نشرت مجلة "كونفيرزيشن" تقريرًا، حول أكثر الإستراتيجيّات فعاليّة للتركيز، للمصابين باضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه، خاصّة وأنّ ما يزيد تشخيص هذه الحالة تعقيدًا، أو تشخيصها على نحو خاطئ في كثير من الأحيان، أنّه غالبًا ما يترافق مع حالات صحيّة أخرى، كالقلق مثلًا. ويعدّ هذا الاضطراب، بالنسبة لملايين البالغين في جميع أنحاء العالم، اضطرابًا مستمرًّا يبدأ في مرحلة الطفولة.
ويعاني بعض الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب من تدني احترام الذات أو يشعرون بأن عليهم العمل دون توقف ليقنعوا الآخرين بما يفعلون بسبب التدفق المستمر للتعليقات السلبية التي يتلقَّونها حول إنتاجيتهم ومهاراتهم التنظيمية وإدارة الوقت. ولكن بدلاً من أن يكون هذا الأمر عيباً شخصياً جوهرياً، تنظر إليه دراسات علميّة على أنّه حالة قابلة للعلاج، إذ تظهر الأبحاث أن الاستراتيجيات السلوكية، جنباً إلى جنب مع الأدوية عند الضرورة، يمكن أن تساعد الناس على تحسين تركيز هؤلاء الناس وتحسين مستوى أداء مهامهم اليومية.
وتقود أستاذة المساعدة الإكلينيكيّة في جامعة كولورادو أنشوتز، مجموعة علاج للبالغين تركز على مهارات إدارة اضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه. وقد نجحت من خلال هذا العمل في جمع العديد من الاستراتيجيات لمساعدة أي شخص لديه مشكلة في شحذ انتباهه، سواء كان مصاباً بالاضطراب أو لا.
تحديد الأولويات
يمكن استخدام النُّسُق التنظيمية البسيطة في توجيه التركيز وتحسينه من خلال توفير طريقة لتتبع الأنشطة المهمة، وعادة ما تتركز النُّسُق التنظيمية على أداة واحدة، مثل الكمبيوتر المحمول أو تطبيقات الهاتف المحمول، على افتراض أن الهاتف لا يشتت الانتباه كثيراً. أيضاً، يمكنك وعبر إيجاد روتين يومي جديد أن تساعد نفسك على التركيز والتحكم بيومك عبر اشتمال هذا الروتين على جدول يومي وقائمة مهامٍ قابلة للتعديل ومذكرة تُعينك على تذكر المواعيد الأساسية.
وتنصح الباحثة بإجراء بقائمة المهام، وتذكّر تقسيم المهام إلى مهام أصغرٍ يمكن إدارتها ثم ترتيبها حسب الأولوية. قد تكون معرفة ما يجب تحديد أولوياته أمراً صعباً، ولكن أحد الأساليب المفيدة هي مصفوفة أيزنهاور، التي تقسم المهام إلى أربعة أجزاء: عاجلة ومهمة، مثل مشروع عمل يجب تسليمه بالغد، وعاجلة وغير مهمة، مثل الطلب الذي يمكن لشخص آخر تلبيته، وغير عاجلة ومهمة، مثل المشاريع طويلة الأجل، وغير عاجلة وغير مهمة، وهذا يعني أمراً لا يلزم القيام به.
لدى الكثير من المصابين باضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه الدافع للوفاء أولاً بالمهام العاجلة وغير المهمة، كالاستجابة لطلبات الآخرين، لأن شعور شخص آخر بالإلحاح يبدو لهم أكثر أهمية من احتياجاتهم الخاصة. كما يمكن أن يؤدي القيام بمهمةٍ لشخص آخر إلى ردود فعل إيجابية سريعة ويوفر استراحة محاربٍ مما قد يكون مهمة مرهقة. تعطي مصفوفة أيزنهاور الأولوية لما هو أكثر أهمية بدلاً من الأكثر إرضاءً على الفور.
