تقرير: الإمارات استقطبت أجانب للتجسس على مواطنيها

كشف موقع "ذا إنترسيبت" الإلكتروني المتخصص بالأخبار الإلكترونية عن قيام دولة الإمارات بالتعاون مع شركة "دارك ماتير" الإيطالية من أجل تجنيد خبراء إلكترونيين في مجال القرصنة ومراقبة حواسيب الإماراتيين والمقيمين فيها بشكل جماعي.

تقرير: الإمارات استقطبت أجانب للتجسس على مواطنيها

البناي يتحدث في مؤتمر بدبي، العام الماضي (إكسبوتريد)

كشف موقع 'ذا إنترسيبت' الإلكتروني المتخصص بالأخبار الإلكترونية عن قيام دولة الإمارات بالتعاون مع شركة 'دارك ماتير' الإيطالية من أجل تجنيد خبراء إلكترونيين في مجال القرصنة ومراقبة حواسيب الإماراتيين والمقيمين فيها بشكل جماعي.

ووفقًا لتقرير الموقع، فإن الشركة تعرّف نفسها على أنها تسعى 'لحماية المنظمات الأكثر تعقيدًا، عن طريق التصدي للهجمات الإلكترونية الخبيثة، وتوفير طرق اتصال آمنة، عبر نظام دفاعي لا هجومي يقوم على اقتحام أنظمة الإنترنت من أجل التجسس عليها أو تدميرها'.

وبالفعل، انجذب خبير أمن إلكتروني يدعى سيمون مارغاريتللي لإعلان عمل عرضته الشركة، خصوصًا وأن القدرات المالية للشركة 'ممتازة'، وعند قبوله، قامت بالشركة بإيفاده للإمارات لتقضية عدّة أيام هناك من أجل التعرف على طبيعة العمل، وفور وصوله للإمارات جرى استقباله 'بحفاوة بالغة' في فندق 'جنة مارينا' بإمارة دبي.

فيصل البنّاي
فيصل البنّاي

وعند بدء التعرف إلى عمله، طلب منه مسؤولون في الإمارات أن مجموعة من الهاكرز منتشرة في مختلف مدن الإمارات، منوطة بها 'حماية الأمن القومي' حصرًا، تعمل لحساب جهاز أمن الدولة، قادرة على الدخول لكافة الحواسيب الموجودة في منطقة معيّنة، مركز للتسوق على سبيل المثال.

ورغم العرض السخي، رفض مارغاريتللي العمل، لأنه يريد أن يساعد الناس على مكافحة القراصنة وسد الثغرات الأمنية الإلكترونية وأن يسعى إلى 'جعل العالم مكانًا أفضل'، مثلما يعرف نفسه على موقعه الإلكترونيّ، وعندما عاد إلى بلاده، نشر على موقعه الإلكتروني تعليقًا عنونه باسم 'كيف حاولت استخبارات الإمارات توظيفي للتجسس على شعبها'، وعندها سارعت الشركة لنشر بيان أنكرت فيه ما جاء في المنشور، قائلة إنه كان من المقرر أن يعمل 'مستشارًا فنيًا' للشركة وإن كلامه 'أوهام'.

وقال الموقع إن شهودًا آخرين، فضّلوا عدم الكشف عن أسمائهم، أكدوا تورط 'دارك ماتر' في قضايا مراقبة الإماراتيين عن طريق استقطاب موظفين أوروبيين وأميركان، منهم هاكرز ماهرون لمساعدتها في تنفيذ هجمات واسعة 'لحماية أمن الشركة'، من بينها زراعة برمجيات خبيئة من أجل تتبع من تريد من الأشخاص والجهات، ومن ثم اختراق تلك الحواسيب.

ولا تنكر الشركة أنها تقوم بـ'خدمات الدفاع والاستخبارات الرقمية' كما قال مديرها، فيصل البناعي، الذي أوضح أن شركته تقوم بـ'الدفاع عن شبكة الإنترنت والاتصالات الآمنة'.

واستقطبت الشركة 'مواهب' رفيعة المستوى من جميع أنحاء العالم، بينهم أشخاص عملوا في شركات كبرى مثل 'غوغل' و'سامسونغ' و'كواكوم' و'ماكافي'، واحتفت بما أسمته بأنها 'منقذ الشركات من التهديدات والخروق المستمرة'، ومن بينها الخروق التي طالت المصارف الإماراتية في العام 2015.

وما تطور الشركة واستقطابها خبرات عالمية تحولت من شركة تختص بالدفاع الإلكتروني البحت، إلى طاقم قادر على تنفيذ هجمات إلكترونيّة، عن طريق استغلال الثغرات في الشركات المتعاونة معها لبث برامج خبيثة، تقوم بعده بالتحكم بأي كاميرا أو هاتف خلوي تريد، وحتى أن تتدخل بالرسائل الإلكترونية وأن توقف خدمة الإرسال نهائيًا.

ونفت الشركة أن تكون ممولة من قبل الحكومة الإماراتيّة، مؤكّدة أنها 'ملكية خاصية'، رغم أن لها علاقات تبدو أنها وثيقة مع الحكومة الإماراتيّة، إذ عرفت نفسها، في بيان سابق، بأنها 'حليف إستراتيجي لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة'، وتقع مكاتبها في الطابق الخامس عشر من مقرّ 'قيادة الدار' في إمارة أبو ظبي، ما يعني أنه لا يفصل بينها وبين جهاز أمن الدولة الإماراتي سوى طابق، بل إن الموقع يضيف أن نائب رئيس شركة 'دارك ماتر' كان يشغل منصب نائب رئيس جهاز أمن الدولة سابقًا.

ونقل الموقع عن 'العديد من المصادر' في شركة 'دارك ماتر' قولهم إن الشركة طلبت منهم تنظيم عمليات هجومية (لا دفاعية كما تقول عن نفسها)، من بينها تثبيت عدد من المجسات في أنحاء إمارة دبي، تشتمل على محطات إرسال الاتصال اللاسلكي والطائرات بدون طيار وكاميرات المراقبة والعديد من الأمور الأخرى، إذ يمكن تثبيت المجسات خلسةً من قبل الشركة أو بواسطة شركات الاتصالات ذاتها، التي توافق ضمنًا على المراقبة، وعندها تكون الشركة قادرة على اعتراض وتعديل الحركة عبر جميع أنواع الشبكات، بحيث يكون 'كل شخص يملك هاتفًا أو يستخدم جهاز اتصال عرضةً للتجسس والقرصنة'.

لكن الشركة لا زالت تعاني من بعض المشاكل، أهمها الضعف في تحمل الضغط الهائل، ولحل ذلك، طلبت من باحث إيطالي وباحثين آخرين أن يساعدوها في نشر البرمجيات الخبيثة التي تساعدها على الوصول إلى الأهداف دون أن يتم كشفها.

اقرأ/ي أيضًا | إسرائيل صادقت على بيع برنامج التجسس على آيفون لدولة خليجية

وأفادت تسريبات من بريد إلكتروني للشركة، نشرت العام الماضي، أنها تعاقدت مع موظفين من شركة أميركية تدعى 'سايبر بوينت' عبر عقود وقّعت مع وزارة الداخلية في الإمارات (رغم أن الشركة صرّحت أن ملكيتها خاصة، ولا تتبع الحكومة الإماراتية أو تحصل على تمويل منها)، من أجل اختراق حسابات تويتر ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، بالإضافة إلى ملاحقة صحافيين وناشطين في الإمارات.

التعليقات