الغاز الطبيعي يهدّد أهداف اتّفاقية باريس للمناخ

أظهر تقرير تحليليّ صدر اليوم الثلاثاء، عن منظمة مراقبة الطاقة العالمية أنّ تزايد النّموّ الكبير في مشاريع بناء أنابيب وموانئ الغاز الطبيعي، يتعارض بشكل كبير مع مساعي تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، الّتي تستلزم  بخفض انبعاثات غازات الدفيئة، التي ينجم معظمها عن إحراق

الغاز الطبيعي يهدّد أهداف اتّفاقية باريس للمناخ

توضيحية (Pixabay)

أظهر تقرير تحليليّ صدر اليوم الثلاثاء، عن منظمة مراقبة الطاقة العالمية أنّ تزايد النّموّ الكبير في مشاريع بناء أنابيب وموانئ الغاز الطبيعي، يتعارض بشكل كبير مع مساعي تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، الّتي تستلزم  بخفض انبعاثات غازات الدفيئة، التي ينجم معظمها عن إحراق الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة.

وبموجب اتفاقية باريس عام 2015، تلتزم الدول بالحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم لتكون أقل بكثير من درجتين مئويتين وبوضع سقف أكثر أمانًا عند درجة مئوية ونصف إن أمكن، عبر تخفيف الانبعاثات، إذ تؤكّد اللجنة الدولية للتغيرات المناخية على أن الطريقة الأكثر أمانًا للوصول إلى حد درجة مئوية ونصف، هي عبر الخفض الفوري لاستهلاك الوقود الأحفوري، بما في ذلك خفض بنسبة 75% في استهلاك الغاز الطبيعي بجميع أشكاله بحلول منتصف القرن الحالي.

إلّا أنّ صناعة الغاز الطبيعي الذي بات الوقود المفضل للعالم تزدهر، ويجري حاليًّا إنشاء أو التخطيط لإنشاء أكثر من 200 ميناء للغاز الطبيعي المسال في العالم، خاصّةً في أميركا الشمالية، بكلفة 1,3 ترليون دولار (أي ما يعادل 1,15 ترليون يورو)، وفق بيانات جمعتها منظمة رقابية مرتبطة بالقطاع.

وبحسب الرابطة الدولية للطاقة، ارتفع استهلاك الغاز بنسبة 4,6% خلال عام 2018 وحده، ليشكل نحو نصف الزيادة العالمية في الطلب على الطاقة، وأرجعت هذه الزيادة الضخمة إلى زيادة الإنتاج بشكل كبير في الولايات المتحدة والطلب الصيني الهائل على بدائل الفحم.

ويؤكد مسؤولون في القطاع والعديد من الحكومات على أن الغاز الطبيعي المسال هو "جسر" بين الفحم ومصادر الطاقة المتجددة كالرياح والشمس؛ لكن القلق يتزايد بشأن التكلفة البيئية للغاز، إذ بينما يعد أفضل من الفحم بالنسبة للأرض، إلا أنه ينتج غازات دفيئة قويّة تتسبب في ارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوي.

وأفاد التقرير أن حجم توسع الغاز الطبيعي المسال حول العالم حالياً يمكن أن يكون له تأثير أكبر على الاحتباس العالمي من توسع محطات الطاقة العاملة بالفحم. ويعود ذلك إلى كمية مركب الميثان الذي ينبعث من الغاز الطبيعي المسال لدى استخراجه ونقله. ويعد الميثان أقوى بأكثر من ثمانين مرّة على المدى القصير من ثاني أكسيد الكربون كغاز ضار بالبيئة.

وقال مدير منظمة "مراقبة الطاقة العالمية"، تيد نيس، إن "التوسع الكبير في قطاع الغاز الطبيعي المسال يتم بسرعة مذهلة، بينما يتضح أن دور الميثان أسوأ بكثير مما كان يُعتقد". وأضاف أنّه "حتى اليوم، لا يزال يُقال إن الغاز الطبيعي هو جسر نحو مصادر الطاقة المتجددة، وهو أمر يتناقض تمامًا مع الحقائق".

وتشير أدلة متزايدة إلى أن أنشطة استخراج وإنتاج النفط والغاز لا تتوافق مع خطة تجنّب الاحتباس الحراري الخارج عن السيطرة.

وقد حذّرت دراسة قام بمراجعتها مجموعة من الخبراء هذا الأسبوع من أن الانبعاثات المستقبلية من غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن البنية التحتية للطاقة سواء الحالية أو المخطط لها قد تجعل من سقف 1,5 درجة مئوية بعيد المنال. ونشر هذه الدراسة فريق من الباحثين من الولايات المتحدة والصين في مجلة "نيتشر" العلمية.

وفي نيسان/ أبريل، أفادت مجموعة "غلوبال ويتنس" الناشطة من أجل البيئة، أن أي استثمار جديد في التنقيب عن الوقود الأحفوري لا يتواءم مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ. وأشارت إلى أن شركات النفط والغاز الكبرى تخطط لاستثمار خمسة ترليون دولار في السنوات المقبلة.

بدوره، أشار نيس إلى أن خطر خسارة جميع الاستثمارات الجديدة في أنابيب الطاقة مع انتقال العالم إلى حلول الطاقة النظيفة، وقال إنّ "الخبر الجيّد هو أن معظم هذه المشاريع لا تزال في مرحلة ما قبل البناء، ولذا لا يزال هناك وقت لتجميد بناء البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال قبل أن نتسبب في في المزيد من التغير المناخي الذي لا يمكن إصلاحه".

التعليقات