25/05/2016 - 14:25

ماذا تعرف عن رهاب الأماكن المغلقة؟

تتمثل الأعراض السلوكية للمصابين برهاب الأماكن المغلقة، في تفقدهم المسبق لمداخل ومخارج الأماكن المغلقة التي يتواجدون بها، كما يفضلون الاقتراب من هذه المخارج تحسبا لحدوث شيء ما

ماذا تعرف عن رهاب الأماكن المغلقة؟

يتضاعف الخوف لدى الإنسان من الأماكن المظلمة أو المرتفعة والمعلقة، مما يؤدي إلى إصابته بانهيار عصبي، هذا بجانب الأعراض الجسدية لرهاب الأماكن المغلقة، من زيادة سرعة ضربات القلب بصورة يصعب تداركها، حيث يمكن معها حدوث مضاعفات قد تؤدي إلى الوفاة خلال أقل من 10 دقائق، وزيادة معدلات النبض، وهو ما يتعلق بضغط الإنسان الذي يرتبط بقدرته النفسية على التحمل، بالإضافة إلى الشعور بالغثيان يصاحبه أحيانا حدوث إغماء.

أما الأعراض السلوكية للمصابين برهاب الأماكن المغلقة، فتتمثل في تفقدهم المسبق لمداخل ومخارج الأماكن المغلقة التي يتواجدون بها، كما يفضلون الاقتراب من هذه المخارج تحسبا لحدوث شيء ما، إضافة إلى تفضيل صعود الطوابق المرتفعة بالدرج وليس المصعد، وهو ما ينتج عن خوف شديد يدفعهم إلى إحضار ذهني لحوادث قديمة يريدون تلاشيها.

ويفسر د. أيمن محمد، استشاري الأمراض النفسية، رهاب الأماكن المغلقة، بأنه أحد أشكال اضطراب الخوف، يشعر به المرء نحو أشياء لا تمثل خوفا حقيقيا بالنسبة للآخرين، ويتضح ذلك من خلال بعض الأعراض، في مقدمتها التعرق الشديد وزيادة معدلات النبض، ما يؤدي إلى عدة احتمالات أبرزها توقف مفاجئ للقلب، نتيجة فقدان قدرته على التحمل، والشعور بصعوبة التنفس، بالإضافة إلى إصابته بحالة رعاش شديدة يصاحبها غثيان وشعور بالإغماء، وهو ما يتطلب سرعة خروج الإنسان من المكان المغلق لإنقاذ القلب، وتعزيز سرعة سريان الدم إلى الشرايين التي تصب إليه.

وتابع: "يبدو على الإنسان المصاب برهاب الأماكن المغلقة فقدان السيطرة على سلوكياته، ويكون ذلك من خلال تفقده السريع لمداخل ومخارج المكان الذي يتواجد به، والوقوف قريبا منه خوفا من حدوث شيء ما بصورة مفاجئة، إلى جانب الإصابة بالاهتزاز الجسدي في حالة ازدحام الأماكن المرتفعة والمعلقة أو إغلاق الأبواب، كما يعد من بين أعراض فوبيا الأماكن المغلقة، تفضيل المريض لصعود الطوابق المرتفعة مستخدما الدرج بدلا من المصعد تلاشيا لأخطار الأماكن المغلقة، وخوفا من تكرار الحوادث الفردية التي تمركزت داخل العقل الباطن لديه، وعززت في داخله الشعور بالخوف والرهبة من هذه الأماكن".

ويشير إلى أن امتناع الإنسان عن السفر لأماكن بعيدة من أهم أعراض رهاب الأماكن المغلقة، حيث يعتبر سيارته المغلقة عدوا له خاصة إذا كان يقود دون رفيق، كما أنه يتجنب ذلك خصيصا في حالة بطء حركة المرور، حيث يفضل المصاب بالرهاب السير بسيارته سريعا لتلاشي الشعور بالخوف منها، ولمنع توارد الأفكار السلبية المختزنة بالعقل الباطن والمستمدة من بعض المشاهد والتجارب القديمة.

