02/05/2016 - 09:38

كيف تتعاملين مع طفلك العنيد؟

يعرف الطفل بعناده من خلال عدد من المظاهر، أبرزها جمود التفكير، وعدم قبوله لتعديلات الوالدين على تصرفاته، وكذلك التصلب في الرأي الذي يصيب الوالدين بالدهشة والضيق، فضلا عن الحرج الذي يسببه الطفل لهما أمام الآخرين نتيجة العناد.

كيف تتعاملين مع طفلك العنيد؟

يتسم الكثير من الأطفال بالعناد الشديد، الذي يترتب تبعًا لظروف نفسية معينة، يتعرض لها الأطفال نتيجة المعاملة أو مدى الاهتمام الذي يلاقونه من آبائهم، حيث لا يريدون أن يتبعوا أو أن يستمعوا لتوجيهات الآخرين، ولا يبغون أن يفعلوا سوى ما يرون، وعلى الرغم من أن العناد لدى الأطفال من السمات الرئيسية للطفولة، إلا أن هناك انزعاج دائم من قبل الوالدين، بسبب الاعتقاد السائد بينهما أن الأطفال يتعمدون العناد، ويصبح الطفل في نظرهما مريضا وغير سوي ولا يسمع كلامهما.

يعرف الطفل بعناده من خلال عدد من المظاهر، أبرزها جمود التفكير، وعدم قبوله لتعديلات الوالدين على تصرفاته، وكذلك التصلب في الرأي الذي يصيب الوالدين بالدهشة والضيق، فضلا عن الحرج الذي يسببه الطفل لهما أمام الآخرين نتيجة العناد.

وحول هذا، تقول استشارية الأمراض النفسية، د. حليمة الرفاعي إن "العناد لدى الأطفال يوجد في مراحل عمرية معينة، تبدأ من العام الثالث، ويكون نتيجة بعض تصرفات الوالدين، مثل القسوة المفرطة أو التدليل الزائد، حيث يشعر الطفل بعدم احتواء الوالدين له وتفهم احتياجاته النفسية، واستبدال ذلك بالعنف والتكدير، وبالتالي لا يجد سوى العناد يعبر من خلاله عن متطلباته واعتراضاته على طريقة والديه معه، كما يتسبب التدليل المفرط في سيطرة سمة العناد على الطفل، حيث يشعره بقيمته لدى والديه، ومن ثم يرغب في فعل ما يريد دون الاهتمام بالنتيجة التي تعود عليه وعلى والديه جراء أفعاله".

وأضافت قائلة: إن الطفل في نهاية مرحلة الرضاعة يستطيع الاعتماد على ذاته، بدلًا من اعتماده على الأم بشكل كلي، ورغبته في التعرف على العالم المحيط بتفاصيله المتاحة، تخلق منه شخصًا عدوانيًا يتمرس العناد على والديه وأقرانه من الإخوة والأصدقاء، ومع بداية العام الرابع، يبدأ تحكم الذات في التصرفات والتفكير، وهنا يصعب على الأم التعامل معه، حيث يرفض قبول تعديلات الوالدين على تصرفاته، والأوامر التي تقصي حريته وتقضي على رغبته في الاستقلال بذاته، الأمر الذي يتسبب في اختلاق فجوة نفسية بينه وبين والديه".

وتوضح الرفاعي، أن كلمة “لا” لدى الأطفال من الكلمات التي تتردد دائمًا على ألسنتهم، ولها دلالة نفسية عن الأشياء المختزنة داخل الوعي واللاوعي لديه، حيث تأمل الأطفال بداية من مرحلة ما بعد الرضاعة في البعد، خاصة عن الأم، لأنها تتعامل معه بصورة دائمة ومباشرة، ويشعر منها طيلة الوقت برغبة في السيطرة عليه، وتضييق حجم تعاملاته مع الآخرين واختصارها في علاقته بها، لذلك يبحث الطفل دائمًا عن وسيلة للذهاب بعيدًا عن الأم نفسيًا، وهنا لا يجد سوى الرفض الدائم لأوامرها وفرضياتها التي تمارسها عليه، بعكس الأب، الذي تربطه بالطفل علاقة سطحية لا يتخللها إشكاليات تتوازن مع حجم العلاقة وطبيعتها، لذلك لا يلاقي حدة العناد التي تلاقيها الأم من الطفل.

ومن جانبه، يؤكد استشاري الأمراض النفسية، د. مروان البكري، أن الطفل مع بداية العام الرابع تزداد لديه مظاهر الرغبة في الاستقلال، لا سيّما مع إصرار الوالدين على أهمية انصياعه لأوامرهم، حتى وإن كانت لا تتناسب مع التكوين النفسي لهم، بالإضافة إلى اللهجة القاسية التي يستخدمها الوالدان أثناء إملاء الأوامر عليه، الأمر الذي يدفع الطفل إلى العناد أكثر، ويعزز لديه الرغبة في الاستقلال الذاتي ورفض ما يقومان به تجاهه.

