د. نصار: العمل لمدة 26 ساعة متواصلة إجرام بحق الطبيب والمرضى

حذر د. نصار نصار (30 عاما) من مدينة عرابة البطوف، طبيب في مرحلة التخصص بطب الأطفال وأحد الأطباء الذين قدموا استقالة جماعية، الخميس الماضي، احتجاجا على عدم تخفيض ساعات المناوبة، من "نتائج عمل الأطباء المختصين لمدة طويلة".

د. نصار: العمل لمدة 26 ساعة متواصلة إجرام بحق الطبيب والمرضى

طاقم طبي في "رمبام" (Getty Images)

حذر د. نصار نصار (30 عاما) من مدينة عرابة البطوف، وهو طبيب في مرحلة التخصص في طب الأطفال وأحد الأطباء الذين قدموا استقالة جماعية، يوم الخميس الماضي، احتجاجا على عدم تخفيض ساعات المناوبة، من "تبعات ونتائج عمل الأطباء المختصين لمدة 26 ساعة متواصلة"، مؤكدا أن هذا "جريمة بحق الطبيب وبحق متلقي الخدمات الطبية".

وقال د. نصار لـ"عرب 48" إن "الكثير من الأخطاء والحوادث قد تقع بسبب حالة الإرهاق التي يصل إليها الطبيب بعد 26 ساعة عمل متواصلة".

وكان أكثر من 200 طبيب في مرحلة التخصص قد قدموا استقالتهم، الخميس، احتجاجا على تأجيل دخول تقصير مدة وردياتهم حيز التنفيذ بحوالي سنة ونصف السنة، إذ كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في شهر نيسان/ أبريل الماضي.

وأعلنت رئيسة منظمة الأطباء في مرحلة التخصص "ميرشام"، د. راي بيطون، خلال مؤتمر صحافي، الخميس، أن "200 طبيب في مرحلة التخصص يقدمون الآن استقالاتهم بصورة جماعية، وأن نحو 600 آخرين سيقدمون على خطوة مماثلة في الأسابيع القليلة المقبلة".

د. نصار نصار

"عرب 48" أجرى الحوار التالي مع الطبيب نصار نصار، من عرابة وهو طبيب في مرحلة التخصص في طب الأطفال، ويعمل في المركز الطبي "رمبام" في حيفا منذ ثلاث سنوات بعد أن أنهى دراسته في معهد العلوم التطبيقية "التخنيون".

"عرب 48": ما الأسباب التي دفعتكم لتقديم الاستقالة الجماعية؟

د. نصار: أولا، أشكركم لاهتمامكم ومتابعتكم للموضوع، وهو كالتالي: لقد كانت لنا نضالات سابقة من أجل تخفيض عدد ساعات الدوام الطويلة في المناوبات، والتي تصل إلى 26 ساعة في الوردية الواحدة، وفي شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تلقينا وعودا بأن يبدأ تقصير مدة الورديات بدءا من شهر نيسان / أبريل الماضي، وها هي أربعة أشهر تمر على الاتفاق ولم يخرج إلى حيز التنفيذ، وما زال الاستهتار والمماطلة وعدم توفر الميزانيات وعدم وجود ملاكات لأطباء جدد هي الأعذار التي تتبجح بها وزارة الصحة، وبالتالي كان هناك تهديد بالاستقالة من جانبنا وهذه هي الموجة الأولى من الاستقالات خرجت إلى حيّز الواقع، وقد استقال حوالي 250 طبيبا من مختلف المستشفيات في البلاد.

"عرب 48": هل بين هؤلاء الأطباء عدد كبير من الأطباء العرب؟

د. نصار: هناك بالطبع أطباء عرب، ولهم دور فعال في هذه القضية، في حين أن الإعلام الإسرائيلي يسلط الضوء على الأطباء اليهود ومنظمة "ميرشام"، ولكن بالطبع هناك أطباء عرب يؤمنون بمبدأ ضرورة تقصير ساعات المناوبات، وهم يناضلون من أجل هذا الهدف.

"عرب 48": ما هي طبيعة تخصصك؟

د. نصار: أكمل مراحل التخصص في المركز الطبي "رمبام" بحيفا للسنة الثالثة على التوالي.

