الذكاء الاصطناعي والتسويق الرقمي

في الوقت الراهن وبعد الكثير من الاكتشافات الحديثة وتطوير جميع مجالات الحياة ومناحيها، تطور معها أيضا ما يعرف بالذكاء الاصطناعي والذي يعتبر بدوره أحد أهم الملاعب التي يجول ويصول فيها المسوقون الإلكترونيون، حيث أدى هذا الذكاء الاصطناعي لانفجار ثورة في عالم التسوق الإلكتروني.

لم يبقَ الذكاء الاصطناعي حبيس الشركات الكبرى أو حكرا لها، بل تعدى ذلك لمستوى شركات ناشئة ومشاريع صغيرة، حيث أظهرت بعض الدراسات أن أكثر من 50% من الشركات إما تستخدم أو تفكر في استخدام الذكاء الاصطناعي في تسويقها عبر شبكات الانترنت. وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي هذا في مجال تسويق الإنترنت أو ما يعرف بالتسويق الرقمي.

الذكاء الاصطناعي، تعريفه؟

تحدث الإنسان حول هذا المفهوم منذ وقت ليس بقصير، وعبر عنه بفكرة صناعة أو اختراع شيء ما يمكنه محاكاة العقل البشري في نمط التفكير، وانتشرت هذه الأفكار من خلال الصناعات المختلفة كالألعاب الرقمية المطورة والأفلام وغيرها، وتحدثت عنها الأفلام وحول ما ستقيمه من تطور هائل في حياة البشرية جمعاء.

والذكاء الاصطناعي يعتبر أحد فروع علم الحواسيب والتقنيات، وتعرفه بعض المؤلفات على أنه دراسة عميل ذكي، وهذا العميل الذكي أو البرمجية عبارة عن نظام يستوعب ما حوله من بيئة ويستطيع المحاكمة واتخاذ قرارات ومواقف تزيد من فرصه في تحقيق مهمة معينة أو محددة.

وأطلق عليه أيضا علم صنع الآلات الذكية أو أيضا يعرف بأنه قدرة نظام معين على تفسير معلومات وبيانات خارجية بشكل صحيح بالإضافة للتعلم منها وتحقيق أهداف مطلوبة ومحددة بخصوصها عن طريق التكيف والمرونة.

ماذا يعني مصطلح "تسويق رقمي"؟

يعتبر التسويق الرقمي والمعروف أيضا بمصطلح التسويق خلال الإنترنت بأنه عبارة عن طريقة مثالية تساعدك على الترويج لعلامات تجارية تخصك أو حتى منتجات أو خدمات تابعة لك وذلك عبر موارد الإنترنت وبواباته، مثل المواقع الإكترونية أو محركات البحث وغيرها من أنواع وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، ورسائل البريد الإلكتروني بالإضافة إلى تطبيقات الهواتف المحمولة وندوات الإنترنت العديدة.

بشكل مبسط نستطيع إيضاح التسويق الرقمي بأنه عبارة عن كل جهد تسويقي يلزمه أجهزة إلكترونية وبرامج متعلقة بالإنترنت وذلك من أجل القيام بحملات تسويق ثم الترويج لها بشكل جيد. كما عرفه الخبراء بأنه مجموع تكنولوجيا ومعلومات وتقنيات وبيانات متكاملة في ما بينها تساعدك في تسويق منتجات وخدمات جديدة والوصول إلى أسواق جديدة وتطوير ما يلزم من أجل تحسين المحادثة مع الأشخاص والمشترين.

كيف تستفيد من الذكاء الاصطناعي في تسويقك الرقمي؟

بعد أن رأينا كيف تم تعريف كل مصطلح وتحديد هدفه بالوصول إلى فئة العملاء والمستخدمين وكانت الغاية هي التوصل إلى المستخدم بشكل سهل وبلباقة عالية تجذب المستخدمين وتعطيهم دفعا للتواصل أكثر سواء في التسويق الرقمي أو الذكاء المصطنع، سوف نتكلم الآن عن أهم الوسائل للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التسويق الرقمي.

روبوتات التحدث والدردشة

ما يعرف بروبوتات الدردشة أو (chatbots) هي عبارة عن برمجيات حاسوبية، جرى معالجتها وتحديثها بشكل متقن للتحدث مع العملاء عبر الإنترنت، بالتالي تجيب على تساؤلاتهم، وتقدم دعما لهم، وتساعدهم في إكمال شرائهم كما أنه بالإمكان دمج الروبوتات الخاصة بالدردشة مع مواقع التواصل الاجتماعي.

