27/06/2023 - 08:30

كيف تساعد طفلك على تطوير حدود صحية في العلاقات؟

فكرة تعليم الطفل أن هناك حدودًا نفسية وعاطفية لنفسه يجب اتباعها، حيث ينمي ذلك لدى الطفل الشعور بالمسؤولية تجاه مشاعره وأفعاله، فمثلًا يجب تعليم الطفل ضرورة عدم إقحام نفسه في مشاكل لا تخصه

كيف تساعد طفلك على تطوير حدود صحية في العلاقات؟

(توضيحية)

اتجاهات التربية الإيجابية للطفل كثيرة ومتنوعة، تهدف جميعها إلى خلق أطفال أصحاء عقليًا وجسديًا ونفسيًا واجتماعيًا لتكون لديهم ثقة في النفس وعلى علم بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات مما ينمي لديهم الشعور بالمسؤولية تجاه أنفسهم وأسرتهم.

يبدأ تعليم الطفل حول كيفية وضع الحدود الصحية في العلاقات من قبل الأسرة نفسها، فالآباء هم المُعلّم الأول والأساسي للأطفال ثم يأتي دور المُعلّم في المدرسة، فينعكس كل هذا على سلوك الطفل من خلال تعليمه ما هو السلوك المناسب والغير مناسب في المواقف المختلفة التي يبدأ من خلالها الطفل بوضع حدود لها.

أنواع الحدود التي يجب تعليمها للطفل

يتعلّم الطفل أن هناك حدودًا يجب وضعها لنفسه لحمايته من أي أذى نفسي أو مادي قد يلحق به من أصدقائه في المدرسة أو النادي أو من أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، وتتمثل أنواع الحدود في ما يلي:

  1. الحدود المبنية على المبادئ والقيم

يتعلّم الطفل معنى الحدود وأهميتها من خلال تعليمه أن هناك عددًا من المبادئ والقيم التي يجب اتباعها مثل ضرورة احترام الآخر، عدم التنمر وتقبل الاختلاف وغيرها.

  1. الحدود المادية

الحدود المادية

لا يُقصد بالحدود المادية هنا الماليات، ولكن يُقصد بها الحدود الملموسة للطفل مثل الاتصال الجسدي واحترام المساحة الشخصية للطفل التي تجعله يشعر بالراحة والأمان، فمثلًا إذا كان الطفل لا يحب احتضان أحد الأقارب أو أصدقاء العائلة فيجب احترام هذا وعدم إجبار الطفل عليه، فعند إجبار الطفل على القيام بأي فعل مرتبط بمشاعره يتحول إلى شعور الطفل بالشك والارتباك والضغط وعدم احترام مشاعره والتقليل من رغباته النفسية.

  1. الحدود النفسية

الحدود النفسية 

فكرة تعليم الطفل أن هناك حدودًا نفسية وعاطفية لنفسه يجب اتباعها، حيث ينمي ذلك لدى الطفل الشعور بالمسؤولية تجاه مشاعره وأفعاله، فمثلًا يجب تعليم الطفل ضرورة عدم إقحام نفسه في مشاكل لا تخصه وألا يحمل أي مشاعر سلبية من خلال عدم إعطاء أهمية كبيرة للمواقف التي لا نتحكم بها والخارجة عن إرادتنا، يجب على الآباء تعليم الطفل كيفية احترام الآخرين ولكن عدم السماح لأحد بتجاوز حدوده العاطفية فلا يسمح لشخص بالإهانة أو التقليل من ذاته.

مميزات تعليم الطفل وضع حدود صحية في العلاقات

يكتسب الأطفال الكثير من المميزات عند تعليمهم كيفية وضع حدود صحية في العلاقات كما ذكرنا سلفًا، وتتمثل هذه المميزات في الآتي:

  • شعور الطفل بالأمان والسلامة دائمًا لقدرته على وضع حدود يُدرك أن جميع أفراد الأسرة يحترمونها ولا يجبرونه على كسر هذه القواعد لأي أسباب.
  • تنمي لدى الطفل الشعور بالمسؤولية، فهو مسؤول عن سلوكه وأفعاله وعواقبها نتيجة الحدود التي جرى وضعها له من قبل الأسرة والتي لا ينبغي كسرها.
  • النضج والثقة بالنفس، يشعر الأطفال الذين تسمح لهم أسرهم بوضع قواعد وحدود في حياتهم بمزيد من الثقة بالنفس والنضج نظرًا لقدرتهم على قول نعم أو لا بشجاعة وقوة.
  • تساعد الطفل على احترام حدود الآخرين ومراعاة مشاعرهم من خلال فهمه لمعنى الحدود والقواعد وأهميتها في حياة كل فرد.
  • زيادة مشاعر الحب والتفاهم بين الأطفال والآباء، يتحقق هذا من طرف الآباء وذلك من خلال حرصهم على وضع القواعد والحدود المسموحة للطفل ولكن بمحبة ورحمة حتى لا تتحول إلى ديكتاتورية وتسلط على الطفل.
  • يشعر الطفل الذي يتعلم وضع حدود لعلاقاته مع زملائه وأهله بمتعة كبيرة فهو يرى أن الحياة لها قواعد وحدود ولها بنية صحية توفر له بيئة مُريحة مما يدفعه للانطلاق بدون خوف واكتشاف المجتمع من حوله.

