30/05/2023 - 16:36

حلم الصين في غزو الفضاء: واقع يصبح أقرب يومًا بعد يوم

استبعدت الصين عمدًا من محطّة الفضاء الدوليّة الّتي تضمّ أميركيّين وروسًا وأوروبّيّين ويابانيّين وكنديّين. ومذاك، تحاول بكّين بناء محطّتها الخاصّة.

حلم الصين في غزو الفضاء: واقع يصبح أقرب يومًا بعد يوم

(Getty)

أعلنت الصين عن استثمارها مليارات الدولارات لمواكبة التطوّرات في مجال الفضاء، سواء من خلال استكشافات وأبحاث، أو عمليّات إطلاق أقمار اصطناعيّة، في الوقت الّذي تتزايد فيه المشاريع المرتبطة بما يسمّى في الصين "الحلم الفضائيّ".

وتعود أولى المهمّات الفضائيّة الصينيّة إلى فترة حكم ماو تسي تونغ قبل أكثر من 60 عامًا، فيما تستمرّ راهنًا مع انطلاق الثلاثاء مهمّة شنجو-16 الّتي تضمّ ثلاثة روّاد فضاء بينهم أوّل شخص مدنيّ ترسله بكين في تاريخها.

وفي العام 1957، وضع الاتّحاد السوفياتيّ أوّل مركبة فضائيّة من صنع البشر وتحمّل تسمية "سبوتنيك" في المدار حول الأرض. ثمّ أكّد مؤسّس جمهوريّة الصين الشعبيّة ماو تسي تونغ لمواطنيه "نحن أيضًا سنصنع أقمارًا اصطناعيّة!".

وتحقّقت المرحلة الأولى من هذا الهدف في العام 1970، حين أطلقت بكّين أوّل قمر اصطناعيّ لها سمّته "دونغ فانغ هونغ 1" (أي "الشرق الأحمر"-1)، وهو اسم أغنية تنطوي كلماتها على مدح ماو وبثّت في الفضاء.

لكنّ الدولة الآسيويّة لم ترسل أوّل صينيّ هو يانغ ليوي إلى الفضاء إلّا عام 2003. وأنجز رائد الفضاء هذا 14 دورة حول الأرض في 21 ساعة.

ومع هذه المهمّة الفضائيّة، باتت الصين الدولة الثالثة بعد الاتّحاد السوفياتيّ والولايات المتّحدة ترسل إنسانًا إلى الفضاء بوسائلها الخاصّة.

استبعدت الصين عمدًا من محطّة الفضاء الدوليّة الّتي تضمّ أميركيّين وروسًا وأوروبّيّين ويابانيّين وكنديّين. ومذاك، تحاول بكّين بناء محطّتها الخاصّة.

ولتحقيق هذا الهدف، أطلقت في مرحلة أولى نموذجًا فضائيًّا صغيرًا هو "تيانغونغ 1" وضعته في المدار عام 2011. واستخدم لتدريب روّاد فضاء وإجراء تجارب طبّيّة.

وتوقّف "تيانغونغ 1" عن العمل في العام 2016. واعتبر هذا "المختبر" مرحلة أوّليّة لبناء محطّة فضائيّة فعليّة.

في العام 2016، أطلقت بكّين النموذج الفضائيّ الثاني "تيانغونغ 2" الّذي استخدمه روّاد الفضاء لتنفيذ تقنيّة رسو المركبات الفضائيّة والتحامها.

في العام 2013، انزلت الصين على سطح القمر الروبوت الصغير "جايد رابت" الّذي يتمّ التحكّم فيه من بعد وكان مسؤولًا تحديدًا عن التقاط صور. وبينما تعطّل في البداية، أعيد تنشيطه وانجزّ مهامًّا على سطح القمر مدى 31 شهرًا.

وتعتزم الصين إرسال روّاد فضاء إلى القمر بحلول عام 2030 وبناء قاعدة عليه، وهو ما أعادت تأكيده الوكالة الصينيّة للمهمّات الفضائيّة المأهولة هذا الأسبوع.

شهد البرنامج الفضائيّ الصينيّ انتكاسة في صيف 2017 مع فشل إطلاق صاروخ "لونغ مارتش 5" الّذي ينطوي على أهمّيّة كبيرة لأنّه يمكن أن يحمل معدّات ثقيلة ضروريّة لمهمّات فضائيّة معيّنة.

وتسبّبت هذه النكسة بتأجيل مهمّة "شاينج-5"، الّتي أطلقت أخيرًا في العام 2020، ونتج منها إحضار عيّنات من القمر إلى الأرض، في عمليّة غير مسبوقة منذ أكثر من 40 عامًا.

وحقّقت الصين إنجازًا آخر في كانون الثاني/يناير 2019 مع سابقة عالميّة تتمثّل بإنزال روبوت يتمّ التحكّم فيه من بعد ("جايد رابت 2") على الجانب المظلم من القمر.

وأطلقت بكّين في العام 2020 قمرًا اصطناعيًّا يرمي إلى وضع اللمسات الأخيرة على نظام الملاحة بيدو (المنافس لنظام تحديد المواقع الأميركيّ).

في تمّوز/يوليو 2020، أرسل مهندسون صينيّون مسبار "تيانوين 1" إلى المرّيخ حاملًا روبوتًا بعجلات ويتمّ التحكّم فيه من بعد يحمل تسمية "زورونغ"، هبط على سطح المرّيخ قبل بضعة أشهر ممّا كان مقرّرًا. وتطرّق علماء إلى إمكانيّة إرسال روّاد فضاء إلى المرّيخ، في مرحلة لاحقة. وفي العام 2022، أطلقت الصين بنجاح آخر جزء من محطّتها الفضائيّة تيانغونغ الّتي هي قيد الإنشاء.

ويفترض أن تسبح تيانغونغ في الفضاء على مدار أرضيّ متدنّي العلوّ على ارتفاع 400 إلى 450 كيلومترًا، لعشر سنوات أقلّه، للسماح للصين بالمحافظة على وجود بشريّ على المدى الطويل في الفضاء. وسترسل طواقم بشكل دائم لضمان استمرار الوجود البشريّ في هذا المختبر المداريّ، وستجري تجارب علميّة وتختبر ابتكارات تكنولوجيّة جديدة.

وهذه المحطّة الصينيّة مجهّزة بمعدّات علميّة متطوّرة، ولا سيّما "أوّل نظام ساعة ذرّيّة باردة" مخصّصة للفضاء، على ما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسميّة. ولا تنوي بكّين استخدام المحطّة لأغراض التعاون مع دول أخرى كما هي الحال مع محطّة الفضاء الدوليّة، لكنّها تؤكّد أنّها منفتحة على تعاون لم تحدّد مداه. ومن المقرّر إطلاق المهمّة التالية إلى "تيانغونغ" في تشرين الأول/أكتوبر.

التعليقات