تعزز الروبوتات التفاعلية مع علامتك التجارية وتحسن تجارب الأداء مع عملائك من خلال تقديم الدعم في أي وقت على مدار 24 ساعة، كما يمكنها التعامل مع أكثر من عميل في آن واحد، وتتميز بالكلفة الخفيفة، ومشابهتها للبشر في التعامل.

التسعير ديناميكيا

هو استراتيجية معينة تخص التسعير حيث يتم تحديد السعر وفقا لحجم طلب المنتج وتوافره في التخزين، إضافة لملف العميل الشخصي، حيث تستطيع برامج الذكاء الاصطناعي أن تحلل بياناتك الشخصية عبر ملفات تعاريف الارتباط (Cookies) وتاريخ زياراتك وعمليات بحثك إضافة إلى نشاطاتك الرقمية.

وبناءً على هذا الأمر يحدد سعر المنتجات بشكل ديناميكي، كمثال عنها تسعير مواقع حجز في فنادق، حيث تنزل وتعلو الأسعار بشكل ديناميكي على حسب معدلات المواسم السياحية أو امتلاء الغرف أو الحجز أو تاريخ العميل.

إعلانات موجهة

استخدام ملفات ارتباط وتواريخ التصفح، يمكّنك الذكاء الاصطناعي من توجيه عملائك بناءً على معايير محددة كالمناطق الجغرافية والجنس وحتى العمر، وغيرها. نرى ذلك واضحا في "جوجل"، حيث عندما تبحث عن شيء في "جوجل" وتنتقل إلى "يوتيوب" فإنك سترى إعلانات تشبه ما كنت تبحث عنه ولها علاقة بما قرأته في "جوجل". استثمرت "جوجل" هذه التقنيات للذكاء الاصطناعي، في تسويقها وذلك بعد محاكاة وتحليل النشاطات، وفقا لاهتمامك.

تحليل بيانات

أحد أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مجال التسويق الرقمي، حيث من المهم جدا في الوقت الراهن أن يتم الاعتماد على تحليل بيانات العملاء لأجل التسويق، لأنه أصبح لدينا كمية ضخمة من بيانات العملاء، وبالتالي يتم تحليلها وصياغة رسائل تسويقية جذابة وفقا لكل حالة. يفوق هذا النمط قدرة الإنسان وسرعته، فيجب العمل على هذا النمط التقني بشكل كبير.

فهم عملائك

يستخدم الذكاء الاصطناعي هذا الشكل من فهم العملاء، فيقدر المسوق على فهم ما يتكلم به المستهلكون حول علاماتهم التجارية، حيث أن هناك أدوات تراقب الشبكات الاجتماعية وتحلل أقوال الناس سواء من مدح أو ذم أو حياد.

تخصيص محتواك وتوصيته

توصية أو معالجة المحتوى هو أحد أفضل الأمثلة التي يشارك التسويق الرقمي بالذكاء الصناعي فيها وذلك عن طريق تحليل الأنشطة الخاصة بزوار المواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية، وبالتالي تقديم توصيات حول منتجاتك ومحتواك الذي يلائم المستهلكين ويجعلهم يقضون أوقات أطول في موقعك. خير مثال على ذلك هو مواقع التجارة الإلكترونية كما "أمازون" حيث يقترح على زواره منتجات تتوافق مع ما يبحثون عنه.

أسلوب اختبارات A/B

يعمل هذا الأسلوب التسويقي على المقارنة بين نسختين من صفحة في موقع وذلك لاكتشاف أي نسخة يتعامل معها العملاء بإيجاب وبشكل أفضل، أي معرفة النسخة التي لها معدل أقوى من التحويل.

إن اختبارات A/B تعتبر عملية وذات تعقيد لأنها تتطلب تحليل بيانات كثيرة، لذا فإن عمل ذلك بشكل يدوي يتطلب وقتا كبيرا. يمكننا الذكاء الاصطناعي من توفير الجهد والوقت وتأمين ما يلزم من أدوات لإجراء هذه الاختبارات، وتحليل النتائج بشكل أفضل وأدق من الإنسان وبعيدا عن الأخطاء.