15/05/2016 - 15:00

الورديات الليلية مرفقة بالمشاكل الاجتماعية والصحية

طبيعة الحياة ومشاكلها وكثرة الالتزامات والأعباء لدى الفرد جعلت بعض الشباب يلجؤون إلى العمل ليلا، أو كما يُعرف بالوردية المسائية، لكي يغطوا حاجتهم ومطالبهم الشخصية. لكن لذلك مساوؤه.

 الورديات الليلية مرفقة بالمشاكل الاجتماعية والصحية

طبيعة الحياة ومشاكلها وكثرة الالتزامات والأعباء لدى الفرد جعلت بعض الشباب يلجؤون إلى العمل ليلا، أو كما يُعرف بالوردية المسائية، لكي يغطوا حاجتهم ومطالبهم الشخصية، خاصة إذا كان الشاب في بداية حياته ويعمل من أجل الزواج وتكوين أسرة، أو في حالة أنه متزوج ولديه أولاد، فالظروف المالية تجبر الكثير من الأشخاص إلى اللجوء لمزاولة عملين. والعمل في الوردية المسائية لا يُقتصر فقط على امتهان الفرد لوظيفتين مختلفتين، بل إن هناك بعض المؤسسات الصحية والأمنية والخدمية التي تعمل على مدار 24 ساعة، لذلك ظهر وبشكل كبير نظام عمل الورديات لكي تُغطى الخدمة على مدار الساعة.

متطلبات الحياة جعلت الإنسان يعمل في الليل ويغير الوضع الطبيعي، ولكن لا يكون بنفس النشاط الذي يكون عليه في النهار. فالنشاط اليومي يبلغ ذروته في فترة النهار ويقل مع دخول فترة الليل، لذلك من أصعب المشاكل التي تواجه من يعمل في الوردية المسائية هي صعوبة النوم خلال فترة النهار وصعوبة التركيز خلال فترة الليل، فهناك بعض العوامل التي تساعد الفرد على التركيز أثناء فترة النهار أهمها الضوء والضجيج لأنهما يحافظان على انضباط الإيقاع اليومي للجسم أو ساعاته الحيوية.

وقد أثبتت العديد من الدراسات، أن الوردية المسائية يكون له تأثيرات سلبية على صحة الإنسان، وأكد تقرير نشره الموقع الهندي “بولد سكاي” أن الدماغ البشرية بها جزء يُعرف باسم الساعة اليومية، وهذا الجزء هو المسؤول عن دورة النوم والاستيقاظ، وكل وظائف الجسم التي تعمل به مثل الهضم وضربات القلب وغيرهما، لذلك فالعمل في الفترة المسائية يعطل الساعة البيولوجية لجسم الإنسان مما يؤثر بشكل خطير عليه، مما يؤدي إلى انزعاج الشخص، لأن خلل الساعة البيولوجية يؤدي إلى اضطراب في درجة حرارة الجسم الداخلية، بالإضافة إلى تغير ساعات النوم والعمل.

وأضاف التقرير “العمل في الوردية المسائية يؤدي إلى انخفاض مستوى هرمون اللبتين، وهو المسؤول عن تنظيم عملية الهضم في جسم الإنسان، كما أنه يؤدي إلى اضطراب عملية التمثيل الغذائي التي من شأنها أن تؤدي إلى مشاكل كثيرة في الهضم، مما يؤدي إلى السمنة وغيرها من أمراض القلب والشرايين، مشيرا إلى أنه من أخطر الأمراض التي يسببها العمل ليلا هو الإصابة بالسكر، وذلك لأن الأنسولين ينشط في الجسم نتيجة انخفاض في مستوى هرمون اللبتين، مما يؤثر بشكل سلبي على مستوى الإنسولين والسكر في الدم، مما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسكر النوع الثاني بالأخص بين الأشخاص الذين يعملون في نوبات العمل الليلية”.

أرق وتوتر

يعاني معظم العاملين في الورديات المسائية من الأرق والخمول والتوتر نتيجة تغير نظام الحياة لديهم والعمل ليلا، كما أنهم يعانون من ضغوط عائلية واجتماعية يكون مفروضا عليهم التكيف معها، حيث يجب عليهم العمل عندما يكون أغلب الناس نائمين والنوم عندما يكون الآخرون مستيقظين أو في أعمالهم، أو يقضون أوقات عائلية مع الأسرة، لذلك يعاني الشخص الذي يعمل ليلا من تفكك وعدم اختلاط مع أسرته إلى حد ما، كما يشتكي هؤلاء الموظفون عادة من عدم القدرة على قضاء أوقات كافية مع أبنائهم أو أصدقائهم، أو حتى من ترتيب بعض الأنشطة الترفيهية، ونلاحظ أن نقص النوم من شأنه أن يوثر على قدرة الفرد في اتخاذ القرارات التي تحتاج إلى تركيز وتمعن أو رد فعل سريع، كما أنه يعاني من انخفاض نسبة ذكائه، وعدم القدرة على التذكر، ومشاكل في الاستيعاب.

إلى جانب الأمراض الصحية التي يسببها العمل ليلا إلا أن له آثارا أخرى، فقد حذرت مستشفى بريجهام آند ويمن الأميركية، العاملين في النوبات الليلية من قيادة السيارة بعد الانتهاء من العمل، لأنهم يكونون أكثر عرضة للحوادث أثناء قيادتهم السيارة أو الدراجة البخارية وهم في طريق عودتهم إلى المنزل، لأن الموظفين يشعرون وقتها بالنعاس والإرهاق الشديد ويقل تركيزهم في هذه الفترة، ولذلك ترتفع نسبة الحوادث المرورية أثناء قيادة وسيلة المواصلات بأنفسهم ليلا.

وقد كشفت دراسة أجريت حول نسبة الحوادث لدى العاملين ليلا، أن 37.5% من السائقين الذين تعرضوا للحوادث المرورية كانوا يعملون في وردية ليلية قبل وقوع الحادث مباشرة، كما أكد أغلبيتهم أنهم كانوا يشعرون برغبتهم في النوم الشديد أثناء قيادتهم، وأن ربع الساعة الأولى من القيادة هي التي شهدت أكبر قدر من النعاس التي أدت إلى ضعف الانتباه، كما أثبت الباحثون أن قيادة السيارة عقب انتهاء العمل في النوبات الليلية لا تختلف كثيرا عن قيادة السيارة تحت تأثير الخمور، وكلاهما يساهمان في رفع نسب الحوادث المرورية، لذلك نجد أن نسب الحوادث التي تحدث ليلا تكون أكبر عند التي تحدث في النهار.

اقرأ/ي أيضًا | كثرة ورديات العمل الليلية تتسبب بأزمات قلبية

ولأنه لا يمكن الاستغناء عن العمل فترة الليل نظرا لوجود بعض المهن التي تتطلب هذا، لذلك لابد من معرفة بعض الطرق التي يجب اتخاذها لتفادي أضرار العمل ليلا، والتي يأتي على رأسها العمل في مكان يكثر به الأضواء حتى لا تشعر بالنعاس. فقد أثبتت الدراسات أن الطيف الكامل للضوء، يعد الأفضل في حال أمكن ذلك، لأنه سيساعد الجسم على الانتظام في عملية النوم والاستيقاظ، وفي حالة النوم في الصباح يفضل النوم بغرفة مظلمة واستخدام العصبات بالعينين لأنها تساعد على الاسترخاء، كذلك لابد من العمل على تحسين نوعية النوم، فمن الممكن الحصول على قيلولة، لأنها تحسن نشاط المرء، وتساعده على الشعور بالراحة.

التعليقات