الحد من مصادر التشتيت
يمكن تطبيق إستراتيجيات مختلفة ومتنوعة للمُساعدة على توجيه التركيز، حيث يُعد من المهم خلق بيئة مواتية للإنتاجية بالحد الأدنى من المشتتات والمغريات. مثلاً، يمكنك استخدام تطبيقات حظر وسائل التواصل الاجتماعي في أثناء العمل، ومن الأفضل وضع الهاتف وجهاز الكمبيوتر على وضع الطيران. يمكنك التحكم بالعناصر البيئية المؤثرة عبر إعداد قائمة «تذكيرات بيئية»، مثل المُنبَّهات والتذكيرات المرئية، لمراقبة الوقت والتأكد من الالتزام بالأولويّات.
لا يؤدي للعمل على المهام قبل تسليمها تماماً إلى تنامي الضغط النفسي فحسب، بل له أيضاً تأثير هدَّام على الأولويات الأخرى وضروريات الحياة الأساسية، مثل الأكل والنوم. ويمكن علاج هذا الأمر من توظيف تقنية «تأخير تشتيت الانتباه»، والتي تعد مُهمة في إنجاز المهام التي تحاول تجنبها. وتتمثل الخطوة الأولى في تحديد فترة زمنية يمكنك التركيز فيها على تلك المهمة على سبيل المثال، لمدة 25 دقيقة، ثم خذ استراحة لمدة خمس دقائق قبل تكرار الدورة. قم بتعيين مؤقت/منبِه واجعل دفتر ملاحظاتك في مكان قريب منك. سُتلاحظ وعند بداية عملك على هذه المهمة الصعبة نزوع عقلك للتفكير في أمور أخرى قد تبدو عاجلة، ولكن وبدلاً من العمل عليها، دوِّنها في دفتر ملاحظاتك، وذكر نفسك أنه يمكنك القيام بها لاحقاً وعُد إلى مهمَّتك. في نهاية دورة التركيز، انظر إلى ما دونته وحدد ما إذا كانت أي من هذه المهام تتطلب فعلاً إجراءً فورياً، وإن صح الأمر، يمكنك القيام بها في فترات الاستراحة أو إضافتها إلى قائمة مهامك.
شبكات الدعم
يعد وجود شبكات الدعم أمراً بالغ الأهمية للتركيز على العمل، سواء لتحمل نفسك المسؤولية أو لتحمل نفسك على المواصلة. ويمكن أن تتضمن شبكة دعمك على الأصدقاء أو على أفراد من العائلة، أو المعالج، أو العلاج الجماعي، أو منتديات الإنترنت التي تشارك فيها لتلقي التعليقات والمراجعات.
كما أن واحدة من أهم إستراتيجيات الدعم الفعالة تتمثل في تقنية «اثنين في واحد»، والتي تعني العمل حضورياً أو افتراضياً جنباً إلى جنب مع شخص معروف مسبقًا ولديه أيضاً أمور ليعمل عليها، بحيث يخلق هذا يخلق مساءلة متبادلة ويُساعد على التركيز.
الحاجة للنوم
غالباً ما يواجه الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه صعوبة في الخلودِ إلى فراشهم في وقت محدد من اليوم، وهم يجعل نومهم مهمة صعبة، وتشير مجموعة كبيرة من الأدلة إلى أن النوم غير المنتظم يمكن أن يديم دورة قصور الانتباه.
ويعد الالتزام بجدول مواعيد النوم والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم جزءاً من الإستراتيجيات الفعّالة للنوم الصحي، كما أن تجنب التبغ والكافيين والوجبات الكبيرة والكحول قبل ساعتين من النوم يزيد من جودته، كما يضمن الروتين الاسترخاء قبل النوم. جميع البشر يستغرقون وقتاً قبل نومهم، وهذا أمر طبيعي، ولكن في حال عدم القدرة على النوم بعد 45 دقيقة، فالأفضل هو النهوض والقيام بنشاط مريح حتّى الشعور بالنعاس مرّة أخرى، وعدم مراقبة الساعة.
التعليقات