دور المدرسة في تعليم الطفل كيفية وضع حدود صحية في العلاقات

يقع على المدرسة جزء كبير أيضًا في تعليم الطفل كيفية وضع حدود صحية في العلاقات نظرًا لأنها المجتمع الذي يقضي به الطفل معظم الوقت ويختلط مع زملائه، ما يساعده على تكوين جزء كبير من شخصيته ويتحكم في سلوكه وانفعالاته، لذلك يستطيع المُعلّم مساعدة الطفل على تطوير حدود صحية في العلاقات من خلال:

  • تعليم الأطفال في الفصل ما هي الحدود في العلاقات ومنح الفرصة لكل طفل أن يُعبّر عن وجهة نظره.
  • تعريف الأطفال بحدود المعلّم وتعليمهم بعدم تخطيها، فالمعلم قدوة لتلاميذه في هذا السن الصغير.
  • مساعدتهم على معرفة كيفية حل المشاكل بأنفسهم وهذا لا يعني عدم اللجوء للمعلم، ولكن عليهم معرفة أن اللجوء إليه يكون الحل البديل، فذلك سينمي لديهم الشعور بالمسؤولية فلا يوجد حدود لتحمل المسؤولية.
  • السماح بالمشاعر وليس السلوك السلبي، فمثلًا عندما يشعر الطفل بالغضب من صديقه في المدرسة فقد يلجأ إلى اتباع سلوك خاطئ مثل الضرب أو تكسير الألعاب وغيرها، هنا يأتي دور المُعلًم في تعليم الطفل كيفية وضع حدود في علاقاته مع أصدقائه ووجوب الالتزام بها، ولكن يجب أن يكون التعليم بشكل ناضج مثل قول بعض الجمل مثل "لا بأس من الغضب أو الحزن ولكن ليس مقبولا أن تضرب صديقك" وهكذا.
  • منح كل طفل الاهتمام الكامل والإنصات الجيد، فشعور الطفل بأن هناك من يستمع إليه ويساعده في حل مشكلاته التي لم يستطع حلها بنفسه يمنح الطفل شعورًا بأن له ظهر يمكنه اللجوء إليه عند الحاجة.

أشياء يجب تجنبها أثناء تعليم الأطفال كيفية وضع حدود صحية في العلاقات

تعليم الطفل كيفية وضع حدود أمرٌ هام يجب التعامل معه بحذر شديد، فبطريقة تعاملك مع الطفل تستطيع أن تنشئ طفلًا يعرف معنى الحدود في علاقاته جيدًا ويحترمها ويستطيع الدفاع عن حدوده، أو تربية طفل غير قادر على حماية حدوده المادية والمعنوية وبالتالي فهو لا يحترم حدود الآخرين، لذلك هناك عدة أمور يجب تجنبها أثناء تعليمك لطفلك كيفية وضع حدود صحية في العلاقات:

  • تجنب فكرة التقليل من آراء الطفل حول أي موضوع يتم مناقشته أو أي معلومة يقوم الطفل بمشاركتها مع الأسرة، فإن احترام آراء الطفل حتى ولو كانت لا تتوافق مع رأيك، إلا إذا كان أمرًا أخلاقيًا، هي أولى خطوات النجاح في تعليم الطفل كيفية وضع حدود صحية في العلاقات.
  • عدم إجبار الطفل على تقبل أي نوع من المشاعر أو التقارب الغير مرغوب فيه، علمًا أن قول كلمة "لا" تُحترم وأن رغبته مسموعة وأن حدوده ومشاعره لا يمكن اختراقها، فإذا كان لا يحب الجلوس مع أحد من أفراد العائلة ولا يحب أن يقوم شخص بحمله أو تقبيله فعليك احترام رغبته.
  • عدم الاستمرار في القيام بفعل معين، فإذا طلب الطفل التوقف عن هذا، فمثلًا إذا كنتم تلعبون وتمرحون وطلب الطفل التوقف عن ذلك فيجب التوقف على الفور.
  • لا تُنكر مشاعر الطفل أو تُقلل منها، فإذا قال الطفل أنه خائف أو يشعر بالتعب فلا تقل له لا أنت لست خائفًا أو أنت لست مريضًا.
  • عدم التقليل من مشاعر الطفل، فمثلًا إذا كان الطفل يشاهد فيلم كرتوني وبكى على إصابة الشخصية الكرتونية المفضلة له يجب التعاطف مع الطفل وتقدير مشاعره، يمكنك تعديل السلوك مثل مناقشته في أن هذا ليس حقيقيًا أو أنه مجرد فيلم كرتوني ولكن لا تسعى إلى تغيير المشاعر، فقط دع طفلك يشعر كما يشعر ويُعبر بحرية عن مشاعره.

تعليم الطفل كيفية وضع حدود صحية في العلاقات تخلق أشخاص أسوياء في المجتمع لهم قدرة أكبر على النجاح في المجتمع وتكوين علاقات اجتماعية وأسرية مثالية لقدرتهم على معرفة حدود علاقاتهم وحدود الغير واحترامها، وهذا يعني بالطبع إفهامهم أنه كما نحترم قراراتهم ومشاعرهم، فعليهم احترام قراراتنا وحدودنا في ذات الوقت.

التعليقات