هل ينبغي أن يكذب الآباء على التطبيقات بمعلومات أطفالهم؟

تشير معظم التطبيقات، أنّ هذه المعلومات التي على المستخدمين تقديمها، بشأن أنفسهم أو بشأن أطفالهم، إنّما هي من أجل "تحسين استخدام التطبيقات"... لكن هل هذا هو السبب حقًّا؟

هل ينبغي أن يكذب الآباء على التطبيقات بمعلومات أطفالهم؟

(Getty)

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة، تقريرًا حول السياسات الجديدة لشركات التكنولوجيا، في تتبّع معلومات المستخدمين، وأساليب الاستفادة منها، على حساب المستخدمين أنفسهم.

شكاوى عديدة في هذا الصدد بدأ يطلقها المستخدمون عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، كان آخرها بعد أن بدأت شركة "ديزني بلس" من خلال موقعها، الطلب من المستخدمين إدخال تاريخ ميلاد أطفالهم الدقيق من أجل مواصلة البثّ، وفي هذا الصدد، يواجه الآباء والأمّهات خيارًا من اثنين؛ إمّا الإذعان لما تطلبه هذه المواقع، أو الكذب من أجل استكمال المشاهدة.

وبالنسبة لشركات التكنولوجيا، فإنّه يمكن القول إنّها تعرف بالفعل كلّ شيء عن مستخدميها، بما فيها مواقعهم واهتماماتهم وربّما تفاصيل هم أنفسهم لا يعرفونها، من خلال المعلومات المقدّمة من قبل المستخدمين، سواء برغبتهم، أو من خلال ملفّات جمع الارتباط، التي تتيح للشركات جمع المعلومات عن مستخدميها.

وقال أحد الأهالي الذين أبدوا اعتراضهم على ما تقوم به الشركة من جمع المعلومات حول أطفالهم، دان رايلي "أشعر بعدم الارتياح، من الواضح أنّ أطفالي لا يمكنهم الموافقة على إنشاء هذا الملفّ الشخصيّ".

لماذا تريد الشركات هذه المعلومات؟

(Getty)

في العادة، تطالب معظم التطبيقات بتأكيد السنّ، خاصّة لإثبات أنّ المستخدمين هم فوق 13 عامًا عند إنشاء حساب جديد، إلّا أنّ الأمر لم يكن يتطلّب إدخال تواريخ ميلاد دقيقة، وتحاول الشركات الآن، تغيير القواعد فيما يتعلّق بالعمر، حيث تطلب تفاصيل الأعمار الدقيقة من أجل الاستمرار في الاشتراك بالخدمات.

مواقع التواصل الاجتماعيّ تعتمد كذلك على تقنيّة التحقّق من العمر منذ عام 2019، وبدأت في عام 2021، في طلب التفاصيل الدقيقة، من أجل "توفير تجربة مناسبة للمستخدمين القاصرين" على حدّ تعبير الشركة، بالإضافة إلى إتاحتها لأدوات تصلح لإلغاء الاشتراك في بعض الفئات الإعلانيّة بالنسبة للمستخدمين.

وتشير معظم التطبيقات، أنّ هذه المعلومات التي على المستخدمين تقديمها، بشأن أنفسهم أو بشأن أطفالهم، إنّما هي من أجل "تحسين استخدام التطبيقات".

كثير من المستخدمين يتساءلون عن السرّ أيضًا وراء ظهور إعلانات على صفحاتهم الشخصيّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، والتي غالبًا ما تكون موجّهة، من خلال خاصيّات تتبّع الـ"كوكيز"، والتي أصبحت محلّ جدل كبير، وتضع مفهوم الخصوصيّة لبيانات المستخدمين على المحكّ.

ووفق خبراء تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعيّ أو البثّ، فإنّ كثير من المواقع تتيح جمع المعلومات حول سلوكيّات المستخدمين، من أجل استهدافهم بإعلانات موجّهة، إذ تُباع هذه المعلومات التي تجمعها المواقع والتطبيقات للمعلنين بشكل مباشر وغير مباشر، وبمبالغ باهظة.

وحسب بيانات أطلقتها بعض التطبيقات، مثل "إنستغرام" و"فيسبوك"، فإنّ هناك تحديثات جديدة سوف يجري إطلاقها، تتعلّق بـ"حماية خصوصيّة بيانات المستخدمين".

لماذا يخاف الآباء من مشاركة معلومات أطفالهم؟

(Getty)

إنّ تاريخ الميلاد الدقيق، يُعتبر جزءًا من المعلومات الشخصيّة، والتي عادة ما يمكن استخدامها من أجل تحديد الهويّة، ويمكن أن تقود إلى معلومات أكثر أهميّة، مثل معلومات تتعلّق بالبنك، أو الهويّة الشخصيّة وغيرها، لكن ما يحدث، هو أنّ معظم الأطفال، ليست لديهم "البصمة" على شبكة الإنترنت بعد، مثل العديد من الآباء والأمّهات الذين يستخدمون الإنترنت منذ سنوات طويلة، ويجري تعقّب معلوماتهم وتجميعها، واستغلالها في سوق الإعلانات الذي يقدّر بمليارات الدولارات على الإنترنت.

وأبدى العديد من الآباء مخاوفهم عبر شبكات التواصل الاجتماعيّ، من أنّ جمع المعلومات لا يتعلّق فقط بـ"استهداف الإعلانات"، وإنّما هناك ما هو أبعد من ذلك، إذ إنّ التطبيقات والشركات، يمكن أن تستخدم هذه المعلومات من أجل تخصيص المحتوى، والتوصيات، وكسب المزيد من الأموال على حساب معلومات المستخدمين، الذين لا يجنون من ورائها أيّ شيء، وإنّما يتمّ تقديمها للشركات مجانًا.

وقالت مستشارة السياسات في "كومن سينس ميديا"، إيرين لي، "تقوم الشركات بالفعل بجمع الكثير من المعلومات عن مستخدميها، بحيث تكون قادرة على استنتاج أعمارهم الحقيقيّة".

وأشار بعض الخبراء إنّ الحلّ في تجنّب هذا الأمر، هو الكذب! وهذا ما قاله أيضًا الناشط التشريعيّ في مؤسّسة "الحدود" الإلكترونيّة، هايلي تسوكاياما: "اكذبوا… هذا أمر مخزٍ، لا يمكننا الوثوق بهذه المواقع حقًا. والكذب لا بأس به في هكذا حالة".

التعليقات