08/03/2022 - 16:54

دراسات جديدة حول تبعات فيروس كورونا على الدماغ

أكدت دراسات حديثة ما كان يشتبه به علماء منذ بداية جائحة كورونا قبل عامين بشأن وجود تبعات عصبية حتى في أشكاله الطفيفة.

دراسات جديدة حول تبعات فيروس كورونا على الدماغ

(توضيحية - أ ب)

أكدت دراسات حديثة ما كان يشتبه به علماء منذ بداية جائحة كورونا قبل عامين، بشأن وجود تبعات عصبية حتى في أشكاله الطفيفة.

وخلصت دراسة حديثة نشرت نتائجها مجلة "نيتشر" إلى تسجيل "أثر ضار مرتبط بـSARS-Cov-2"، الفيروس الذي نشأ منه كورونا، في أدمغة أشخاص بعد أشهر من إصابتهم.

ويرتدي هذا البحث أهمية لأنه يوفر أقوى دليل حتى الآن على أن كورونا يمكن أن تكون له تبعات طويلة المدى على الدماغ، لا سيما "المادة الرمادية" التي تشمل الخلايا العصبية. هذه الفكرة ليست بجديدة، إذ ورد ذكرها تقريبا في بداية الجائحة أوائل عام 2020، عندما لاحظ أطباء كثر اضطرابات عصبية لدى مرضى كورونا.

منذ حينها، أجريت دراسات عدة في هذا الاتجاه. وقد أظهر بعضها أن نسبة الاضطرابات المعرفية كانت أعلى لدى الأشخاص الذين أصيبوا سابقا بكورونا، فيما رصدت دراسات أخرى تشوهات في أدمغة المرضى.

مع ذلك، لا يمكن للفئة الأولى من الدراسات إثبات وجود آلية سببية مباشرة. أما الفئة الثانية من الدراسات فقد أجريت على عدد قليل من المرضى الذين يعانون بشكل عام أشكالا حادة من كورونا. وفي بعض الحالات، شملت الدراسات حتى تشريحا لجثث مرضى متوفين.

غير أن نتائج الدراسة التي نُشرت نتائجها، الإثنين، أتت أكثر حسما. فهي حللت عددا كبيرا نسبيا من الأشخاص (بالمئات)، وراقبت حالة دماغهم لرصد ما إذا كان تضرر جراء كورونا أم لم يتأثر به.

عندما أصيبوا بكورونا، لم يُنقل معظم هؤلاء الأشخاص إلى المستشفى. لذلك، يعطي هذا البحث فكرة عن الآثار العصبية لمرض كورونا بشكله الخفيف، وهو ما حصل لدى الغالبية العظمى من الناس.

أخيرا، في كل حالة جرى تحليلها، اعتمدت الدراسة معيارا مرجعيا يعود إلى ما قبل ظهور كورونا. فقد خضع المرضى جميعا لتصوير دماغي قبل سنوات، كجزء من عملية أجرتها منظمة Biobank التي تجمع بيانات صحية منذ سنوات في المملكة المتحدة.

وفي النتائج، شهد مرضى كورونا السابقون عموما تقلصا في أدمغتهم. في المعدل، ينتج عن الإصابة بالفيروس بعد أشهر عدة، فقدانا أو تلفا بنسبة 0,2% إلى 2% لأنسجة المخ أكثر مما يُلاحظ عند الأشخاص الأصحاء.

وقالت الباحثة الرئيسية المساهمة في الدراسة، غواناييل دوو، في عرض تقديمي على موقعها على الإنترنت "للحصول على فكرة عن حجم هذه التأثيرات، يمكننا مقارنتها بما يحدث أثناء الشيخوخة الطبيعية: نعلم أن الأشخاص يفقدون ما بين 0,2% و0,3% من المادة الرمادية كل عام في المناطق المرتبطة بالذاكرة".

لكن هل يثير ذلك الذعر من فيروس ينمو بشكل منهجي داخل الدماغ ويهاجم الخلايا العصبية بصورة نهائية؟ الجواب القطعي هو كلا، إذ إن الدراسة لا تجعل من الممكن استخلاص أي استنتاج، سواء على آليات هذه الإصابات الدماغية أو على طابعها النهائي.

وسجل الباحثون ملاحظة مهمة لكن يمكن تفسيرها بطرق عدة، فقد لاحظوا أن مناطق الدماغ الأكثر تضررا بعد الإصابة بكورونا هي تلك المتعلقة بإدراك الروائح.

ومن المعلوم أن فقدان الشم هو أحد أكثر أعراض كورونا شيوعا. ويعود ذلك على الأرجح إلى أن العصب الشمي يتعرض لهجوم من الفيروس، أو يتأثر بالاستجابة المناعية للعدوى وفق دراسة حديثة.

لذلك قدمت دوو فرضيات عدة: يمكن أن يصاب الدماغ بالتهاب، ينتقل على سبيل المثال عن طريق القناة الشمية، أو يسببه الفيروس نفسه أو عن طريق رد فعل الجسم تجاهه.

لكن من الممكن أيضا أخذ الأمور في الاتجاه المعاكس. ماذا لو كان فقدان حاسة الشم هو الذي أثر على الدماغ؟

قالت دوو إنه "نعلم أن الفقد الدائم للشم (...) يؤدي إلى انخفاض في المادة الرمادية في مناطق الدماغ المرتبطة بالشم".

مع ذلك، فإن هذا التأثير قابل للعكس، فبحسب دوو "يمكننا أن نعتقد أنه مع عودة حاسة الشم، فإن هذه الاختلالات الدماغية ستصبح أقل وضوحا بمرور الوقت".

التعليقات