لا يزال السرطان يمثل مصدر قلق كبير للصحة العامة في جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع معدل انتشاره بشكل مطرد، ومن بين العوامل العديدة التي تساهم في تطور السرطان، تلعب التغذية دورًا مهمًا، حيث شهد العصر الحالي تغيرات كبيرة في الأنماط الغذائية، مع زيادة استهلاك الأطعمة المصنعة، والسكريات المكررة، والدهون غير الصحية، وانخفاض تناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، وقد أصبح تأثير التغذية على انتشار السرطان واضحًا بشكل متزايد.
وأظهرت الدراسات باستمرار أن الخيارات الغذائية السيئة وعادات الأكل غير الصحية ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطانن ويقدر الصندوق العالمي لأبحاث السرطان أن ما يقرب من 20٪ من جميع أنواع السرطان في جميع أنحاء العالم مرتبطة بأنظمة غذائية غير صحية، كما قدرت دراسة نُشرت في المجلة الدولية للسرطان أن حوالي 30-35٪ من حالات السرطان في البلدان المتقدمة تُعزى إلى عوامل غذائية.
ويعتبر سرطان القولون والمستقيم من أكثر أنواع السرطان دراسة على نطاق واسع فيما يتعلق بالتغذية، حيث أظهرت مراجعة منهجية نُشرت في المجلة البريطانية للسرطان أن الأنظمة الغذائية الغنية باللحوم الحمراء والمعالجة وقليلة الألياف والافتقار إلى الفواكه والخضروات ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وبالمثل، تم ربط الاستهلاك المفرط للمشروبات السكرية والأطعمة المصنعة الغنية بالدهون غير الصحية بزيادة خطر الإصابة بسرطانات مرتبطة بالسمنة مثل سرطان الثدي والمبيض والبنكرياس وسرطان البروستاتا.
وتم تحديد الخيارات الغذائية السيئة التي تؤدي إلى السمنة كعامل خطر كبير لأنواع مختلفة من السرطان، ووفقًا لجمعية السرطان الأمريكية، يرتبط وزن الجسم الزائد بزيادة خطر الإصابة بـ 13 نوعًا على الأقل من السرطان، بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم والثدي (في النساء بعد سن اليأس) وسرطان بطانة الرحم والكلى والبنكرياس والكبد، وقدرت دراسة العبء العالمي للأمراض أن حوالي 4٪ من جميع حالات السرطان في جميع أنحاء العالم ناتجة عن زيادة وزن الجسم.
وعلى عكس التأثير السلبي لسوء التغذية، فقد ارتبط اتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون بتقليل خطر الإصابة بالسرطان، على سبيل المثال، وجدت دراسة نُشرت في مجلة المعهد الوطني للسرطان أن اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة، وبالمثل، أشارت الدراسة الأوروبية المستقبلية في السرطان والتغذية (EPIC) إلى أن الالتزام بنظام غذائي على طراز البحر الأبيض المتوسط يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
وخلصت الدراسات إلى أنّ الأنماط الغذائية غير الصحية ووزن الجسم الزائد تساهم بشكل كبير في الإصابة بأنواع عديدة من السرطان. ومع ذلك، فإن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، إلى جانب الحفاظ على وزن صحي، يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان.
التعليقات