الشبكة العميقة: 80% من محتوى الإنترنت محجوب عنك

يخيل للمرء أن بإمكانه الوصول إلى كل شيء على شبكة الإنترنت من خلال الضغط على محرك البحث، إلا أنه في الحقيقة لا يصل إلا للقليل الذي لا يتعدى الـ16% من المحتوى على الشبكة العنكبوتية.

الشبكة العميقة: 80% من محتوى الإنترنت محجوب عنك

يخيل للمرء أن بإمكانه الوصول إلى كل شيء على شبكة الإنترنت من خلال الضغط على محرك البحث، إلا أنه في الحقيقة لا يصل إلا للقليل الذي لا يتعدى الـ16% من المحتوى على الشبكة العنكبوتية، فالأمر له وجه آخر يتعلق بالشبكة العميقة المكونة من طبقات، لا يظهر أغلبها على محرك البحث التقليدي، والذي يقدر بأكثر من 80% من محتوى الإنترنت، ويُعرف بـ"الإنترنت الأسود".

يملك محرك البحث التقليدي القدرة على الوصول إلى الطبقات العليا في الشبكة العنكبوتية فقط، وهي التي تظهر للمستخدم، وذلك لمحدودية قدرته، والتي لا تمكنه من الوصول إلى الطبقات الأعمق، والتي تعرف هذه المساحة الكبيرة من الشبكة باسم شبكة الإنترنت العميقة، "deep web"، ويصف المختصون بالشبكة المعلوماتية ما تقوم به محركات البحث التقليدية في الوصول إلى المعلومات بالاصطياد في البحر عبر الشباك، حيث تقع الكثير من المعلومات في الشباك كما يظن الكثير، لكن ثمة عالم كامل معقد وفسيح في أعماق هذا البحر المعلوماتي المسمى بشبكة الإنترنت.

تنقسم شبكة الإنترنت إلى طبقات متباينة من حيث إمكانية الوصول إليها، فهناك الطبقة السطح، وهي الطبقة المعروفة، والتي تستطيع محركات البحث التقليدية الوصول إليها، والطبقة الثانية وهي الطبقة البينية بين سطح الشبكة وعمقها، وهذه الطبقة غالبا لا تحتوي على ما يثير الارتياب، حيث يقتصر الأمر على أن الموقع في هذه الطبقة يستخدم الآي بي (IP) بدون اسم نطاق له، أما الطبقة الثالثة فهي طبقة الإنترنت الأكثر عمقا وإثارة للريبة، والتي تُعرف باسم "deep web" أو"Dark Web" أي شبكة الإنترنت المظلمة، وهي الأكثر غموضا وتحتوي الكثير الذي لا يعرفه المستخدم ولا يستطيع الوصول إليه.

ويشير خبير أمن المعلومات، المهندس محمد أبو العزم، إلى أن الإنترنت شبكة ضخمة تجمع بين عدد من ملايين الشبكات الصغيرة عن طريق الحواسيب الآلية، مما يتيح تبادل المعلومات وكافة أشكال البيانات عبر فضاء الإنترنت الجامع بينهما، وبنية الإنترنت التي توصل بين الشبكات الصغيرة، والتي تقوم على ما يعرف بالبروتوكولات التي تنظم كيفية عمل الشبكة، موضحا أن من أشهر البروتوكولات المستخدمة للدخول إلى شبكة الإنترنت العامة "طبقة السطح" هي "HTTP".