من جانبه، يقول د. أحمد سعيد، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس: إن فقدان المصاب برهاب الأماكن المغلقة النطق يعد من ضمن أعراض الإصابة، حيث يشعر بعدم قدرته على إخراج الكلمات، نتيجة فقدان السيطرة على عضلات اللسان، كما أنه يشعر دائما بدوار، يسبب لديه غياب العقل للحظات، ومن ثم توقف إشارات المخ التي يرسلها إلى أعضاء الجسم المختلفة، ومن بينها الخاصة بالكلام، ما يجعله غير قادر على استيعاب ما يحدث من جهة، وعلى النطق من جهة أخرى.

وعن أسباب إصابة الإنسان برهاب الأماكن المغلقة، يؤكد سعيد أن العامل النفسي له دور فعال ومؤثر بشكل مباشر، كأن يكون الإنسان مصابا باضطرابات نفسية، نتيجة تعرضه لحادث ما أو فقدان قريب له لنفس السبب، مما يعزز لديه الشعور بالخوف والذعر من الأماكن المغلقة، كما أن العقل الباطن يقوم أحيانا بتخزين مآثر سلبية قديمة تكون سببا في تمكن الخوف من الإنسان، لا سيما إذا ارتبطت هذه المآثر بالأماكن المغلقة، حيث يستجمعها العقل الباطن ويرددها كلما تواجد الإنسان في مكان مغلق أو مرتفع، ويبدأ على إثر ذلك في وضع سيناريوهات مخيفة تتشابه مع الأفكار المختزنة، موضحا أن ارتفاع معدل هرمون الأدرينالين بالجسم لدى البعض يضاعف أوقات الشعور بالخوف لديهم بالمقارنة مع الآخرين، تجاه أمور وأماكن هي في حقيقتها غير مخيفة، مثل الأماكن المغلقة، إلى جانب زيادة إفرازات الغدة الدرقية والغدد الصماء، حيث تعزز شعور الإنسان بالخوف عند التواجد بأماكن مغلقة خاصة إذا كانت مزدحمة أو مرتفعة، وهنا يقيس الوعي حجم الألم الذي ينال الجسم في حالة حدوث شيء ما مفاجئ، وهو ما يدفع بالشخص لتجنب التواجد بمثل هذه النوعية من الأماكن.

وعن كيفية علاج رهاب الأماكن المغلقة، تشير د. روان العزباوي، استشارية الطب النفسي، إلى أن التفكير الإيجابي يعتبر أولى خطوات العلاج النفسي لهذا الداء، ويكون من خلال وضع الشخص المصاب داخل مكان هادئ، وحثه على استجماع قواه النفسية والعقلية لمدة دقائق، ثم استحضار بعض الأماكن التي تشعره بالخوف الشديد، وربطها بأحداث إيجابية يكونها بصورة خيالية وقعت داخل هذه الأماكن، وبالتالي يتمكن الإنسان واقعيا من الفصل بين الخطر الذي يبثه اللاوعي داخله، وبين الأماكن التي تسبب له الخوف والقلق فعليا.

وتذكر العزباوي أن هناك أيضا علاج سلوكي يقوم بتحويل خيالات الإنسان التي يتعامل معها على أنها واقع، بعد ترجمتها بصورة إيجابية إلى واقع بالفعل، من خلال تعرضه بصورة تدريجية للأماكن التي تسبب له الخوف بصحبة من يثق بهم من الأقارب أو الأصدقاء، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي التعرض لها بمفرده، دون مساعدة أو دافع نفسي لعدة مرات يوميا ولمدة دقائق متواصلة.

وتابعت: "في حالة عدم استجابته لهذه الطريقة يتم التعامل معه وفق نظرية التنويم المغناطيسي، التي تمكن اللاوعي من استحضار السبب النفسي الذي ارتبط بالأماكن المغلقة، ونتج عنه الخوف والقلق، واستبداله بأفكار أخرى إيجابية لفك هذا الارتباط، مؤكدا أن هناك وسيلة أخرى أكثر أمانا، وهي التمرينات الخيالية أو تمرينات الاسترخاء، ويفضل ممارستها قبل توجه الإنسان إلى الأماكن المغلقة، وهي تعتمد بالأساس على توجيه العقل من خلال إراحته لمدة دقائق عن العمل، ما يؤدي إلى تقليل الإشارات السلبية التي توجه إلى الجهاز العصبي، ومن ثم تقل نوبات الخوف والرهاب التي تصاحب الإنسان".

اقرأ/ي أيضًا| تجنبوا الإفراط في تنظيف المنزل

التعليقات