"عرب 48": هل إلى هذا الحد العمل شاق ومضن لدرجة أن يتخلى الطبيب عن مهنته ورسالته؟

د. نصار: هناك عدة جوانب للإجابة عن هذا السؤال.. أولا، العمل مرهق وشاق، ويؤثر على أداء الطبيب، والعمل بهذه الوتيرة هو الوضع الاعتيادي في كل مناوبة وليس مرة في الشهر أو مرة كل عدة أسابيع، وإنما هو الوضع الطبيعي الذي يتكرر بين 6 - 8 مرات في الشهر، لذلك فهو مرهق ومتعب جدا ويؤثر على صحتنا وحتى أنه غير إنساني. من جانب آخر يؤثر على علاج المرضى وعلى أداء الطبيب وعدم قدرة الطبيب في التركيز والتفكير السليم وإعطاء المريض حقه في الحصول على أفضل خدمة. والأمر الثالث أن ذلك يمس بقدرة الطبيب على التعامل مع المريض والشعور معه واحتوائه كما ينبغي، وبالتالي فالأمر لا يتعلق بنا فقط كأطباء وإنما ينعكس سلبا على متلقي الخدمات الطبية أيضا.

"عرب 48": كم من الوقت تعمل في هذه الظروف الصعبة والشاقة، كما تصفها؟

د. نصار: هذه هي السنة الرابعة التي أعمل فيها بهذه الوتيرة، لو أضفنا سنة التطبيق لثلاث سنوات من التخصص.

"عرب 48": هل واجهتك مشكلة معينة أو خطأ ما ناجم عن ساعات العمل الطويلة؟

د. نصار: أنا شخصيا لا أذكر خطأ أو مشكلة حدثت معي، لكنني في بعض الأحيان كنت أصل بأعجوبة إلى البيت حين كان يغلبني النعاس وأنا أقود السيارة، وهناك أطباء زملاء لي تعرضوا لحوادث سير خطيرة بسبب التعب الناجم عن العمل المتواصل، ولا ننسى حادثة وفاة طبيب عربي متخصص في مستشفى "روتشيلد" بحيفا، قبل أشهر قليلة، ربما نتيجة للإجهاد والتعب.

"عرب 48: هل تعتقد بأن هذه الخطوة ستأتي بالنتيجة المرجوة وتحقيق مطلبكم؟

د. نصار: كلي أمل بأن تكون هذه الخطوة مؤثرة، فالاستقالة كانت بالنسبة لنا الخيار والملاذ الأخير للخروج من أزمتنا المتواصلة، فنحن لا نرغب في خسارة عملنا ورسالتنا وحلمنا، ولكن هذا النضال لا يختلف عن سائر النضالات القاسية في العالم التي يدفع فيها صاحب الحق ثمنا باهظا ويمارس كل الضغوط الممكنة لقاء تحقيق غايته.

"عرب 48": الاستقالة جدية وحقيقية وقد تتوجه للبحث عن عمل في مكان آخر، أم أنها مجرد خطوة احتجاجية ووسيلة ضغط؟

د. نصار: الاستقالات قدمت لإدارة المستشفى، وتدخل حيز التنفيذ بعد شهر منذ الآن، وقد نجد أنفسنا بعد شهر بدون عمل، فالقرار ليس في يدنا اليوم، لأننا قدمنا استقالات فعلية وليس مجرد تلويح بالاستقالة.

"عرب 48": هل هناك تحركات من قبل وزارتي الصحة والمالية الإسرائيليتين توحي بأن الأزمة في الطريق للحل؟

د. نصار: لغاية الآن لا نرى تحركا جديا يوحي بأننا في الطريق لإيجاد حل، لأنه بطبيعة الحال هناك حكومة انتقالية، وإدارات المستشفيات تتصرف بشكل تعسفي، بمعنى أنها لا تكترث باستقالاتنا وتدّعي بأنها ستستقدم أطباء بدلاء في مراحل التخصص. وأعتقد أن الاستقالات المستقبلية سيكون لها الأثر وستتم ممارسة الضغط الكافي الذي يحتم توفير الحلول والخروج من الأزمة.

التعليقات