وفيما يخص شبكة الإنترنت العميقة، يقول أبو العزم: إنها "تتكون من مجموعة حواسيب آلية مرتبطة بالشبكة، لكنّها لا تستخدم البروتوكولات المعروفة، ما يُصعّب الوصول إليها، كما أنّها لا تستخدم امتدادات النطاقات المعهودة مثل "دوت كوم" أو ".net"، فشبكة الإنترنت العميقة تستخدم نطاقات أخرى، منها على سبيل المثال ".onion" و".bit"، وهي امتدادات نطاقات مغلقة، مما يجعل محركات البحث التقليدية غير قادرة على الوصول إليها وإظهار ما بها من معلومات وبيانات إلى المستخدم، مشيرا إلى أن عمق ومساحة تلك الطبقة، يعد بحسب التقديرات أكبر بنحو 550 مرة من شبكة الإنترنت التي نعرفها ونتعامل معها، حيث تؤكد الإحصائيات أن 16% فقط هي نسبة ما يمكن الوصول إليه من محتوى شبكة الإنترنت، كما أوضحت الدراسات أن أية عملية بحث لا تكشف سوى عن ما نسبته 0.03% فقط من المعلومات على شبكة الإنترنت، والباقي يقبع في الأعماق التي لا تستطيع محركات البحث بما فيها جوجل الوصول إلى بياناتها.

ويعتبر المتصفح "تور"(Tor)  هو الوحيد القادر على الوصول إلى هذا العالم المخفي من الإنترنت، حيث توجد عبره العديد من محركات البحث المتخصصة التي تساعد على التنقيب وصولا إلى أعماق الإنترنت ليظهر الجزء الخفي فيها، ومن بين هذه المحركات "Complete Planet" وهو دليل مجاني للروابط المؤدية إلى قواعد البيانات على الشبكة العميقة، وهناك أيضا "Science"، وهو محرك بحث علمي، كما أن هناك محركات بحث للمعلومات والبيانات الاقتصادية "Free Lunch"، أما المحركات العامة، والتي تعتبر بداية لخوض غمار التنقيب داخل الشبكة العميقة، فمن أهمها "Archive Internet".

كما يعد هذا المتصفح الذي لا يكشف عن هوية مستخدميه على الإنترنت مفيد لحالات أخرى غير الأنشطة اللا مشروعة، إذ يعمد إليه الصحافيون للبحث عن بعض القضايا الشائكة، كذلك يلجأ إليه صحافيو المناطق التي لا تتمتع بالحريات الكافية، وتفرض فيها رقابة مشددة على الإنترنت.

ومن أشهر المواقع التي كانت تعمل في الشبكة العميقة موقع "Silk Road"، الذي استطاع تحقيق أرباح تُقدر ببليون دولار، قبل أن تصل إليه السلطات الأميركية وتغلقه في عام 2013، وكان نشاطه يتعلق بتجارة المخدرات والسلاح.

وعن محتوى الطبقة العميقة من الإنترنت، يقول المهندس أحمد شلبي، المتخصص في شبكات الإنترنت: في الغالب يتم اللجوء إلى شبكة الإنترنت العميقة لتداول البيانات بعيدا عن الرقابة بكل مستوياتها، فمثلا تعمد وكالات الاستخبارات وأجهزة الأمن إلى وضع بيانات لها على شبكة الإنترنت العميقة تسهل لها التعاون والتشارك مع نظيراتها، كذلك تحتوي أعماق الإنترنت على كم مهول من المعلومات السرية التي يلجأ الذين نشروها إلى هذا العمق من الشبكة هربا من رقابة السلطات، لافتا إلى أن من بين من اعتمد على شبكة الإنترنت العميقة موقع "ويكيليكس"، الذي استطاع عبر تلك الشبكة اختراق أنظمة شبكية والاستيلاء على بيانات، ومن ثم تسريبها.

اقرأ/ي أيضًا | أجهزة "جوجل" الجديدة ترفع سقف التحدي مع "آبل" و"أمازون"

وتابع شلبي: تشهد شبكة الإنترنت العميقة رواجا كبيرا للأنشطة غير المشروعة التي استطاعت تحقيق أرباح كبيرة عبر هذه الشبكة، وتتعدد وتتنوع هذه الأنشطة بين الإتجار في البشر، والمخدرات، والسلاح، والأموال المزيفة، بالإضافة إلى استخراج الأوراق المزيفة المختلفة، من جنسيات، وجوازات سفر، وهويات مواطنة، والتقارير الأجنبية، هذا بجانب مروجي الممنوعات من الكتب والروايات إلى غير ذلك.

التعليقات