17/02/2020 - 11:28

شركات جمع الـدي إن إيه تستغل بيانات ثمينة لأغراض تجارية

تنتشر صرعة جديدة في الأعوام الأخيرة، حول العالم، إذ يتجه عدد كثير من الناس نحو فحص أحماضهم النووية الصبغية (الدي إن إيه)، لمعرفة جذورهم التاريخية ومن أين تحدرت سلالتهم على مدار آلاف الأعوام، أو لمعرفة تفاصيلهم الجينية

شركات جمع الـدي إن إيه تستغل بيانات ثمينة لأغراض تجارية

(أ ب)

تنتشر صرعة جديدة في الأعوام الأخيرة، حول العالم، إذ يتجه عدد كثير من الناس نحو فحص أحماضهم النووية الصبغية (الدي إن إيه)، لمعرفة جذورهم التاريخية ومن أين تحدرت سلالتهم على مدار آلاف الأعوام، أو لمعرفة تفاصيلهم الجينية.

وفي حين أن عددا متزايدا من الشركات تدخل إلى هذا المجال مستغلة هذه الصرعة الجديدة نسبيا، ومروجة لها، إلا أن الكثيرين يحذرون من هذه الشركات، خصوصا أنها شركات تجارية.

وحذرت الكاتبة المختصة في العلوم، لاورا سبيني، في مقال نشرته في صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، من تطوع الناس لمنح الصبغ النووي لهذه الشركات، واصفة إياه بـ"الشيء الثمين".

وتطرقت سبيني في مقالها إلى أن التكوين الوراثي للشخص هو من أكثر البيانات حميمية التي يُمكنه أن يعطيها لأي أحد، لكن هذه الشركات تعمل بطرق لا يعرفها طالبو خدماتها، حيث أنهم يجهلون غاياتها، ومن الصعب التحكم بها في الغالب.

وبدأت الكاتبة بتقديم مثال عن إحدى شركات هذا المجال، وتُدعى "23 آند مي"، والتي قامت مؤخرا ببيع حقها في صناعة عقار جديد واعد مضاد للالتهابات لشركة صيدلة إسبانية، مشيرة إلى أن جمع الشركة لبيانات الملايين ربما ساهم بتحقيق تقدم طبي يُعد الأول من نوعه، لكن الشركة بدأت تتخذ بعد ذلك إجراءات صارمة متعلقة بالخصوصية.

وعملت "23 آند مي" منذ تأسيسها على تقديم الاختبارات الجينية للمستهلكين بشكل مباشر، ودون الحاجة إلى إدراجها في أنظمة الرعاية الصحية. وتعمد الشركة إلى جمع معلومات وراثية عن الأشخاص، وكذلك معلومات عن صحتهم وسلوكهم وغيرها، من أجل تحديد الروابط بين جينات معينة مثل الأمراض وغيرها، لتقوم نن خلال قسم العلاجات الخاص بها، بتطوير عقاقير تتداخل مع عمل الجينات المسببة للأمراض.

ولاقى هذا النوع من الشركات رواجا بين الناس الراغبين أيضا بمعرفة جذورهم التاريخية، والأماكن التي يتحدرون منها، أو الأمراض التي يمكن لجيناتهم تنبؤها، للوقاية منها.

ولفتت الكاتبة إلى أنه مع مرور الوقت، أصبح من الواضح أن مصدر الإيرادات الرئيسي لهذه الشركات، يأتي من بيع هذه المعلومات لأطراف ثالثة.

وتُعد "23 آند مي" من الشركات التي تمتع بشفافية مع طالبي خدماتها، إذ تسأل الشركة كل مشترك عن موافقته على استخدام بياناته لأغراض بحثية، وهو ما يوافق عليه غالبيتهم، لكن النوع الآخر من الشركات، وهو الأكثر رواجا، لا توضح لزبائنها كيف تُستخدم بياناتهم الشخصية.

وقالت سبيني إن المشكلة تكمن هنا بأن الشركات العاملة في مجال الصحة، غير مجبرة على الالتزام بقيم الأطباء، وليست رفاهية المريض أو الزبون من أهم أولوياتها، كما أنها غير ملزمة بإعلام زبائنها بشروطها، إضافة إلى أنها تستطيع تغيير هذه الشروط متى تشاء.

وعندما تُنقل بيانات الشخص من شركة لأخرى، فيُصبح محوها أو استرجاعها أمرا صعبا للغاية. كما أن هذه المعلومات قد تصل لجهات كثيرة، مثل أنظمة الصحة، وشركات التأمين الصحي، ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.

وشرحت الكاتبة أيضا، أن الأشخاص الذين قدموا أحماضهم النووية مجانا، أو حتى قاموا بدفع مبلغ ما من أجل ذلك، لا يتمتعون بأي حقوق على المنتجات التي ساهمت بياناتهم بصنعاتها.

ونوهت الكاتبة هنا إلى أنه نظرا لأن هذه المنتجات قد تدر بأرباح طائلة على هذه الشركات، فيجب أن يحصل "المتبرعين" بأحماضهم النووية على حصة منها، أي يجب أن يحصلوا على المال لقاء تقديم هذه المعلومات.

لكن الكاتبة تطرقت إلى مشكلة أكبر أيضا، وهي الغموض حول من يستطيع الوصول إلى بيانات هذه الشركات حول عملائها، ولأي أغراض تُستخدم، حيث أنه يمكن أن يحصل عليها أيضا أشخاص مهتمين بنزاعات عائلية حول الميراث، أو وكالات أمنية والشرطة.

ويتوقع الخبراء أن تُستخدم البيانات البيولوجية لتحديد متهمين بـ"قضايا إرهابية"، أو تتبع جنود، او تقنين العلاج في النظم الصحية المرهقة.

التعليقات