11/09/2023 - 19:09

بين تطوّر السرطان وشركات الأدوية: عدوّ الإنسان الأوّل

السرطان ليس ظاهرة حديثة؛ حيث تمّ العثور على دليل على وجود السرطان في النصوص المصريّة واليونانيّة القديمة، ممّا يشير إلى وجوده منذ آلاف السنين، وفي هذه الأوقات المبكّرة، كان ينظر إلى السرطان في كثير من الأحيان على أنّه قوّة غامضة

بين تطوّر السرطان وشركات الأدوية: عدوّ الإنسان الأوّل

(Getty)

لعدّة قرون سابقة، كان السرطان عدوًّا للإنسان، حتّى قبل تشخيصه، إذ يتطوّر باستمرار من حيث تعقيده وفعاليّته، ومع تعمّق فهمنا لهذا المرض، يتزايد أيضًا التقدير للدور الّذي لعبته الأبحاث والدراسات في علاج هذا المرض، حيث قطع هذا المرض شوطًا طويلًا من كونه مرضًا غامضًا وغير قابل للشفاء، إلّا أنّ الدراسات والأبحاث، لعبت دورًا محوريًّا في تطوير العلاجات التي أنقذت أرواحًا لا حصر لها، ومع ذلك، فإنّ تكلفة هذه العلاجات وقضايا إمكانيّة الوصول إليها، تظلّ تحدّيات مهمّة يجب معالجتها.

والسرطان ليس ظاهرة حديثة؛ حيث تمّ العثور على دليل على وجود السرطان في النصوص المصريّة واليونانيّة القديمة، ممّا يشير إلى وجوده منذ آلاف السنين، وفي هذه الأوقات المبكّرة، كان ينظر إلى السرطان في كثير من الأحيان على أنّه قوّة غامضة ومميتة، مع القليل من الفهم لأصوله أو آليّاته، وقد جرت محاولات للتدخّلات الجراحيّة البدائيّة، لكنّها كانت في كثير من الأحيان غير فعّالة ومؤلمة.

وشهد القرنان التاسع عشر والعشرين تطوّرات كبيرة في العلوم الطبّيّة، حيث أحدث اكتشاف الأشعّة السينيّة في عام 1895 ثورة في تشخيص وعلاج السرطان، ممّا مكّن الأطبّاء من رؤية الأورام وتقييم مدى انتشارها، وفي الوقت نفسه، أدّى ظهور التخدير والتقنيّات الجراحيّة المعقّمة إلى جعل جراحات السرطان أقلّ إيلامًا وأكثر نجاحًا، كما شهد منتصف القرن العشرين تطوّرات رائدة في علاج السرطان، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًّا إلى مساهمات شركات الأدوية، حيث كان أحد أهمّ الإنجازات هو اكتشاف عوامل العلاج الكيميائيّ مثل الميثوتريكسيت و5 فلورويوراسيل، وكانت هذه الأدوية، الّتي غالبًا ما يتمّ تصنيعها وتسويقها من قبل شركات الأدوية، بمثابة نقطة تحوّل في علاج السرطان من خلال استهداف الخلايا السرطانيّة سريعة الانقسام.

وفي أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين، تحوّل التركيز من العلاج الكيميائيّ واسع النطاق إلى علاجات أكثر دقّة وأقلّ سمّيّة، حيث قادت شركات الأدوية جهود تطوير علاجات مستهدفة، والّتي ركّزت على جزيئات محدّدة مهمّة لنموّ السرطان وتطوّره، وخير مثال على ذلك هو إيماتينيب (جليفيك)، الّذي أحدث ثورة في علاج سرطان الدم النخاعيّ المزمن (CML) عن طريق تثبيط نشاط البروتين الاندماجيّ BCR-ABL.

وربّما كان أحد أكثر التطوّرات إثارة في السنوات الأخيرة هو ظهور العلاج المناعيّ، حيث استثمرت شركات الأدوية بكثافة في البحث وتطوير مثبّطات نقاط التفتيش المناعيّة مثل بيمبروليزوماب (كيترودا) ونيفولوماب (أوبديفو)، وتستغلّ هذه الأدوية قوّة الجهاز المناعيّ لاستهداف الخلايا السرطانيّة والقضاء عليها، وغالبًا ما يكون لها آثار جانبيّة أقلّ من العلاجات التقليديّة، حيث تمّ توثيق فعاليّة العلاج المناعيّ في العديد من أنواع السرطان بشكل جيّد، حيث أظهرت بعض الدراسات معدّلات بقاء ملحوظة على المدى الطويل.

ورغم أنّ شركات الأدوية لعبت بلا شكّ دورًا حاسمًا في تقدّم علاج السرطان، فإنّ مساهماتها لم تكن خالية من الجدل، إذ يعدّ ارتفاع تكلفة أدوية السرطان قضيّة مثيرة للجدل، حيث تصل بعض الأدوية إلى أسعار فلكيّة، وقد أثار هذا مخاوف بشأن إمكانيّة الوصول إلى هذه العلاجات المنقذة للحياة، وخاصّة بالنسبة لأولئك الّذين ليس لديهم تأمين كاف أو موارد ماليّة، وتزعم شركات الأدوية أنّ التكاليف المرتفعة ضروريّة لتعويض نفقات البحث والتطوير، لكنّ هذا الجدل لا يزال محتدمًا.

التعليقات