ويشير إلى أن عدم شعور الطفل بثقة والديه به يدفعه إلى العناد، ويكون ذلك من خلال إجباره على أشياء تخالف رغباته وتمنعه من تنفيذ ما يريد فعله، نتيجة رؤيتهما الخاصة بأن طفلهما ليس مؤهلا لنيل الثقة الكاملة، لا سيما أن الطفل، في هذه المرحلة، يميل أكثر إلى اللغة التي يتخللها الرجاء محاطا بالدلال، بدلًا من لغة الإجبار التي تشعره بانكسار، وبالتالي يبدأ في اتخاذ موقف دفاعي، مترجمًا بالعناد، لمواجهة وصد العنف الذي يشعر به من والديه.

وتستطرد قائلة: إن مقارنة الطفل بغيره من أهم الأسباب التي تدفعه للعناد، خاصة إذا أساء له ذلك أمام الآخرين، كما لا يجب وصف الطفل بالعناد بصورة واضحة، حتى لا يترسخ في ذهنه مفهوم العناد ويبدأ العقل الباطن في تأكيد الصفة لديه، الأمر الذي يجعلها ليست مجرد سمة ترتبط بمرحلة عمرية معينة، بل يجعلها سمة دائمة تكبر وتتعمق بتمدد العمر.

وعن أشكال العناد لدى الأطفال، تنوه اختصاصيّة الأمراض النفسية، د.رانيا السيد، إلى أن هناك أشكال عدة للعناد، أبرزها عناد التصميم، أو ما يطلق عليه علميًا "عناد الإرادة"، وهو من أصعب الأشكال التي تجعل الطفل على غير استعداد مسبق للتهاون في مبتغياته النفسية والحسية، ويعد هذا من أكثر الأشكال إيجابية، حيث يعزز لدى الطفل ثقته بذاته وقدرته على تحمل المسؤولية، كما تنمي لديه إصراره على الوصول إلى ما يريد، وإن كان ذلك يفوق قدراته وإمكانياته العقلية.

وتابعت: أما الشكل الآخر من العناد عند الطفل، فيكون نتيجة أحاسيس سلبية تمركزت داخله، وتترجم في مشاعر عدم القدرة أو ضعف الحيلة، فعلى سبيل المثال، عندما يبغي الذهاب إلى أحد أصدقائه، أو مشاهدة التلفاز في وقت غير مناسب ويصر على ذلك، هنا ينبغي على الوالدين توعية الطفل بأن هذه التصرفات خاطئة ولا تناسبه.

وعن الوسائل التي يجب على الوالدين اتباعها للقضاء على العناد عند الأطفال، توضح أنه لا بد من استبعاد بعض الكلمات من قاموس الطفل أثناء حديثه مع والديه أو الآخرين، والاستعاضة عنها بكلمات أخرى إيجابية، تتردد على ألسنة الوالدين دائمًا حتى يستوعبها، ومن ثم يبدأ بتكرارها هو أيضًا، بالإضافة إلى ضرورة سؤال الطفل عن أسباب رفضه لأوامر الأم وتكليفاتها اليومية، فهو يرى أن من حقه أن يرفض كما يفعل الوالدان معه، أو يرحل تكليفاتهما له إلى وقت لاحق بدعوى الانشغال، الأمر الذي يتيح له فرص النمو الفكري الإيجابي، الذي يعزز لديه الثقة بالذات.

وينصح استشاري الأمراض النفسية، د. محمود الهادي، بضرورة استبدال صيغة الأمر التي يتبعانها الوالدان مع الطفل بلهجة أكثر رقة تغلف بحنانهما، حتى يستطيع استيعاب الأمر وأنهما يطلبان منه الأشياء رغبة منهما في تعزيز قدراته العقلية والتكوين الصحيح لشخصيته، بالإضافة إلى أهمية تقليل الوالدين لتدليل الطفل، حيث يخلق منه ذلك طفلا عنيدا لا يرى سوى ذاته.

ويحذر من استخدام العنف مع الطفل العنيد، لأنه يأتي بنتيجة أكثر تعقيدًا، خاصة إذا كان عدوانيا لا يقبل الآخرين بسهولة، فإذا استمر ذلك، ستتحول العدوانية والعناد إلى اضطراب سلوكي، يحول دون التعامل السليم بين الطفل ووالديه، كما ينبغي على الآباء والأمهات تجنب التمييز بين أبنائهم، حيث يعود ذلك بآثاره السلبية على التكوين النفسي لبعضهم الذي يشعر بقهر ونبذ.

اقرأ/ي أيضًا | اغتيال البراءة: التحرش الجنسي بالأطفال

التعليقات