابات اعادة الشهر المقبل على ان يسلم الحكام العسكريون الانتقاليون السلطة بحلول الاول من تموز (يوليو). ولكن استطلاعات الرأي في الشرق الاوسط ما تزال معروفة بانه لا يمكن الاعتماد عليها، ويبدو ان كل استطلاع يرسم الصورة التي يريدها. ومن دون ارقام خروج يمكن الاعتماد عليها فإننا مضطرون للاعتماد على حفنة من الاستطلاعات التي جاءت في الايام الاخيرة من الحملات الانتخابية: وجد مركز الاهرام الذي تديره الحكومة هذا الاسبوع ان وزير الخارجية السابق عمرو موسى يتقدم بـ31.7 في المئة يتبعه رئيس الوزراء السابق احمد شفيق بـ22.6 في المئة ثم مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي بـ14.8 في المئة. وتضع اصوات الناخبين في الخارج مرسي اولا يتبعه الاسلامي المستقل عبد المنعم ابو الفتوح ثم القومي اليساري حمدين صباحي. وبقي السلفيون بطاقة غير مكشوفة –وذلك بعد ان اسقطت لجنة الانتخابات العليا ترشيحه الشهر الماضي بسبب نقطة فنية، ويتنافس مرسي وابو الفتوح على دعم السلفيين.

اما في اسرائيل، فإن ظلال الفوارق هذه لا ينظر اليها بتمييز كبير. ويشير ابو الفتوح وهو شخصية كبيرة سابقة في الاخوان المسلمين ترك الجماعة السنة الماضية بصور منتظمة الى جارة مصر بعبارة "الكيان الصهيوني". ويمكن للاخوان المسلمين انفسهم ان يضاهوا اي اسلاميين اخرين في عدائهم للصهيونية واليهودية. وجلس مرسي في الصف الاول في مهرجان حاشد في استاد رياضي بينما تعهد الواعظ بأن الخطيب سيحيي الخلافة الاسلامية هذه المرة في القدس. وهتف احد الحضور "قضوا مضاجع اليهود، هيا يا احباب الشهادة فإنكم كلكم حماس".

وفي مصر تمتد المعارضة لمعاهدة السلام الى ما وراء الاسلاميين. وتبين استطلاعات للرأي ان 85 في المئة من المصريين ينظرون نظرة سلبية الى اسرائيل وان 97 في المئة يعتبرونها احد اكبر التهديدات لبلدهم وان 61 في المئة يريديون الغاء المعاهدة كليا (32 في المئة يريديون ابقاءها، و7 في المئة لم يحزموا رأيهم). وتمر مشاعر العداء لاسرائيل عبر كل خطوط الطبقات الاجتماعية: وفي السنة الماضية ازدادت المعارضة لمعاهدة السلام زيادة حادة في اوساط الخريجين الجامعيين (اذ ازدادت بـ18 نقطة الى 58 في المئة) وفي اوساط من هم دون الـ30 (ارتفعت 14 نقطة الى 64 في المئة). وفي اول مناظرة بين مرشحين رئاسيين هذا الشهر، وصف ابو الفتوح اسرائيل بأنها "عدو"، بينما اكتفى موسى بالتعبير الاكثر ديبلوماسية "خصم". (وللاخير سجل يمتد لعقود في معاداة اسرائيل، وقد كانت اغنية "بحب عمرو موسى وبكره اسرائيل" في قمة الاغاني المفضلة في 2001).

ولدى اسرائيل سبب مشروع للقلق – فمن بين المرشحين الخمسة المتقدمين هناك اربعة دعوا الى مراجعة اتفاقية "كامب ديفيد". ورثى موسى اتفاق السلام واعتباره "ميتا ومدفونا". اما مرسي فحض على عرض المعاهدة على استفتاء، بينما سماها ابو الفتوح "خطرا على الامن القومي"، وحذر صباحي بأن مصر تحت قيادته لن تعود "عرابة" اسرائيل في المنطقة. وبدأ شفيق يعرض مؤهلاته في معاداة اسرائيل: اذ عندما اتهمه عضو برلمان اسلامي في الاونة الاخيرة بالفساد في عهد مبارك، رد عليه قائد السلاح الجوي السابق بأنه كطيار في ستينات القرن العشرين اسقط طائرتين اسرائيليتين بينما كان ذلك النائب "ملفوفا بالحفاضات".

