دراسة: تقنية حديثة لرصد الزلازل والتنبؤ بها

نجح الباحثون في تسجيل هزات أحدثتها وسائل المواصلات، وأخرى أرضية، وحتى حركة المارة في الطريق تمّ رصدها، كما تمّ تسجيل أي اختلال يحدث في ضغط الكابلات، فكم بالحري تلك التغيرات الحادثة في القشرة الأرضية الناتجة عن تقلص الأرض.

دراسة: تقنية حديثة لرصد الزلازل والتنبؤ بها

توضيحية (Pixabay)

أجرى فريق بحثي في مركز البحوث الألماني لعلوم الجيولوجيا GFZ بحثًا على طريقة حديثة تهدف لتوقّع الزلازل والهزات الأرضية، استخدموا فيها كابلات الاتصالات العابرة للبحار والمحيطات كمجسات لمراقبة نشاط الزلازل، من خلال قياس مدى انتظام حركة الأشعة المنطلقة داخل كابلات الألياف الضوئية “Fiber Optics”، التي تُستخدم لتوصيل الإنترنت أو نقل إشارات التلفاز.

وجرت التجربة التي نشرت تفاصيلها في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" في بداية هذا الشهر، على أحد الألياف الضوئية الموجودة في أيسلندا منذ عام 1994، إذ تمّ توظيفه والتعامل معه كما لو كان جهاز استشعار لتسجيل الإشارات والموجات الزلزالية الطبيعية والاصطناعية، وقد أثبتت التقنية المطوّرة حديثًا "درجة عالية من الحساسية تجاه قياس الاهتزازات" كما يقول قائد الفريق البحثي، فيليب جوسيت، في مقدّمة البحث، ولكنها "ليست جاهزةً للاستخدام على نطاق واسع الآن".

وجرت التجربة بأن أرسل الفريق ومضةً من أشعة الليزر في الكابل البالغ طوله 15 كم، عابرةً إحدى مناطق الصدوع الجيولوجية المعروفة، بعد تثبيت جهاز قياس تداخل الموجات المعروف بـinterferometer؛ لتسجيل ما يطرأ على الموجات من تغيرات، وتمكن العلماء من تحديد ما إذا كان هناك أي هزات على طول الخط ولمسافة بعيدة، مما يمهد لإمكانية رصد قوة الزلازل وقياسها.

ووفقًا لما ورد في الدراسة، فقد نجح الباحثون في تسجيل هزات أحدثتها وسائل المواصلات، وأخرى أرضية، وحتى حركة المارة في الطريق تمّ رصدها. ويقول جوسيت إنّه تمّ "تسجيل أي اختلال يحدث في ضغط الكابلات، فكم بالحري تلك التغيرات الحادثة في القشرة الأرضية الناتجة عن تقلص الأرض وتمددها نتيجة الموجات السيزمية الصادرة من الزلازل، والتي سيتبعها تقلُّص للكابلات وتمدُّد لها".

وتمّ بعدها تحليل إشارة الضوء ومقارنتها بمجموعات البيانات لدى شبكة كثيفة من أجهزة رصد الزلازل وقياسها. لتكشف القياسات عن ملامح هيكلية في باطن الأرض بدقة ووضوح غير مسبوقين وإشارات مقابلة لنقاط البيانات كل أربعة أمتار. ما عُدَّ أكثر كثافةً من أي شبكة رصد للزلازل في جميع أنحاء العالم.

 ويوضح جوسيت في مقدمة البحث أن فكرة البحث مستوحاة من تقنية استخدام كابلات الألياف الضوئية من قِبَل شركات النفط منذ سنوات عديدة.

وفي تعليق له على نتائج البحث، يقول الباحث والمحاضر المستضاف في جامعة لندن، جلال حسن جلال الدين إنّ "قياس أشعة الليزر المارة في الكابلات وتسجيل التغيرات في الضغط الواقع عليها للتنبؤ بالزلازل فكرة واعدة، ولكنها تحتاج إلى المزيد من التطوير".

ولأن الكابلات تحيط الكرة الأرضية كاملةً، كما يوضح جلال الدين، فإن التنبؤ باستخدام هذه التقنية يحتمل أن يكون أكثر دقةً؛ لأن المعلومات سيتم جمعها على مستوى العالم.

الأمر الذي يتفق فيه مع جوسيت، الذي يقول في نهاية المقال المنشور حول البحث إنّ التقنية الحديثة لا تملك إمكانية التنبؤ بالزلازل حتى الآن، ولكننا استطعنا رصد الهزات في أكثر من موقع، ومن خلال هذا القياس المكثف يمكننا أن نتجنب الخطأ في القياس بشكل أفضل.

ويأمل أن يتم تطوير التقنية لاستخدامها في التنبؤ، ولكنها كما يقول لن تُوقف الزلزال، لذا "فحماية الأرواح تتطلب تطوير نظم بناء مطابقة للمعايير الموضوعة، تتناسب مع الدراسات الخاصة بالزلازل".

 

التعليقات