21/09/2018 - 09:23

دراسة تتوصل إلى "محو" الذكريات من الدماغ

فهل من الممكن أن تصير هذه الطريقة وسيلةً لتجاوز الذكريات المؤلمة والحوادث الصادمة؟ أو أن تصير سبيلًا جديدًا للعلاج النفسي؟

دراسة تتوصل إلى

توضيحية (Pixabay)

تمكّنت دراسة حديثة من جامعة توياما باليابان من التوصّل إلى آلية استرجاع الذكريات في الدماغ، كشفت عن أن الذكريات تمثل بيت الخبرة لدى الإنسان، وأنها تأتي متلاحقة وتتكون بصورة متشابكة في المخ. وبحثت الدراسة بشكل أساسي دور المشابك العصبية في تحديد هوية الذكريات المتشابكة، في محاولة لتوظيفها في عملية ما يمكن لها "محو" الذكريات الأليمة.

ووفقًا للدراسة، فإن المشابك العصبية هي بمثابة نقطة اتصال والتقاء بين الخلايا العصبية، ومن خلال دراستها، توصّل الباحثون إلى نتيجتين لم تكونا معروفتين من قبل، الأولى، إمكانية المحو الدائم والكامل للذكريات السيئة، عن طريق تكسير نوع معين من البروتينات في المشبك العصبي لدى فئران التجارب، حيث تلتقي الخلايا العصبية، والثانية معرفة المكان والكيفية التي يخزن بها المخ تلك الذكريات.

وحاولت دراسات عديدة من قبل التوصل إلى إمكانيات التحكم بالذكريات، لكن كلها كانت محاولات، وإن نجحت في بعضها، جزئية، إلّا أن الدراسة الحالية التي نشرت في مجلة "ساينس" العلمية مؤخّرًا، هي الدراسة الأولى من نوعها، والتي تمكّنت من الوصول إلى التحكم الكامل بالذكريات، من خلال حَقن نوعين من الأدوية في المشبك العصبي أو synaptic connection؛ إذ جرى التأثير عليها، ومحو الذاكرة المراد نسيانها، وهذا بعكس الدراسات الأخرى التى عادت فيها الذكريات السيئة مجددًا، نتيجة حدوث موقف عرضي ما.

وبيّنت الدراسة أن للدماغ طريقة خاصة في حفظ الذكريات، إذ يقوم الدماغ بتصنيع بروتينات معينة لدى حدوث موقف ما، وهي عبارة عن "الذكرى" في واقع الأمر، ليقوم الدماغ بعدها في حال حدوث ضرر ما، باستعادة البروتين نفسه، لذا، اعتمدت الطريقة السابقة في "محو" الذاكرة من خلال حقن بمصل يمنع تصنيع تلك البروتينات، وآخر لوقف تكوين البروتينات، وبذا أزيلت الذاكرة السيئة تمامًا من المخ.

في واقع الأمر، تمكّن البحث الجديد من محو ذاكرة معينة بين ذاكرتين مؤلمتين في الخلية نفسها، فالصعوبة كانت في محو ذكرى واحدة في الخلية نفسها دون الإضرار بالذكريات الأخرى، واستخدمت الدراسة ترددين مختلفين من الأصوات، بحيث كان تردد الصوت الأول 7 كيلوهرتز لمدة 30 ثانية، وفي آخر ثانيتين أحدثت صدمة كهربائية للفئران، والصوت الثاني تردده 2 كيلوهرتز لمدة 30 ثانية، وفي آخر ثانيتين أحدثت أيضًا صدمة كهربائية.

توضح الدراسة أنّ ما حصل فعليا كان أن الفئران كونوا ذاكرتين من خلال الصدمات الكهربائية البسيطة المرتبطة بصوتين مختلفين، وتمّ تطبيق طريقة المحو على المصوت الأول.

وأكّدت الدراسة أن المحو كان بشكل كلي ودائم؛ لأن كل محاولات استرجاع الخوف سواء كانت بشكل طبيعي أو بإثارة خلايا المخ المسؤولة عن هذه الذاكرة باءت بالفشل، حتى بعد مرور شهر من عمر الفئران، وهو ما يوازي 3 سنوات بالنسبة للإنسان.

وأشارت الدراسة إلى إمكانية تطبيق هذا البحث في علاج مرضى الاضطرابات العصبية؛ لأن هناك أدوية متاحة في السوق تعمل على استثارة تكسير البروتينات، ولكن تكمن مشكلة التطبيق في كيفية إيصال هذه الأدوية إلى أجزاء معينة للمخ.

فهل من الممكن أن تصير هذه الطريقة وسيلةً لتجاوز الذكريات المؤلمة والحوادث الصادمة؟ أو أن تصير سبيلًا جديدًا للعلاج النفسي؟

 

التعليقات