ويشير ابو الفتوح وهو شخصية كبيرة سابقة في الاخوان المسلمين ترك الجماعة السنة الماضية بصور منتظمة الى جارة مصر بعبارة "الكيان الصهيوني". ويمكن للاخوان المسلمين انفسهم ان يضاهوا اي اسلاميين اخرين في عدائهم للصهيونية واليهودية. وجلس مرسي في الصف الاول في مهرجان حاشد في استاد رياضي بينما تعهد الواعظ بأن الخطيب سيحيي الخلافة الاسلامية هذه المرة في القدس. وهتف احد الحضور "قضوا مضاجع اليهود، هيا يا احباب الشهادة فإنكم كلكم حماس".

وفي مصر تمتد المعارضة لمعاهدة السلام الى ما وراء الاسلاميين. وتبين استطلاعات للرأي ان 85 في المئة من المصريين ينظرون نظرة سلبية الى اسرائيل وان 97 في المئة يعتبرونها احد اكبر التهديدات لبلدهم وان 61 في المئة يريديون الغاء المعاهدة كليا (32 في المئة يريديون ابقاءها، و7 في المئة لم يحزموا رأيهم). وتمر مشاعر العداء لاسرائيل عبر كل خطوط الطبقات الاجتماعية: وفي السنة الماضية ازدادت المعارضة لمعاهدة السلام زيادة حادة في اوساط الخريجين الجامعيين (اذ ازدادت بـ18 نقطة الى 58 في المئة) وفي اوساط من هم دون الـ30 (ارتفعت 14 نقطة الى 64 في المئة). وفي اول مناظرة بين مرشحين رئاسيين هذا الشهر، وصف ابو الفتوح اسرائيل بأنها "عدو"، بينما اكتفى موسى بالتعبير الاكثر ديبلوماسية "خصم". (وللاخير سجل يمتد لعقود في معاداة اسرائيل، وقد كانت اغنية "بحب عمرو موسى وبكره اسرائيل" في قمة الاغاني المفضلة في 2001).

ولدى اسرائيل سبب مشروع للقلق – فمن بين المرشحين الخمسة المتقدمين هناك اربعة دعوا الى مراجعة اتفاقية "كامب ديفيد". ورثى موسى اتفاق السلام واعتباره "ميتا ومدفونا". اما مرسي فحض على عرض المعاهدة على استفتاء، بينما سماها ابو الفتوح "خطرا على الامن القومي"، وحذر صباحي بأن مصر تحت قيادته لن تعود "عرابة" اسرائيل في المنطقة. وبدأ شفيق يعرض مؤهلاته في معاداة اسرائيل: اذ عندما اتهمه عضو برلمان اسلامي في الاونة الاخيرة بالفساد في عهد مبارك، رد عليه قائد السلاح الجوي السابق بأنه كطيار في ستينات القرن العشرين اسقط طائرتين اسرائيليتين بينما كان ذلك النائب "ملفوفا بالحفاضات".

في الأشهر الخمسة عشر منذ بداية الثورة ضد مبارك، تغير المشهد السياسي في مصر، ودخل اقتصادها في مرحلة سقوط حر، وبالتأكيد لم تنتعش السياحة. أما التغيير الأكثر دراماتيكية، هو تدهور سلطة الحكومة في سيناء، مما فصل أرض مصر الرئيسية عن إسرائيل. هناك، يدير البدو المحليون أحد أنشط خطوط التهريب في العالم: المخدرات والأسلحة الليبية إلى غزة، المهاجرون السودانيون والاريتيريون الى إسرائيل (انتشار حصاد وتجارة الأعضاء على الطريق أحد القصص التي لم تحكَ كثيراً عن مصر ما بعد الثورة). هذا الشهر، استدعى الكنيست ست كتائب احتياط وسمح لست عشرة كتيبة اضافية وسط عدم الاستقرار المستمر على الحدود.

التدهور في سيناء قاد إلى إنهاء اتفاقية الغاز التي تمت عام 2005 بين مصر وإسرائيل، ومن المفترض أن تستمر خمسة عشر عاماً ويعتبر العديد من المصريين أنها كريمة أكثر مما يجب لإسرائيل. تم تفجير خط الأنابيب الذي يمر بشبه الجزيرة 14 مرة خلال نفس العدد من الأشهر، واعتبر الشركاء المصريون في اتحاد الغاز أن الاتفاقية غير عادلة، معتبرين أن الإسرائيليين تخلفوا عن الدفع.

متشددون مسلحون – بعضهم مرتبط بالقاعدة- قد استقروا في المكان أيضاً. في الصيف الماضي، شن مسلحون يرتدون زي الجيش المصري هجوماً معقداً متعدد المراحل جنوب إسرائيل مما أدى لمقتل ستة مدنيين ورجلي أمن. المنفذون – معظمهم من سيناء وبعضهم من غزة – انسحبوا إلى الأراضي المصرية، وبعد مطاردة لاحقة قتلت القوات الاسرائيلية 10 منهم، وبالخطأ، قتلت خمس جنود مصريين.

طالبت مصر باعتذار، ورفضت إسرائيل. بعد أسابيع، هاجم آلاف مشجعي كرة القدم السفارة الاسرائيلية في القاهرة، مما دفع إسرائيل لسحب أعضاء الوفد الدبلوماسي وابقاء واحد فقط.

بالنسبة الى الكثير من المصريين، فإن أكثر بنود اتفاقية كامب ديفيد ازعاجا هي اشتراط نزع السلاح في سيناء. فالمعاهدة تسمح للقاهرة بنشر وحدة واحدة فقط من الجيش في سيناء، أرض المعركة بين مصر وإسرائيل خلال عقدين من الزمن. وفي المناطق الأقرب من الحدود، فإن الشرطة المصرية فقط مسموح لها بالانتشار – وليس القوات. وقال الفتوح في المناظرة الرئاسية: "إنها اتفاقية تمنع مصر من ممارسة سيادتها الكاملة:، لكن زفي مازيل، وهو سفير اسرائيلي سابق في القاهرة، قال إن تغيير شروط انتشار القوات في سيناء ليس مطروحاً للنقاش، وقال: "إنه أساس الاتفاقية، دون ذلك، ليس هناك سلام".

وأخبرني مسؤولون أمنيون إسرائيليون كبار أن العلاقات مع نظرائهم المصريين لم تتغير كثيراً منذ عهد مبارك. إلا أن العداء يزداد عندما تقل الرتب: فخلال جولة حدودية في الاونة الاخيرة مع زملاء إسرائيليين، أشار لنا رجال شرطة مصريون عبر السياج المكهرب بتحية الاصبع الواحد.

وقال بنيامين بن اليعزر، النائب عن حزب العمل، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، وهو من أصدقاء مبارك لعقود: "سيناء اليوم مثل برميل البارود، ثمة فوضى هناك"، خسارة مصر "ستكون ضربة كبيرة لنا. يجب أن نكون مستعدين لاحتمال المواجهة".

سألت البروفيسور ميتال من جامعة بن غوريون عما اذا كان يعتقد ان مثل هذه الحتمية ممكنة. فقال إن أحداث العام الماضي تبرر قلقاً معيناً، لكن الإسرائيليين لن يجعلوا من يتوقعون المصائب ينتصرون بعد، وقال: "كثير من الجمهور الإسرائيلي، وبالطبع صناع القرار، يعتقدون أن سقوط نظام مبارك أدى إلى فوضى عارمة. بالنسبة الي فإنه فهم مبسط للانتقال الثوري الذي يشهده المجتمع المصري، التاريخ يظهر أن مثل هذه المراحل تقود أولاً إلى عدم الاستقرار، لكن النجاح يقاس من خلال نظرة عبر الأعوام لا الشهور. إنها سنة فقط منذ سقوط النظام، والانتخابات الحرة تعقد فعلاً".

لكن بالنسبة للكثيرين في إسرائيل، فإن المشهد عبر الحدود لا يمكن أن يكون أكثر كآبة، وقال مازيل: "من الصعب أن تعرف ما إذا يجب أن نتكلم عن العلاقات بين مصر وإسرائيل أو غيابها، أياً كان الرئيس المنتخب، فإن الشعور هو أن ما سيأتي لاحقاً ليس بالأمر الجيد
 

التعليقات